حكاية حفيد "الأسطى باشا"... صانع كسوة الكعبة المشرفة

16-3-2025 | 14:46
حكاية حفيد  الأسطى باشا  صانع كسوة الكعبة المشرفةالحاج أحمد شوقى خلال عمله
أميمة رشوان
الشباب نقلاً عن

"القصبجى" أحمد شوقى ضمن 15 حرفيا فقط ما زالوا يملكون سر "ميراث الحرير"

موضوعات مقترحة

جدّي كان  واحدًا من عشرة حرفيين مهرة متخصصين في صناعة كسوة الكعبة في مصر

نستورد خيوط القصب من اليابان وفرنسا

"القصبجى"، حرفة تراثية عريقة، ارتبطت بصناعة كسوة الكعبة المشرفة في مصر، وهى أيضا اسم العائلة التى توارث أفرادها هذه الحرفة منذ عقود وبرعوا فيها، في الحوار التالى نلتقى مع الحاج أحمد شوقي، حفيد عثمان عبد الحميد الذي كان رئيسا لمصلحة كسوة الكعبة المشرفة سابقا، وقد شرف بخدمة الكسوة في الفترة من عام ١٩٢٣ إلى عام ١٩٢٦، تعالوا نستمع إلى حكاية حرفة تراثية عريقة تمتد عبر الأجيال.

كيف تم اختيار جدك لهذه المهمة؟
كان جدّي، رحمه الله، واحدا من عشرة حرفيين مهرة متخصصين في صناعة كسوة الكعبة في مصر آنذاك. وكان يُلقّب بـ"الأسطى باشا" نظرًا لخبرته ومهارته الفائقة، وكان بمثابة كبير الصنّاع والمعلم لهم.. وللأسف لم أعاصره، حيث إنني من مواليد عام ١٩٧٠ وتوفي جدي قبل مولدي ببضع سنوات، فقد ورثتُ هذه المهنة عن والدي الذي ورثها بدوره عن جدي.

هل حدثك والدك عن أجواء صناعة الكسوة في ذلك الوقت؟
بالطبع، كان والدي يُرافق جدي في أغلب أعماله، وساعده في صناعة الكسوة لفترة في أواخر حياته. وقد روى لي عن أجواء الاحتفال المهيبة، ومشاعر الحب والفرح التي كانت تملأ قلوب الناس عند إلباس الكعبة ثوبها الجديد. كانت أياما سنوية مباركة تحمل روحانيةً خاصة.

حدثنا عن خطوات صناعة الكسوة؟
خطواتها معروفة منذ القدم، تبدأ من إعداد نول خشبي خاص، ثم اختيار القماش، وهو الحرير في الأصل، وإن تطورت الخامات لاحقًا، ويمتد القماش على النول ويثبت بإحكام. ثم تُرسم الآيات القرآنية بخيوط من الفضة الخالصة، والتى تشكل على هيئة خيط رفيع جدا، وتُستخدم إبرة خاصة لتثبيت الخيوط على القماش. وبالطبع، اختلفت الأجواء والأساليب كثيرًا الآن، فلم يعد من الممكن استخدام الفضة الخالصة واستُبدلت بمواد أخرى مثل القصب وسلك النحاس، أما في المملكة العربية السعودية حاليا، فلا تزال الكسوة تُصنع يدويا باستخدام الحرير والفضة، وبتقنيات عالمية متطورة.

وماذا عن عملك الحالي؟
الحمد لله، ما زلتُ أعمل في هذه الحرفة، ونُصنّع حاليا نماذج من الكسوة، وتُطلب منّا تصاميم مختلفة، بعضها يحاكي التصاميم القديمة مثل القناديل والأشكال الموجودة على جدار الكعبة، وأخرى حديثة تتضمن آيات قرآنية وزخارف إسلامية. كما نستخدم خامات متنوعة لتناسب مختلف الأذواق والقدرات الشرائية، ولأن مهنتنا متوارثة، فالأسر التى عاصرت جدى من المملكة العربية السعودية  وكانت تطلب منه عمل الكسوة أو نماذج لها، كان جدى يذهب إليهم أو يأتون إليه في مصر، وأصبح أبناؤهم يعرفون والدى وأحفادهم بالتالى يعرفوننى ويطلبون تنفيذ القطع منى، فالحمد لله العملية متوارثة من جيل لآخر، حتى اسم العائلة "القصبجى" معروف جدا لهم.

هل مازالت تأتيكم طلبات كثيرة حتى اليوم؟
الحمد لله، العمل مستمر، ولكن الطلب ليس بكثافة الماضي، فقد كان البعض يطلب المئات من القطع دفعةً واحدة، أما الآن فالطلب أقل بكثير، ممكن مثلا يطلب 10 أو 20 قطعة.

هل يُحدد لك الزبائن تصميمات معينة، أم تملك حرية الابتكار؟
غالبا ما يأتي الزبائن بتصميمات محددة، وأحيانا أُزوَّد بعينة ويُطلب مني عمل قطعة مشابهة لها. وفي بعض الحالات، يُطلب مني تصميم قطع فريدة من نوعها، مثلا زبون يطلب منى قطعة قنديل "يا حى يا قيوم" مثل الموجودة على جدار الكعبة فأنفذها له بنفس المواصفات والمقاس.

هل هناك مشاهير تعاملوا معك؟
عملت بعض القطع التي اشترتها الفنانة كريمة مختار والفنان لطفى بوشناق والفنانون محمد صبحى وشعبان حسين، والفنان حمدى أحمد طلب منى باب الكعبة، وهو باب نحاس بحجم صغير يتم وضعه في برواز، وخارج مصر نفذنا سرير أحد أبناء الملكة علياء الحسين، وأيضا نحن من نفذ ستارة عليها آية الكرسى لشباك الملك عبد العزيز، وأيضا تعاملت مع رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد وطلبت منا سفارة ماليزيا أن نشارك في معرض لمدة ثلاثة شهور هناك والحمد لله كان ناجحا جدًا.

وما هي أبرز التحديات التي تواجهك في الحفاظ على هذه الحرفة؟
تواجهنا عدة صعوبات، أهمها ندرة الخامات الأصلية وارتفاع أسعارها، وكذلك ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة. فالعامل الماهر يحتاج لأيام، بل أسابيع، لإتمام قطعة واحدة، وأجره اليومي مرتفع، مما يزيد من تكلفة المنتج النهائي، حتى الخامات لم تعد متوافرة بسهولة وأطلبها من إيطاليا أو فرنسا بالكيلو مثل خيط القصب الذى نستخدمه حاليا لا يصنع في مصر وإنما نأتى به من اليابان وفرنسا.

وكيف تسوّق منتجاتك حاليا؟
حاليًا، أعتمد بشكل أساسي على المعارف والعلاقات الشخصية، فهناك عائلات معروفة تطلب مني تصاميم خاصة سنويا، بالإضافة لبعض الشخصيات العامة، وطموحي ينصب على تطوير عملية التسويق والوصول بمنتجاتنا إلى أسواق أوسع، وبالمناسبة، استخدام الآلات لاأفضله، لأن الشغل اليدوي له قيمته وروحه الخاصة وأفضل التعامل مع خطاطين وفنانين. وإن كان بالإمكان استخدام الكمبيوتر في بعض المراحل، كالبحث عن نماذج للخطوط والزخارف.

 كم عدد من يعملون معك في الورشة حاليا؟
زمان كنا 120 حرفيا، أنا أحدثك عمن يمتلكون سر هذه الصنعة في العائلة، ونحن حاليا 15 شخصا تقريبا لأن لديهم المهنة الحقيقية، والحمد لله وثقت هذه الحرفة باسمنا وباسم صناعتنا في اليونسكو.

هل لديك أولاد يعملون في هذه الحرفة؟
لدي ابن وابنة، وأحاول جاهدا توريثهما هذه المهنة، وأُدرّبهما عليها، وهما يساعدانني من وقت لآخر في الورشة، والحمد لله يمتلكان موهبةً ومهارة جيدة. والعمل في هذه الحرفة ممتدّ في عائلتنا، فأبناء إخوتي وأبناء عمومتي يعملون فيها أيضا، إنها حرفة عائلية بحتة وأتمنى من الله أن تُولي الدولة المزيد من الاهتمام للحرف التراثية وتُسهّل مشاركتنا في المعارض المحلية والدولية، لأنى أرى أن الدولة يقع على عاتقها دور كبير في دعم الحرف التراثية والمساعدة في تسويقها، كما هو الحال في بعض الدول التي تُقدّم تسهيلات وإعفاءات من الرسوم للمشاركين في المعارض.


صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة

صور متنوعة من صناعة كسوة الكعبةصور متنوعة من صناعة كسوة الكعبة
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: