بابتسامة يملؤها الفخر والسعادة، قالت هانم مصطفى عبد الفتاح سليم، البالغة من العمر 59 عامًا الحمد لله فبعد رحلة كفاح طويلة، حصلت على لقب الأم المثالية على مستوى محافظة دمياط، بعد أن أبلغني الدكتور جمال زين الدين، وكيل وزارة التضامن بدمياط، وقال لي بالحرف أنه تكريم مستحق عن سنوات من التضحية والإصرار.
موضوعات مقترحة
في عام 1991، تزوجت من شاب يعمل مع والده في محل جزارة، بينما كانت تعمل موظفة بإحدى المصالح الحكومية، رزقت العائلة بأول مولود عام 1992، ثم بابنة عام 1995، وطفلتها الثالثة عام 1999، و«كانت الحياة تبدو مستقرة»، هكذا تصف الأم المثالية في دمياط وضعها الأسري، قبل إصابة زوجها بمرض لوكيميا الدم في نفس عام ولادة ابنتهما الصغرى، لتبدأ مرحلة جديدة من الصراع؛ حيث تم احتجازه فترة في معهد الأورام بالقاهرة، حتى جاء الرحيل المفاجئ، لتبدأ مسؤولية جديدة.
استمرت رحلة علاج الزوج عدة أشهر، لم تتركه فيها زوجته يومًا، لكن المرض انتصر في النهاية، ليرحل عام 1999، تاركًا هانم وحيدة مع ثلاثة أطفال، أكبرهم في السادسة، وأوسطهم في الثالثة، وأصغرهم رضيعة لم تكمل شهرين.
زادت الأعباء على الأم، خاصة مع عدم وجود معاش للزوج، واضطرت إلى تدبير كل شؤون الحياة براتبها الحكومي فقط.
ورغم هذه الظروف، أصرت على التمسك ببيت العائلة، لتوفر لأبنائها الاستقرار النفسي، بل وواصلت رعاية حماتها المريضة التي كانت قعيدة على كرسي متحرك.
لم تقتصر تضحياتها على العمل وإدارة المنزل، بل كانت تذاكر لأطفالها بنفسها، دون اللجوء إلى دروس خصوصية.
وبفضل مجهوداتها، تفوق أبناؤها جميعًا؛ حيث الابن الأكبر السعيد علي 32 عامًا، تخرج في كلية الصيدلة بتقدير جيد جدًا، وسافر للعمل في الخارج، وتزوج من خريجة علاج طبيعي.
والابنة الثانية مي علي حصلت على ماجستير في التربية، وتزوجت، بينما كان والد زوجها عميدًا لإحدى الكليات، والابنة الصغرى منى علي، تخرجت في كلية التربية النوعية، ثم حصلت على دبلومة مهنية، وهي حاليًا تستكمل الماجستير.
لم يكن حب هانم للتعليم محصورًا في أبنائها فقط، بل قررت أن ترفع من شأنها المهني والعلمي، التحقت بجامعة المنصورة وحصلت على بكالوريوس تجارة، وترقيت وظيفيًا من سكرتيرة إلى مفتش مالي، ولم تكتفِ بذلك.
ففي عام 2017 حصلت على ليسانس الحقوق، ثم واصلت مسيرتها حتى نالت الماجستير في القانون العام والاقتصاد عام 2021، وهي الآن تستعد لنيل الدكتوراه.
بعد كل هذه الرحلة الملهمة، جاء تكريمها كأم مثالية ليكون بمثابة تقدير لكل سنوات النضال، فكانت كلماتها البسيطة «فرحتي عوضتني عن سنين تعب» تعكس بصدق قصة امرأة عظيمة لم تستسلم للصعاب، بل صنعت من التحديات نجاحًا وأملًا.
تذكرت من صغري أول مواجهة صحية بعد تعرضي لارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة، مما أثّر على سمعي وأصابني بإعاقة سمعية، جعلتني أحتاج إلى سماعة أذن، لم يوقفني ذلك عن مواصلة تعليمي، فحصلت على دبلوم فني كخطوة أولى في مسيرتي التعليمية، وأكملتها حتي حصلت على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة.