17-3-2025 | 16:21

البذل في اللغة: كل من طابت نفسه بإعطاء شيء فهو باذل له.
وفي الشرع هو: فعل الخير سواء كان صدقة أو إطعام الطعام وسقاية الماء وسداد دين فقير.

قال تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ). يعني الذين ينفقون أموالهم في السر والعلن وعدهم الله تعالى بالجزاء العظيم في الدنيا والآخرة، لا يصيبهم الأذى ولا هم يحزنون أي: يُنعَّمون في الجنة بالسعادة.

والعطاء صفة من صفات المؤمنين الأبرار والأخيار، وأعظمهم بذلًا وعطاءً سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام، والذي لم يرد سائلًا أبدًا.

بذل وعطاء الصحابة الكرام:
عندما نادى النبي صلى الله عليه وسلم في الناس من يجهز جيش العُسرة، قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: أنا يا رسول الله أجهزه بثلاثمائة بعير وتبرع بألف درهم، وفي عام الرمادة أو القحط كما يسمونه أنفق أمواله في سبيل الله تعالى وتصدق بقافلة تجارية محملة بالغذاء كانت في طريقها من الشام إلى المدينة، فكان من الأخيار الذين لا تغيرهم المساومة على الربح ويرون أن ما عند الله خير للأبرار، لأنه يجزي الحسنة بعشرة أمثالها، فقال: هي في سبيل الله لفقراء المسلمين.

ومنهم من ضحى بنفسه بالجهاد في سبيل الله مثل سعد بن معاذ الذي اهتز له عرش الرحمن عند استشهاده، وأنس بن النضر الذي استشهد في غزوة أحد فوجدوا في جسده بضعًا وثمانين ضربة ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم، وجُليبيب الذي لبى نداء الجهاد وكان عريسًا في ليلة عرسه واستشهد أيضًا، وحنظلة غسيل الملائكة، فكان جزاؤهم النعيم والدرجات العلى في جنات النعيم، ولم يكن ذلك إلا بسبب التضحية بالنفس والبذل والعطاء بإنفاق المال في سبيل الله.

يقول الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ).

يبين الله سبحانه وتعالى أن مثل من ينفق ماله في سبيل الله، يضاعف له ما أنفقه أضعافًا مضاعفة، من خلال هذا المثل الحسي يدرك المؤمن أهمية وقيمة الإنفاق في سبيل الله.

عباد الله: شهر رمضان شهر العطاء والبذل، وهذا شهر تتضاعف فيه أعمال الخير والبر، وترتفع فيه الدرجات وتقبل الحسنات، ويغفر الله الذنوب والسيئات.

ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في البذل والعطاء في شهر رمضان المبارك حتى وصفه عبد الله بن عباس رضي الله عنه بأنه "(كان أجود ما يكون في رمضان بالخير من الريح المرسلة)". يقول أنس بن مالك رضي الله عنه: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: (يا قوم أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة)، وكان الرجل يسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يمسي حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها.

تسابق الصحابة بالعطاء والجود والكرم:
جاء في الحديث الشريف: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمع النبي عليه الصلاة والسلام يحث على الصدقة والتصدق فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنه وقع في نفسه مالًا عنده ليتصدق به" فجاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وتبرع ليسبق أبا بكر الصديق رضي الله عنه في الجود والكرم، قال: (فجئت بنصف مالي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم نصف مالي. ثم جاء أبوبكر الصديق رضي الله عنه ووضع بين يديه ماله كله فقال له: يا أبا بكر ماذا تركت لأهلك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله، فما أعظم هؤلاء الصحابة الكرام في الجود والكرم، ليتنا نتأسى بهديه وأخلاقه في كل وقت وحين وفي هذا الشهر الكريم على وجه الخصوص بالإنفاق على الفقراء والمساكين، وقضاء حوائج الناس بالتيسير عليهم لنسعد في الدنيا والآخرة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: