يحدث في أمريكا.. الهيئة الوطنية للمصريين بالخارج

18-3-2025 | 13:50

المصريون في الخارج، وهنا في الولايات المتحدة الأمريكية، وطنيون ويحملون الوطن بهمومه ومشكلاته في قلوبهم، ويدركون جيدًا خطورة المرحلة الحالية وما يحيط بمصر من مخاطر جسيمة تتطلب الاصطفاف والالتفاف حول الوطن والمحافظة عليه وعلى مقدراته وحماية الأمن القومي ضد أية مخاطر ومساندة الدولة في مواجهة أية تحديات وأزمات تواجهها داخليًا أو خارجيًا، ويقدمون ويشاركون في كافة المبادرات الإيجابية الهادفة لصالح المجتمع وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية جنبًا إلى جنب جهود الدولة التي تهدف إلى تخفيف الأعباء على المواطن البسيط. 

وأسعد دائمًا بالمبادرات الإيجابية الرامية نحو مد الجسور بين المصريين بالخارج وبين الوطن، ومنها ما وصلني من الصديق العزيز الدكتور محمد علي الخبير المالي والاستشاري من ولاية نيوجيرسي تحت عنوان (المصريون بالخارج.. طاقة وطنية مهدرة آن الأوان لاستثمارها!) وهي عبارة عن مقترح إنشاء "الهيئة الوطنية للمصريين بالخارج" كبديل أكثر فاعلية من وزارة هجرة أو من كونهم مجرد ملحق لوزارة الخارجية. 

تحدثنا كثيرًا ولسنوات عديدة أن المصريين بالخارج هم أحد أعمدة الاقتصاد الوطني ومصدر قوة لمصر على كافة المستويات، إلا أن التعامل معهم لم يكن على المستوى المطلوب لعقود يتأرجح بين الإهمال وسوء الإدارة. 

فشلت الوزارات المتعاقبة للهجرة في تلبية احتياجات المصريين بالخارج لأسباب عديدة أهمها غياب الصلاحيات الحقيقية وانعدام الاستقلالية وضعف الموارد مما جعلها مجرد واجهة إعلامية بلا تأثير فعلي ونالها الكثير من الانتقادات لتلك الأسباب. وهنا أتذكر مكالمة بيني وبين مديرة مكتب وزيرة الهجرة آنذاك وردًا على تعجب مني لعدم قيام الوزارة والوزيرة بما يجب أن يكون فقالت إن الوزارة ليس لديها أي ميزانية حتى لدفع ثمن تذاكر طيران الوزيرة للقاء المصريين بالخارج، أما بعد إلغائها وإلحاق ملف المصريين بالخارج بوزارة الخارجية فقد ازداد الأمر صعوبة وتعقيدًا حيث إن وزارة الخارجية تركز على الدبلوماسية وليس على الخدمات والاستثمار وإدارة شئون المغتربين. 

لذلك من هنا، أطرح تصورًا أضعه بين يدي صاحب القرار لإنشاء "الهيئة الوطنية للمصريين بالخارج"، ككيان جديد مختلف جذريًا عن أي وزارة أو إدارة سابقة يتمتع باستقلالية حقيقية وأدوات تنفيذية فعالة ورؤية تنموية واضحة تضمن تحقيق أقصى استفادة من علاقة الدولة الأم بأبنائها المصريين بالخارج وتؤسس لعلاقة قائمة على الشراكة، وليس مجرد التعامل معهم كملف إداري أو مصدر تحويلات مالية. بدلًا من إنشاء وزارة محدودة الصلاحيات أو إبقاء الملف تحت مظلة وزارة الخارجية فإن "الهيئة الوطنية للمصريين بالخارج" تكون كيانًا سياديًا مستقلًا يتبع مباشرة رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء؛ بحيث يمتلك الأدوات اللازمة لاتخاذ قرارات وتنفيذ سياسات مؤثرة دون الحاجة إلى انتظار إجراءات بيروقراطية معقدة. 

الهيئة الجديدة يجب أن تكون كيانًا مستقلًا قانونيًا وإداريًا غير تابع لأي وزارة تقليدية لمنحها المرونة والكفاءة في أداء مهامها. يجب أن تتمتع بميزانية مستقلة مدعومة من الحكومة المصرية، مع فتح المجال لاستثمارات المصريين بالخارج لتعزيز مواردها. ويشرف على إدارتها مجلس إدارة يضم ممثلين منتخبين من الجاليات المصرية بالخارج لضمان تمثيل حقيقي للمغتربين في صناعة القرار. كما تشمل الهيئة لجانًا تنفيذية متخصصة لكل منطقة جغرافية. كذلك إنشاء مكاتب إقليمية في الدول ذات الكثافة العالية للجالية المصرية لتقديم الخدمات مباشرة دون الحاجة للرجوع إلى السفارات والقنصليات. ولتحقيق التكامل والسهولة في تقديم الخدمات، يجب أن تعتمد الهيئة على منظومة إلكترونية موحدة تدير كافة الخدمات المتعلقة بالمصريين بالخارج.

الهيكل التنظيمي للهيئة الجديدة يمكن تقسيمه إلى أربعة قطاعات رئيسية تضمن تلبية احتياجات المصريين بالخارج بفعالية. يشمل قطاع الشئون الاقتصادية والاستثمارية - قطاع الخدمات الحكومية والتشريعية - قطاع الهوية والتعليم والثقافة - قطاع الدعم الاجتماعي والتأمينات والمعاشات.

المشروع لدينا متكامل، يتضمن الكثير من التفاصيل والآليات التنفيذية التي لا يسع المجال هنا لحصرها لكن يمكن الإفصاح عنها في مراحل التنفيذ لضمان تحقيق أفضل النتائج، بما يتماشى مع الاحتياجات الفعلية للمصريين بالخارج، ويعزز من دورهم كشريك أساسي في التنمية الوطنية. 

التعامل مع المصريين بالخارج يحتاج إلى رؤية جديدة لا تعتبرهم مجرد مصدر للعملة الصعبة، بل قوة وطنية يمكن استثمارها بذكاء لتحقيق منافع اقتصادية، واجتماعية، وثقافية. "الهيئة الوطنية للمصريين بالخارج" ستكون كيانًا عمليًا، مستقلًا، وقادرًا على تقديم حلول حقيقية بدلًا من البيروقراطية التي حكمت التعامل مع هذا الملف لسنوات طويلة. 

إن إنشاء هذه الهيئة ليس مجرد اقتراح، بل ضرورة وطنية، تضمن الاستفادة القصوى من المصريين بالخارج، وتعيد إليهم الثقة في دولتهم، وتجعلهم شركاء حقيقيين في التنمية المصرية.

إلى هنا انتهت رسالة الدكتور محمد علي وكل عام وأنتم بخير وللحديث بقية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة