البنك الدولي: نمو الاقتصاد المصري تدريجيًا مدفوعًا بتحسن تحويلات المصريين بالخارج والاستثمارات

18-3-2025 | 14:02
البنك الدولي نمو الاقتصاد المصري تدريجيًا مدفوعًا بتحسن تحويلات المصريين بالخارج والاستثماراتالاقتصاد المصري
دعاء عبد المنعم

رغم التوترات الجيوسياسية العالمية والإقليمية وآثارها الشديدة، تمكن الاقتصاد المصري من تجاوز هذه التحديات، وهو ما تم إثباته من خلال الانتهاء مؤخرًا من المراجعة الرابعة لبرنامج قرض تسهيل صندوق النقد الدولي الممتد (EFF).

موضوعات مقترحة

كما يتضح ذلك من خلال المؤشرات والتوقعات الخاصة بالبلاد الواردة في التقارير الرئيسية الصادرة عن المؤسسات المالية الدولية (IFIs)، بما في ذلك البنك الدولي.

شاركت أهرام أونلاين أسئلتها مع فريق البنك الدولي لوضعنا في الصورة الأوسع بشأن أحدث التوقعات للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية بشكل عام، وللاقتصاد المصري بشكل خاص.

تُنسب الإجابات هنا إلى المتحدث باسم البنك الدولي في مقر البنك في واشنطن العاصمة، بالإضافة إلى سارة النشار -اقتصادي أول بقطاع السياسات الاقتصادية في البنك الدولي..

** ما العوامل الرئيسية التي تساهم في استقرار توقعات النمو في الاقتصادات النامية؟

من المتوقع أن تظل معدلات النمو في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية عند حوالي 4% في عامي 2025-2026. 

يأتي هذا الاستقرار في ظل تباطؤ متوقع في الاقتصاد الصيني، والذي يعوضه انتعاش ملحوظ في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية الأخرى. وتشير التوقعات إلى أن الانتعاش الاقتصادي سيكون واسع النطاق، حيث من المتوقع أن تزيد معدلات النمو في نحو 60% من اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. 

من المتوقع أن يشهد النشاط الاقتصادي في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية دعماً ملحوظاً خلال العامين القادمين. يأتي هذا الدعم من خلال تخفيف السياسة النقدية العالمية، وتعافي الدخول الحقيقية، وتحسن الطلب المحلي، بالإضافة إلى التوسع التدريجي في النشاط التجاري والصناعي.

رغم التوقعات الإيجابية، فإن جائحة كورونا والصدمات اللاحقة تركت أثراً دائماً على اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. فمن المتوقع أن يظل مستوى الناتج في هذه الاقتصادات أقل بأكثر من 5% من اتجاهاته التي كانت سائدة قبل الجائحة بحلول عام 2026. 

** بحسب ما جاء في التقرير، من المتوقع أن تكون السنوات الخمس والعشرون المقبلة أصعب بالنسبة للاقتصادات النامية مقارنة بالسنوات الخمس والعشرين الماضية. 
هل يمكنكم إلقاء المزيد من الضوء على الأسباب الرئيسية لذلك؟

شهدت بداية القرن الحادي والعشرين أهمية محورية لاقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. 

فعلى الصعيد العالمي، كان هناك توافق واسع في الآراء بشأن فوائد التجارة عبر الحدود، مما أدى إلى استعداد قوي لإبرام اتفاقات للتجارة الحرة. وعلى الصعيد المحلي، قام العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة والنامية بتدعيم أطر سياستها النقدية والخاصة بالمالية العامة، ونفذت إصلاحات هيكلية لتحسين أداء الأسواق المحلية. وفي هذه البيئة المواتية، شهدت اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية نمواً قوياً خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وقد انعكس هذا النمو الإيجابي بشكل واضح على معدلات الفقر المدقع، التي انخفضت بسرعة ملحوظة.  

في عام 2025، يبدو العالم مختلفاً تماماً عما كان عليه في السابق. فقد أدى تصاعد التوترات التجارية والأزمات الجيوسياسية إلى تغيير جذري في مشهد التجارة العالمية خلال السنوات الأخيرة. كما أصبحت الكوارث المرتبطة بالمناخ أكثر تواتراً وتكلفة. وهذا أدى إلى زيادة الأعباء على الاقتصادات العالمية. بالإضافة إلى ذلك، قفزت أعباء الديون إلى مستويات غير مسبوقة. وشهد الدين الحكومي في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية ارتفاعاً ملحوظاً، حيث قفز من أقل من 40% في عام 2010 إلى 70% في عام 2024، وفقاً للمتوسطات المرجحة لإجمالي الناتج المحلي. وهذا المستوى هو الأعلى منذ عام 1970، مما يعكس التحديات المالية الكبيرة التي تواجهها هذه الاقتصادات. 

في الوقت نفسه، تعثر التقدم المحرز في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتباطأ نمو الاستثمار والإنتاجية، وهما محركان رئيسيان للنمو في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. 

يتوقع البنك الدولي أن يشهد النمو المحتمل في اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية انخفاضاً ملحوظاً خلال عشرينيات القرن الحالي. فمن المتوقع أن يصل هذا النمو، الذي يمثل أقصى معدل للنمو دون التسبب في ارتفاع معدلات التضخم، إلى 4.1% سنوياً، مقارنة بنسبة 5.3% في العقد الثاني من القرن و5.9% في العقد الأول منه. 

** التقرير يشير إلى تحديات خطيرة تواجه الاقتصادات النامية في المستقبل القريب.. هل يمكنكم توضيح المزيد من الجوانب المتعلقة بهذا الشأن؟

تبدو آفاق النمو في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية غير كافية لتعويض الأضرار الاقتصادية الناتجة عن عدة سنوات من الصدمات السلبية المتتالية، وهذا الوضع يؤدي إلى آثار ضارة، وخاصة في البلدان الأكثر تعرضاً للمخاطر. بالإضافة إلى ذلك، تحيط بالآفاق الاقتصادية درجة كبيرة من عدم اليقين، حيث يميل ميزان المخاطر نحو الاتجاه السلبي. 

قد تكون معدلات النمو أقل مما كان متوقعاً بسبب التغيرات السلبية المحتملة في سياسات التجارة وزيادة حالة عدم اليقين بشأن السياسات بوجه عام. وتشكل الزيادة الكبيرة في التدابير المقيدة للتجارة، التي تنفذها بشكل رئيسي الاقتصادات المتقدمة، تهديداً للتجارة العالمية والنشاط الاقتصادي. هذه التدابير تؤثر سلباً في كثير من الأحيان على اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية. 

إلى جانب التحولات والتغيرات في السياسات التجارية، يمكن أن تؤدي الزيادة المستمرة في حالة عدم اليقين التي تحيط بالسياسات الاقتصادية العالمية إلى إضعاف معدلات النمو، خاصة في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية. ويمكن أن تؤدي التوترات الجيوسياسية المتزايدة، مثل الصراعات المتعلقة بالغزو الروسي لأوكرانيا، والأحداث في الشرق الأوسط، وعدم الاستقرار في أماكن أخرى، إلى تعطيل التجارة العالمية وأسواق السلع الأولية، مما يؤثر سلباً على معدلات النمو. وفي اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية المتأثرة، يمكن أن تؤدي الصراعات الشديدة إلى تراجع كبير في تحقيق الأهداف الإنمائية، وخسائر كبيرة وطويلة الأجل في الناتج الاقتصادي. وتشمل المخاطر الأخرى ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة الظواهر المناخية بالغة الشدة المرتبطة بتغير المناخ، وضعف النمو في الاقتصادات الكبرى.

** يتوقع التقرير أن يرتفع النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عامي 2024 و2025. ما هي الأسباب الرئيسية التي تدعم ذلك؟

أشارت التقديرات إلى ارتفاع معدلات النمو في المنطقة إلى 1.8% في عام 2024، مقارنة بنحو 1.7% في العام السابق، وهو ما يزال معدل نمو ضعيف. وقد ساهم النشاط غير النفطي القوي في البلدان المصدرة للنفط، خاصة دول مجلس التعاون الخليجي، في تحقيق هذا التحسن الطفيف. وقد دعم هذا النشاط مرونة أسواق العمل وقدرتها على امتصاص الصدمات، بالإضافة إلى انتعاش تدفقات رأس المال.

من المتوقع أن يرتفع معدل النمو في المنطقة إلى 3.4% في عام 2025، مدفوعاً بشكل رئيسي بالزيادة التدريجية في إنتاج النفط من قبل الدول الأعضاء في أوبك+. وبالإضافة إلى ذلك، ومع توقع تراجع الضغوط التضخمية، من المتوقع أيضا أن ينتعش النشاط الاقتصادي في البلدان المستوردة للنفط.

تحيط بالآفاق الاقتصادية للمنطقة في عام 2025 درجة عالية من عدم اليقين، وسط العديد من المخاطر المحتملة للتطورات السلبية. 

وتشمل المخاطر التي تهدد الآفاق الاقتصادية للمنطقة في عام 2025 احتمال تصاعد الصراعات والعنف من جديد، وتمديد تخفيضات إنتاج النفط التي قررتها دول أوبك+ بسبب ضعف الطلب العالمي على النفط. كما تشمل المخاطر انخفاض الصادرات، خاصة في البلدان المستوردة للنفط، نتيجة زيادة التدابير الحمائية التي يتخذها الشركاء التجاريون الرئيسيون.

** في السياق ذاته، أبقى التقرير على توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لمصر في السنة المالية 2024/2025، مشيرًا إلى معدل نمو يبلغ نحو 4.2% في السنة المالية 2025/2026. ما هي العوامل الرئيسية وراء هذه التوقعات؟

تسعى مصر إلى تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي وتنفيذ إصلاحات هيكلية بدعم من التسهيل الممدد لصندوق النقد الدولي، وقروض تمويل سياسات التنمية من البنك الدولي، والمساندة المقدمة من الاتحاد الأوروبي لإصلاح أنظمة المالية العامة والاقتصاد الكلي، إلى جانب التمويل المقدم من شركاء التنمية. 

ومنذ مارس 2024، ساهمت إجراءات ضبط أوضاع الاقتصاد الكلي وخطوات الإصلاحات الهيكلية، إلى جانب التمويل الذي تم ضخه، بما في ذلك الاستثمارات الكبيرة من دولة الإمارات العربية المتحدة في مشروع رأس الحكمة، في تحقيق تأثير إيجابي فوري على الحد من المخاطر التي تواجهها مصر. ومن المتوقع أن يبدأ النمو في التعافي التدريجي - من 2.4% في السنة المالية 2024 إلى 3.5% و4.2% في السنتين الماليتين 2025 و2026 على التوالي - مدفوعا بتأثيرات فترة الأساس الإيجابية، بالإضافة إلى تحسن الاستهلاك الخاص وتراجع التضخم تدريجيا واستمرار زيادة تحويلات المصريين في الخارج، فضلا عن زيادة الاستثمارات، وخاصة استثمارات دولة الإمارات في مشروع رأس الحكمة. وعلى الجانب القطاعي، من المتوقع أيضا أن يؤدي تعديل سعر الصرف وتخفيف القيود المفروضة على الاستيراد إلى دعم انتعاش النشاط الاقتصادي.

** ما السياسات والإجراءات الرئيسية التي تحتاجها مصر للتغلب على التحديات الاقتصادية المستمرة، وعلى رأسها ارتفاع مستوى الديون ونقص النقد الأجنبي؟

على الرغم من جهود الإصلاح، لا تزال هناك بالفعل تحديات قائمة منذ فترة طويلة، بما في ذلك ارتفاع الدين الحكومي، وعدم تحقيق الاستفادة المثلى من إمكانات القطاع الخاص. والاستمرار في تنفيذ السياسات والإجراءات الحالية، وضبط أوضاع الاقتصاد الكلي، وإزالة التشوهات في سوق الصرف الأجنبي، كلها محركات مهمة لجهود التعافي الاقتصادي الحالية. 
لتحقيق تحول اقتصادي عميق يترجم جهود الإصلاح إلى نمو مستدام يرتبط بزيادة وتحسين فرص العمل، تشمل الأولويات الرئيسية ما يلي: (1) المضي في سياسة إعادة توجيه دور الدولة نحو زيادة الكفاءة في تقديم الخدمات العامة، وتمكين القطاع الخاص ودعم نشاطه، وهذا أمر بالغ الأهمية لاستدامة المالية العامة والمركز الخارجي؛ (2) تهيئة بيئة أعمال داعمة لإطلاق العنان لقدرات القطاع الخاص كقوة تنافسية؛ (3) تلبية الاحتياجات المتعلقة بالتنمية البشرية من أجل إيجاد قوى عاملة تنعم بالصحة وتتمتع بأعلى مستويات التعليم والتأهيل المطلوبة لسوق العمل من أجل الاستعداد للعمل في قطاعات أعلى إنتاجية وموجهة نحو التصدير؛ (4) زيادة الفرص المتاحة للمرأة في سوق العمل؛ (5) تسريع وتيرة التحول الأخضر من أجل مسار نمو أكثر استدامة وقدرة على الصمود. 

** ما توقعات البنك الدولي بشأن التضخم في مصر؟ وما الأسباب الرئيسية وراء هذه التوقعات؟

شهدت معدلات التضخم تراجعاً واسع النطاق لكنها لا تزال مرتفعة حيث بلغت 12.8% في فبراير 2025. ويشير السيناريو الأساسي المتوقع إلى استمرار التراجع التدريجي في معدلات التضخم. لكن هذه التوقعات قد تتأثر بعدم اليقين المرتبط بالتطورات والمستجدات الاقتصادية العالمية (بما في ذلك التجارة العابرة للحدود وسلاسل الإمداد الدولية). بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي الزيادة المحتملة في أسعار بعض السلع والخدمات التي تنظمها الدولة (على سبيل المثال ترشيد دعم الطاقة)، إلى توقف مؤقت في التراجع التدريجي لمعدلات التضخم. 

الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي في مصر، بما في ذلك ضبط أوضاع المالية العامة وإزالة تشوهات سوق الصرف الأجنبي، إلى جانب تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعزز المنافسة وتدعم القدرة الإنتاجية للاقتصاد، يمكن أن يؤدي إلى خفض معدلات التضخم. وهذا بدوره سيساهم في التراجع التدريجي لأسعار الفائدة.

نقلا عن الأهرام أون لاين


سارة النشار -اقتصادي أول بقطاع السياسات الاقتصادية في البنك الدوليسارة النشار -اقتصادي أول بقطاع السياسات الاقتصادية في البنك الدولي
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: