صابرين.. "سيدة الحرانية" تروي حكايات 40 سنة مع النول والخيط

18-3-2025 | 12:40
صابرين  سيدة الحرانية  تروي حكايات  سنة مع النول والخيطصابرين سيدة الحرانية
مروة عصام الدين
الشباب نقلاً عن

تصوير: علاء عبد الباري 

موضوعات مقترحة
 

هناك زبائن يرفضون السجاد علي الأرض من جمالها 
رغم أنني غير متعلمة لكني أوقع بإسمى على السجادة بالخيط
مصنعية العامل قد تصل إلى 5 آلاف جنيه للمتر .. والمحترف ينتج سجادتين سنويا فقط
صنعت عشرات السجاد بأشكال ورسومات مختلفة لم أكرر واحدة منها أبدا
برعت في فنون النسيج والرسم على السجاد اليدوي " وإيديها تتلف في الصوف"

 

خيوط من الصوف المنمق بألوان مبهجة وتفاصيل دقيقة تعلن عن هويتها ، لتحمل ملامح الطبيعة بتوقيع - صنع في الحرانية– حيث تنسجها أياد ذهبية استطاعت أن تتحدى كل الظروف الصعبة وعدم التعليم، بل تركت أيضاً بصمة مميزة في عالم الفنون الأكثر تعقيدا وهي فنون النسيج والرسم على السجاد اليدوي لتجد نفسها وسط جاليري للأعمال الإبداعية نسجت خيوطه خلال رحلة من العمل استغرقت ما يقرب من 40 عاما في عشق التفاصيل المعقدة ، ودون أن تدري أنها سوف تطوف بلدان العالم لتعبر عن هوية سيدة الحرانية"صابرين" اللي تتلف أصابعها في صوف" ، نتعرف عليها في السطور التالية.

بعض من أعمال السجاد بالحرانية

بعض من أعمال السجاد بالحرانية


البداية
داخل أحد البيوت الصغيرة في قرينة الحرانية، في أطراف محافظة الجيزة،  ومنذ 49 عاما نشأت صابرين أبو السعود وسط عائلة كبيرة من الأخوة والأخوات، ولم تحظ بأي تعليم، فأرادت أن تصنع فرصتها ، وكانت البداية من داخل متحف رمسيس ويصا واصف التعليمي، تقول : بدأت عملي في سن مبكرة، فأول مرة قررت الذهاب لتعلم نسج السجاد اليدوي على النول عندما كان عمري 9 سنوات في مدرسة رمسيس ويصا واصف الموجودة بالقرية، وأنا اعتبر من الجيل الثاني لهذه المدرسة التي تأسست  في الخمسينات ، وبدأت أتعلم فن النسيج وغزل الخيوط حتي تزوجت وكان وقتها عيباً أن تعمل السيدات في القرية، ولكنني أردت أن أكمل عملي الذي بدأته حتي بعد زواجي، وخلال 40 سنة صنعت عشرات السجاد بأشكال ورسومات مختلفة والتي لم أكرر واحدة منها ، فلا توجد سجادة مثل الأخرى أبدا .

بعض من أعمال السجاد بالحرانية

بعض من أعمال السجاد بالحرانية


أول الخيط
تواصل صابرين حكايتها ، وتضيف: في البداية كان لابد أن اتعلم كل شيء عن المهنة ، وبدأت في تعلم لف السدا ( وهو الخيط) علي النول ، وطريقة ربطه، وبعدها تعلمت تلوين الخيط بالصبغات النباتية والطبيعية المختلفة ، واتذكر أن أول مبلغ كسبته كانت 5 جنيهات في السجادة وهي تعادل 200 جنيه الآن ، وكانت سجادة صغيره، ودائما كانوا يشجعوننا ولم اسمع ابدا أنهم قالوا علي أي عمل أنه سيء أو غير مناسب ، بل كانوا يحببونا في الخيط والألوان، ولم أشعر أنني وصلت لدرجة الاحترافية بعد العمل في هذه المهنة الا بعد 10 سنوات ، يعني وقتها كنت قد اتممت العشرين عاما، والحمد لله تم تسويق العديد من سجاد الذي أقوم بعمله واخرها كانت لوحه عباد الشمس ونهر النيل ، وكانت من اللوحات المطلوبة وتم تسويقها في احد المعارض الاوربية .

بعض من أعمال السجاد بالحرانية

بعض من أعمال السجاد بالحرانية


برواز صغير
أول سجادة قدمتها صابرين كانت عبارة لوحة في مقاس برواز صغير مقاسه 30 في 40 سم ، وتكمل : أي عمل يكون صعباً جدا ، وفي البداية نتعلم علي برواز صغير حتي يكون لدينا مساحة للتفاصيل التي يمكن ان تظهر في الصورة، في البداية تكون في دماغي فكرة ثم أقوم بتنفيذها، وفكرة تنسيق الألوان لتكوين لوحة فنية متكاملة ، وتغيير الألوان وترتيبها بالصورة حتى تعكس روح الطبيعة، بجانب تنسيق النسب والأحجام لكل الاشكال التي في السجادة لتكون في النهاية لوحة فنية وليست سجادة ، لدرجة أن كثير من الزبائن ترفض وضعها علي الأرض، ورغم أي غير متعلمة الا انني  استطيع أن اوقع باسمى على السجادة بالخيط ، وسعيدة أن شغلي كل الدول تشوفه وله زبائن ، وكلما زاد احترافية الصنايعي أو العامل كان سعر أجرته عالياً ويطلب ما يحتاجه، خاصة وأن السجاد اليدوي يباع بأسعار غالية ، فالسجادة الواحدة التي مقاسها مترين في متر ونصف قد انتهي منها في 6 شهور، وربما في العام الواحد انتهي من عملي في سجادتين فقط ولأنها مهنة بطيئة فهي غالية وليست متداولة ولا يقدرها سوى أصحاب الذوق العالي.

بعض من أعمال السجاد بالحرانية

بعض من أعمال السجاد بالحرانية


الصبر ...أهم دروس المهنة
تقول صابرين إن أهم ما تعلمته من هذه المهنة هو الصبر ، وتضيف : كان نفسي أولادي يعملوا في هذه المهنة ولكن ليس لديهم صبر للأسف، فنحن ممكن نقعد يوماً كاملاً لا نعمل أو يمكن أن أقوم بعمل تصميم ولا يعجبني واقوم بتغيير وفك ما عملته مره أخري لأقدمه بشكل مختلف بعد تعديله، وهذا طبعا يحتاج صبر ومحاولات للتعلم أكتر من مرة، وهذا العالم متنوع وكبير جدا ، ويفضل فيه الخيوط الطبيعية ليضيف إلى عمر وروح اللوحة أو السجادة المرسومة ، ويفضل الخيوط المصنوعة من القطن والأفضل منها الخيوط المصنوعة من الصوف الطبيعي، وبعد أن يتم اختيار نوع الخيط والألوان التي يحتاجها كل لوحة والتي تكون مختلفة عن الأخرى وفقا للوحة التي يريد ان نقدمها ، نبدأ في العمل.

بعض من أعمال السجاد بالحرانية

بعض من أعمال السجاد بالحرانية


التكنولوجيا
صابرين تري أن التكنولوجيا أضافت للمهنة لأن الشغل أصبح " أحلى من الأول ويعطينا أفكاراً مختلفة كثيرة" ، ولكن رغم هذا مازلت من خيالها ولا تنقل من رسمة أو لوحة، وتكمل : رغم عملي في هذا المجال لما يقرب من 40 سنة ليست لدي في بيتي سجادة واحدة من صنع يدي أو حتى أي سجادة أخرى ، ولكن مع كل سجادة أو عمل أقدمه اشعر بأنني أنجزت شيئاً ، وربما عوضني عن حرماني من التعليم.

بعض من أعمال السجاد بالحرانية

بعض من أعمال السجاد بالحرانية


طول ولا عرض
تقول صابرين إن هناك طريقتين في العمل بالخيط والنول ، طريقة بعرض اللوحة أو السجادة ، وهناك طريقة بالطول ، والأفضل أن يتم نسج الخيوط بالعرض أي تكون اللوحة ليس في وضعها الذي نشاهدها عليه بل يتم العمل بها بالجنب، وهو الأمر الذي يتعود عليه العامل الذي يقوم بتصنيع السجادة أو اللوحة ، والاختيار  يتوقف على الرسمة التي تتكون منها القطعة أو السجادة ، وكلما زادت التفاصيل والألوان كان النسج بالعرض اسهل ، وتضيف : لم أجرب رسم اللوحة بالفرشة ولكن اعتقد أنها اسهل كثير من الرسم بخيوط الصوف علي النول لصناعة سجادة بالوان مختلفة .

بعض من أعمال السجاد بالحرانية

بعض من أعمال السجاد بالحرانية


الوصول للعالمية
تحكي صابرين بكل فخر وسعادة أن كثيراً من اعمالها التي نسجتها سافرت دولاً كثيرة وهي تحمل اسمها،  أمريكا البرتغال وايطاليا والعديد من الدول العربية مثل العراق والأردن والكويت ، وتضيف : رغم أن اسمي سافر إلا أنني لم اتحرك خارج حدود منزلي وعملي ، ولكل دولة طلبات معنية من السجاد ، فأوروبا وأمريكا يفضلون رسومات الورود ، والدول العربية تفضل السجاد الذي عليه رسومات طبيعية، وأقل المصنوعات اليدوية  سعراً هو الكليم العادي المصنوع من قصاقيص القماش نظرا لأنه مصنع من مواد خام غير مكلفة وبسيطة وهي من أحد منتجات إعادة التدوير ، ويومية الصنايعي من 200 جنيه إلي 300 جنيه على حسب شغله ، بخلاف شغله على القطعة ، يعني فيه صنايعي يحصل مقابل المتر علي 6 آلاف جنية ، وفقا لجودة الشغل والمواد المستخدمة ومن قبلهما مهارة الصنايعي، ويعتبر من أغلى أنواع السجاد الذي يتم صناعته بالطلب من واقع الصور المطلوبة، يعني شغل " وصاية" ، وتعد لوحة وصف مصر المأخوذة من الكتاب الذي يحمل نفس العنوان هي من أغلى اللوحات نظرا لتفاصيلها.

بعض من أعمال السجاد بالحرانية

بعض من أعمال السجاد بالحرانية


قطع ذهبية
ما يميز صناعة السجاد اليدوي أنه كلما تأخر بيعه زاد قيمته، فهو كقطع ذهبية ملونة تزداد قيمتها مع مرور الوقت لأن كل قطعة منفردة بذاتها وغير مكررة، وهو بخلاف السجاد الذي تنتجه المصانع ، فمنذ أن يوضع على الأرض سعره يقل، وحسب كلام صابرين، هذه المهنة رغم أن لها زبائن ومريدين من المصريين .. إلا انها صناعة مرتبطة بالسياحة ، وخاصة السائح الأوربي، ويليه السائح العربي ، فهم يقتنون هذا السجاد ويعلقونه كلوحات فنية ، وهناك فرق بين الكليم اليدوي الذي يبدأ سعره من 550 إلى 650 جنيهاً ، والسجادة لا تباع هنا بالمتر  ولكن بالقطعة ، فقد تكون هناك قطع نفس المساحة ولكن الأسعار متفاوتة ، ويختلف الفارق بينهم ليصل من 5-10 ألاف جنيه حسب التفاصيل الموجودة في اللوحة، فقد تكون قطعة مترين ننتهي منها  في شهر ونصف وقد تكون قطعة أخرى تحتاج إلي 3 أو 4 شهور ، وهي نفس المساحة ولكن الفرق في التفاصيل .

بعض من أعمال السجاد بالحرانية

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: