سبحان من أودع في كل قلب ما يشغله...
عندما تتصفح "فيسبوك" تفاجأ بعالم غريب..
صداقات مزيفة... صور مفبركة... تعليقات متطرفة..
أشخاص يمارسون الحب والكراهية بلا عاطفة صادقة..
مشاعر مزيفة، ومثاليات مزيفة، ووطنية وقومية وانتماءات وحكم ومواعظ مزيفة، قد لا تنطبق على كاتبها الذي نعايشه ليل نهار أصلًا!!
خناقات وشتائم بين جماهير ناديي مباراة القمة التي لم تُلعب، إشادات بمسلسلات تافهة، وانتقادات لبرامج جادة.. والغريب أن معظمنا يعرف هذا ولكنه يعيش الحالة على أنها حقيقة.
أغلب المنشورات لا تعبر حقيقة عن ناشرها، ولكنها تعبر عن الحالة التي يتمناها ويرغب أن يكون عليها، فيظهر للناس شخصيته التي افتقدها في حياته الطبيعية، فيحاول جاهدًا إظهارها للعيان بكل الطرق الممكنة على أنها كاملة وجذابة وشجاعة، أو العكس، لأنه عالم افتراضي مسموح فيه للجميع بأن يكونوا أبطالًا خارقين.
فعلا.."فيسبوك" دوامة ابتلعت الكثير من قيمنا الدينية والاجتماعية، وسلبتنا أعز ما نملك وهو الوقت الذي هو عصب الحياة وأساس النجاح.. حقًا إنها "صدمة الابتذال"!!
وعلى غرار ما يحدث من "نقض العهود" التي تعج بها صفحات التواصل الاجتماعي، يواصل بنو إسرائيل سياسة "نقض العهد" منذ نشأتهم وحتى تاريخه، استأنف الاحتلال الصهيوني، فجر اليوم "الثلاثاء"، عدوانه الغاشم والمفرط للقوة على قطاع غزة، بسلسلة غارات واسعة وأحزمة نارية، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 200 فلسطيني، وذلك ضمن خطة جديدة للتصعيد في قطاع غزة، بدأت بمنع دخول المساعدات والشحنات الغذائية ليصوم شعب غزة بدون إفطار منذ بداية رمضان!!
لجنة الأمم المتحدة الخاصة للتحقيق في الممارسات الإسرائيلية، قالت في تقريرها مؤخرًا: إن "حرب إسرائيل في غزة تتوافق مع خصائص الإبادة الجماعية مع سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى والظروف المهددة للحياة المفروضة عمدًا على الفلسطينيين هناك".
ويوثق التقرير كيف أن حملة القصف الإسرائيلية المكثفة في غزة دمرت الخدمات الأساسية وتسببت في كارثة بيئية ستكون لها آثار صحية طويلة الأمد.
وقالت اللجنة: منذ بداية عام 2024، تم إسقاط 28 ألف طن من المتفجرات- بما يعادل قنبلتين نوويتين- على غزة مما تسبب في دمار واسع وانهيار أنظمة المياه والصرف الصحي وتدمير الزراعة والتلوث السام.
وعلى مدار حياتنا رأينا عشرات المرات التي نقض فيها اليهود عهودهم، وشهدت غطرستهم وكبرهم وتجاوزاتهم، ولمسنا بأم أعيننا أفعالهم التي تثبت بما لا يدع مجالًا للشك صدق القرآن الكريم في بيان ذلك، فقال سبحانه: "أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ".
هذه الآية تصف خلقًا متجذرًا في بني إسرائيل، وهو نقض العهود والمواثيق، إذ لم يكونوا يومًا أهل وفاء، بل سرعان ما ينقلبون على عهودهم كلما وجدوا إلى ذلك سبيلًا، فطباع اليهود لا تعرف الوفاء، وإنما تعرف الغدر، والانحراف، والالتواء.
لقد عاش النبي ﷺ بين اليهود في المدينة، فعاهدهم ووقع معهم مواثيق، لكنهم لم يلبثوا أن خانوا العهد وتحالفوا مع المشركين ضده، وهذه الحقيقة لا تتغير عبر العصور، مهما حاول الإعلام المضلل تزوير الحقائق، فما من أمة من الأمم تناول القرآن تفصيل نشأتها، وتاريخ تكوينها، وبيان أحوالها، وخصائص شخصيتها، ودقائق مواقفها، ودخائل نفوس أفرادها مثل أمة اليهود.
عبد الله بن سلام بن الحارث كان حبرًا من علماء يهود بني قينقاع، وأشدهم دهاء، وبعد إسلامه قال للنبي (ﷺ): "إن اليهود قوم بهت، كذابون، ممارون لا يرجعون إلى الحق".
والقرآن سجل عليهم من السفاهة، والوقاحة ما لم يسبقهم إليه أحد؛ حتى لقد بلغوا في ذلك أن وصفوا ربهم الذي خلقهم بالبخل ـ قاتلهم الله ـ كما قال تعالى حاكيًا عنهم: "وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ"، ووصفوه بالفقر ـ تعالى عما يقولون علوًا كبيرًا ـ: "لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ"!!.
كما كشف القرآن الكريم عن طبيعة اليهود، وجبلتهم، وأخلاقهم، وأفعالهم، ليحذر المسلمون من أن ينخدعوا بمعسول القول منهم، ولا يغتروا منهم بمواثيق، ولا عهود، فقال تعالى: "أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ"، فكان عقابهم ما حل عليهم من غضبه ولعنته، وقسوة قلوبهم. وعذابهم في الآخرة أشد وأنكى، قال الله تعالى ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾. وإنك لترى قسوة قلوبهم في قتل النساء والأطفال والركع السجود والمرضى وحرقهم بقنابلهم المصنعة أمريكيًا.
وبسبب نقضهم للمواثيق والعهود، سلط الله عليهم من يسومهم سوء العذاب، فسلط عليهم البابليين والصليبيين فطاردوهم وعذبوهم وقتلوهم، وسلط عليهم النازيين فأحرقوهم وهم أحياء، وسلط عليهم المسلمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأجلوهم من ديارهم بسبب نقضهم للعهود والمواثيق، وقُتل طائفة من رجالهم وسبيت ذراريهم لما حالفوا الأحزاب والمنافقين، وسلط عليهم المصريين فلقنوهم في رمضان 1973 أكبر هزيمة في العصر الحديث، وإن شاء الله قريبًا ستتكرر هزائمهم وتهجيرهم وطردهم في البلاد، وإسقاط فكرة الملاذ الآمن لليهود التي نشأ على أساسها المشروع الصهيوني بفلسطين.
..وأخيرًا: "اللهم اشغل قلوبنا بما خلقتنا لأجله.. ولا تشغلنا بما خلقته لأجلنا".