يتحول مسجد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي في شهر رمضان إلى قلب نابض وسط الدلتا؛ باستقباله آلاف الزائرين من المحافظات المصرية وأيضًا من الدول العربية والإسلامية؛ حيث يعد المسجد العامر وجهة رمضانية، يعيش فيها الزائر رحلة روحية مميزة، في شهر الصيام؛ بحضور حلقات الذكر والندوات الدينية، وتناول الطعام على موائد ممتدة بين مئات من المريدين والمحتاجين، تتحول معها زيارة المسجد إلى تجربة فريدة في الشهر الفضيل.
موضوعات مقترحة
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
في قلب مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، يقف مسجد العارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي شامخًا؛ شاهدًا على عصور مضت، ومزارًا يجذب قلوب الباحثين عن الراحة والسكينة من كل حدب وصوب.
من زاوية صغير إلى مسجد عامر
بدأت قصة هذا الصرح العظيم في زمن الأشرف خليل بن قلاوون، سلطان مصر في القرن الثالث عشر الميلادي، عندما زار السلطان المدينة ورأى فيها الإمام الصالح إبراهيم الدسوقي، رجل التقوى والعرفان؛ فأمر له ببناء زاوية صغيرة وخلوة متواضعة لهذا الشيخ الصوفي.
أضحت هذه الزاوية الصغيرة نواة لما وصف لاحقًا بـ«أحد أعظم المساجد الصوفية في العالم الإسلامي». وبعد وفاة الدسوقي عام 696 هـ/1296 م، دُفن في خلوته الملاصقة لهذه الزاوية، لتحفر رحلة المسجد الخالدة على جبين الزمن.
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
مع مرور الزمن، أمر السلطان قايتباي بتوسعة المسجد لجمال الموقع، وبناء ضريح يليق بالعارف بالله سيدي إبراهيم الدسوقي، ليصبح الضريح من أشهر أضرحة أولياء الله الصالحين في مصر والعالم العربي.
وفي عام 1880، استكمل الخديو توفيق مسيرة تطوير المسجد، فأمر بإعادة بناء المسجد على مساحة 3000 متر مربع، وإضفاء لمسات معمارية؛ لتجعل منه تحفة فنية وروحية.
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1969، شهد المسجد توسعة جديدة ليتضاعف حجم المسجد إلى نحو 6400 متر مربع، وأُضيف له 11 بابًا، وصالونًا لكبار الزوار، ومكتبة إسلامية غنية بالمراجع الفقهية والأدبية، لتصبح قبلة لطلاب العلم والباحثين من شتى أنحاء مصر.
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
وفي عام 1976، شهد المسجد تطورًا آخر بإضافة جناح خاص للسيدات بمساحة 600 متر، فضلا عن إضافة 4 مآذن جمع تصميمها بين الحداثة والتراث، ويرفع سقفه نحو 140 عمودًا أضفوا عليه هيبة وزادوا المسجد جمالًا.
وعلى خطى السابقين أطلقت وزارة الأوقاف في عام 2014 مشروع ترميم للمسجد الدسوقي بتكلفة 5.5 مليون جنيه، ثم تلا هذا المشروع في 2017 تجديد شامل للحوائط والأعمدة والسقف بتكلفة تجاوزت 30 مليون جنيه، ليبقى المسجد صامدًا يروي حكايات الماضي، ومستعد لأحلام ملايين المسلمين في الحاضر.
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
من هو سيدي إبراهيم الدسوقي؟
كان سيدي إبراهيم الدسوقي، المولود عام 653 هـ/1255 م، رجلاً ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ التصوف الإسلامي.
نشأ في مدينة دسوق بمحافظة كفرالشيخ، ومنها جاء لقبه «الدسوقي»، وتأثر بجده أبي الفتح الواسطي، خليفة الطريقة الرفاعية، وبأفكار أبي الحسن الشاذلي وأحمد البدوي، ليصبح آخر أقطاب الولاية الأربعة ومؤسس الطريقة الدسوقية التي انتشرت في مصر والسودان وامتدت إلى أوروبا.
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
وينتهي نسبه من جهة أبيه إلى سيدنا الحسين بن الإمام علي بن أبى طالب، رضي الله عنهما، وجده لأمه هو أبو الفتح الواسطي خليفة الطريقة الرفاعية في مصر، ولذلك كانت له علاقة بالصوفية منذ صغره.
ولُقب سيدي إبراهيم الدسوقي بـ«برهان الدين» و«أبي العينين»، وتولى منصب شيخ الإسلام في عهد الظاهر بيبرس، تاركًا وراءه إرثًا من الكرامات والتعاليم التي ما زالت تُلهم الملايين.
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
سيدي إبراهيم الدسوقي.. سيرة حسنة للاقتداء
«الاقتداء والتأسي بأخلاق وسير الطاهرين من الأولياء الصالحين واجبة علينا»، يقول الشيخ عبد القادر سليم، مدير عام الدعوة بمديرية الأوقاف بكفرالشيخ، مؤكدا أن سير الصالحين حافلة بالعبر والعظات، ومكارم الأخلاق والعفة؛ لأنهم تربوا على أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم .
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
وتابع مدير عام الدعوة، قائلا: «ما أحوجنا في هذه الأيام إلى أن نقتدي بالأخلاق الكريمة وبالنماذج المتصوفة من الأعلام كسيدي إبراهيم الدسوقي، وسيدي أحمد البدوي»، الذين حرصوا على دراسة وتدريس الدين الإسلامي الوسطى السمح؛ بعيداً عن التشدد والأفكار الهدامة.
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
«عاش 43 عامًا.. واختلف المؤرخون في سنة وفاته» يقول الشيخ ياسر الغول، مدير إدارة الإدارات في أوقاف كفرالشيخ.
وأوضح أنه ذهب البعض إلى وفاة سيدي إبراهيم الدسوقي سنة ٦٧٦هـ، ومنهم الإمام الشعراني، والإمام الوتري، والمناوي، وعبد القادر الطبري، وابن العماد الحنبلي ومرتضى الزبيدي، لافتا إلى البعض ذهب إلى أن وفاته كانت سنة ٦٩٦هـ، ومنهم جلال الدين الكركي -شيخ مسجد الدسوقي في القرن العاشر الهجري- والمفتي زين الدين أبي المعالي حسن شمة الفوي، ومحمد أمين بن حبيب المدني.
وأشار الغول، إلى أن التاريخ الأخير يبدو هو الأرجح؛ لأن الجلال الكركي هو أعلمهم بالبيت الدسوقي وأخباره، ووصف اللحظات الأخيرة في حياة الشيخ الدسوقي.
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
مولد سيدي إبراهيم الدسوقي
وفي أكتوبر، يحتفل بمولد الدسوقي؛ حيث يتوافد أكثر من نصف مليون زائر على المسجد، وتشارك 77 طريقة صوفية في الاحتفال، الذي يعد من أكبر الموالد في مصر.
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي
مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي #