يأتي عيد الأم كل عام محمّلاً بالمشاعر الدافئة والهدايا التي تسعى لإسعاد الأمهات، لكن بين الاحتفاء العاطفي والطابع التجاري للمناسبة، يبرز تساؤل مهم: هل أصبح عيد الأم مجرد فرصة لتحقيق الأرباح أم أنه لا يزال يحمل قيمته المعنوية في تكريم الأم وتقدير دورها الحقيقي في المجتمع؟
موضوعات مقترحة
الجذور التاريخية لعيد الأم
يعود أصل عيد الأم إلى تقاليد قديمة في الحضارات المختلفة، لكن صيغته الحديثة بدأت في أوائل القرن العشرين، عندما دعت الناشطة الأمريكية "آنا جارفيس" إلى تخصيص يوم لتكريم الأمهات، كنوع من الامتنان لما يقدمنه من تضحيات. ومنذ ذلك الحين، تبنّت العديد من الدول هذا التقليد، مع اختلاف التواريخ حسب الثقافة المحلية. في العالم العربي، يُحتفل بعيد الأم في 21 مارس من كل عام، وهو تقليد بدأه الصحفي المصري مصطفى أمين عام 1956 بعد استلهامه من قصة أم كرّست حياتها لرعاية أبنائها.
عيد الأم
الاحتفاء والتسويق من المشاعر إلى التجارة
مع اقتراب عيد الأم، تمتلئ الأسواق بالهدايا والعروض الخاصة، حيث تستغل المتاجر المناسبة لتحقيق أرباح ضخمة. تُباع الورود، والمجوهرات، والأجهزة المنزلية، وحتى الرحلات السياحية كوسائل لإظهار التقدير للأمهات.
وتلعب الإعلانات دورًا أساسيًا في توجيه المستهلكين نحو شراء هدايا معينة، مما يجعل البعض يشعر بأن العيد أصبح مناسبة تجارية أكثر من كونه يومًا لتقدير الأم بصدق.
ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور محمد إبراهيم: "عيد الأم تحوّل إلى موسم شرائي ضخم، حيث تستغل الشركات مشاعر الأبناء لدفعهم نحو الشراء، مما قد يخلق ضغوطًا مالية على بعض الأسر التي لا تستطيع تحمل تكاليف الهدايا الفاخرة".
عيد الأم
اقرأ أيضًا:
تكليف رسمي من وزارة التعليم للمدارس حول عيد الأم
الفقدان لا يبرر إلغاء الاحتفال.. حسام موافي يتحدث عن أهمية عيد الأم
تكريم الأم.. هل يكفي يوم واحد؟
رغم أهمية تخصيص يوم للاحتفاء بالأمهات، يرى كثيرون أن مكانة الأم لا ينبغي أن تُحصر في يوم واحد فقط. فالتقدير الحقيقي يكون عبر الرعاية والاحترام المستمرين، وليس فقط بتقديم الهدايا السنوية.
في حديثنا مع السيدة فاطمة محمود، وهي أم لخمسة أبناء، قالت: "أقدّر هدية أطفالي في عيد الأم، لكن ما يسعدني أكثر هو احترامهم لي واهتمامهم بي طوال العام. الهدية الحقيقية هي أن أشعر أنني لم أُنسَ بعد أن كبروا".
عيد الأم
بين الواجب والاحتفال
يشير الخبراء الاجتماعيون إلى أن بعض الأبناء يرون عيد الأم مجرد التزام اجتماعي، حيث يشترون هدية دون التفكير في المعنى الحقيقي وراءها. يقول الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس الاجتماعي، بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية: "على المجتمع أن يركز على غرس ثقافة الاحترام والعناية بالأم طوال الوقت، وليس فقط في يوم واحد. فالاحتفاء الحقيقي بالأم لا يُقاس بحجم الهدية، بل بمدى التقدير الذي تحظى به في حياتها اليومية".
عيد الأم
عيد الأم بين العاطفة والاستهلاك
لا شك أن عيد الأم يحمل مشاعر جميلة وفرصة للتعبير عن الامتنان، لكنه أيضًا أصبح فرصة تجارية تستغلها الأسواق. وبينما تختلف وجهات النظر حول أهميته، يبقى السؤال الأهم: هل يكفي يوم واحد في العام لتكريم من كرّست حياتها لأبنائها؟
ربما يكون الجواب في الأفعال اليومية، لا في الهدايا المؤقتة.