بشائر التعافي.. والانطلاقة المرتقبة

17-3-2025 | 14:25

رغم حدة الأزمة الاقتصادية التي مرت بها مصر، إلا أن المواجهة مع هذه الأزمة شعبيًا ورسميًا صنعت منها تجربة ملهمة سيقف عندها التاريخ، كونها نموذجًا يحتذى للدول التي تبحث عن صياغة مستقبل جديد يعلي قيم الإنتاج والعمل، ويجعل من التقدم وصدارة الأمم هدفًا أسمى في بناء الأوطان.

بفعل متغيرات عالمية وصراعات دولية غير خافية على أحد، دفعت مصر فاتورة أزمة اقتصادية ليست من صنعها، وتحملت تداعيات تضخم عالمي ليس من فعلها، وآثار حروب هنا وهناك لم تكن طرفًا فيها، ووباء اجتاح العالم قبل 4 أعوام لم تكن مصدره.. وأمام هذه المتغيرات والعواصف الاقتصادية، وجدت مصر نفسها في قلب هذه التداعيات وفي غمرة هذه الخسائر، بينما لم يكد برنامجها الطموح للبناء والتقدم يخطو مراحله الأولى، لكن إرادة التحدي وعزيمة المواجهة كانت السلاح الأقوى في المواجهة، مدفوعة برؤى مستنيرة ومدعومة بمساندة شعبية لا مثيل لها، فجاءت النتائج مبهرة والتجربة ملهمة.

وبعد ضيق جاء الفرج، وها هي بشائر التعافي تعلن عن نفسها، وأرقام النمو تتبدل، ومشاهد التنمية تتغير، لترسم صورة بلد كبير يخطو بخطوات واثقة نحو التقدم والنهضة الشاملة.. قبل شهور، كان يقال إن الاقتصاد المصري على شفا الإفلاس، والديون تتراكم لتتجاوز الخطوط الحمراء، والاستثمارات تهرب، ورغم أن تلك الشائعات كانت تقف وراءها جهات مغرضة دأبت على بث روح اليأس والإحباط، إلا أن خطة المواجهة والإصلاح كانت تسير بثبات ومصداقية. واليوم، بات الاقتصاد المصري على أعتاب مرحلة جديدة من النمو والتطور الكبير، تؤكده أرقام الأداء العام للاقتصاد، ما بين زيادة في معدل النمو وتراجع كبير في التضخم واستقرار في سعر الصرف وزيادة في تدفقات تحويلات المصريين في الخارج وتراجع ملحوظ في معدل البطالة.

تلك المؤشرات الإيجابية التي تؤكد سلامة المسار الاقتصادي، تؤسس لانطلاقة كبيرة للاقتصاد المصري خلال المرحلة المقبلة، مدعومة بثقة ودعم من المؤسسات الدولية، والتي جسدها قبل أيام موافقة صندوق النقد على صرف الشريحة الثانية من القرض المخصص لمصر بقيمة مليار وثلاثمائة مليون دولار، وما يتبعها من حزم تمويلية أخرى من مؤسسات التمويل الدولية، وهو ما يدعم استقرار الصرف وقيمة الجنيه المصري، وبدوره يشجع على الاستثمار المباشر.

ولعل هذه الأجواء الإيجابية دفعت بنك جي بي مورجان إلى أن يتوقع في تقرير له قبل أيام حدوث خفض كبير في أسعار الفائدة بمصر بمعدل 6% خلال الاجتماعين القادمين للبنك المركزي في أبريل ويونيو المقبلين، بواقع 4% في أبريل و2% في يونيو، في ضوء تراجع التضخم بأكثر من المتوقع في فبراير.

وخفض سعر الفائدة يعني بالتبعية خفض تكلفة الاستثمار وزيادة التدفقات المالية نحو إقامة المشروعات الجديدة، والذي يعني أيضًا زيادة في الإنتاج والتصدير وتوفير فرص عمل جديدة لشباب الخريجين، وهو ما سينعكس على حدوث المزيد من خفض الأسعار، وبمعنى آخر، تدور حركة الاقتصاد بطبيعتها ومساراتها وتؤتي ثمارها للمواطن بالدرجة الأولى، لأنه البطل الحقيقي في هذه الملحمة، وتحمل عن طيب خاطر أعباء سنوات هذه الأزمة القاسية التي ستكون بإذن الله من الماضي.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: