عطفًا على المقال السابق، فإنه من المهم توضيح نقطة في غاية الأهمية تتعلق بانطباعات الناس، ومدى تأثيرها في العلاقات المتبادلة بينهم، سواء كانت علاقات مادية أو عابرة.
منذ يومين، عرض أحد أصدقاء الفضاء الإلكتروني مشكلة تعرض لها، وكانت نتائجها سلبية للغاية عليه، وغالبًا على متابعيه.
يحكي عن تعرضه لحادث كانت نتيجته تهشم جزء كبير من سيارته وهي واقفة أمام بيته في وقت مبكر من اليوم، حيث صدمتها سيارة تابعة لإحدى الجهات المشهورة.
ويروي الرجل معاناته مع تلك الجهة، حين تواصل معها ليشكو السائق التابع لهم، بعدما حاول السائق التهرب من الحل.
بعد عدة ساعات جاء إليه بعض من موظفيها، وبعد شد وجذب، ومشادات لا قبل له بها، تركوا الرجل وغادروا المكان دون التوصل لأي حل.
تعليقات الناس على ما رواه كانت توجه للشركة كل سهام الغضب والنقد، وهي شركة جملة كبيرة للغاية، ومنهم من نعتها بأبشع الاتهامات.
المحصلة أن تصرفًا فرديًا قد لا يمثل الشركة بشكل حقيقي أدى لتصدير انطباع سلبي جدًا عنها، ومما لا شك فيه سيكون له أثر سلبي عليها فيما هو آتٍ.
وقد تخسر الشركة كثيرًا بسبب تصرف قد لا تعلم عنه شيئًا، وهذا يحدث معنا كثيرًا، وبعدما آلت إليه قوة وسائل التواصل الاجتماعي، بات وصول المعلومات بصرف النظر عن دقتها أمرًا يسيرًا، وقد تنتشر أسرع من انتشار النار في الهشيم.
وهناك عدد لا حصر له من تصرفات بعض الأفراد العاملين في بعض الجهات لسبب ما قد يصدر عن جهة عمله صورة ذهنية سيئة بسبب أدائه في العمل، ولظروف خاصة به لا تتعلق بالشركة على الإطلاق، مما يعرض جهة عمله لخسائر لا ناقة لها فيها.
قد تشاهد حافلات نقل التلاميذ تسير برعونة وعليها شعار الجهة التابعة لها، فتغضب من كم الإهمال في التعامل مع الأبناء باعتبارهم أمانة، وتأخذ فكرة سيئة عن إدارة المدرسة، وهي لم تكن طرفًا في الموضوع من الأساس.
أو تضعك الظروف في موقف تضطر فيه للتعامل مع شخص لا تحبذ التعامل معه، مثل بعض مندوبي المبيعات الذين يتصلون بك دون سابق معرفة ليعرضون عليك منتجات شركتهم، فتجد نفسك مدفوعًا للتعامل معهم بشكل عنيف لعدة أسباب، منها أنهم ينادونك باسمك دون سابق معرفة، ويكاد يشعرك بأن هناك سابق معرفة، وهو أمر غير حقيقي.
الثاني، تكرار الإلحاح يؤدي إلى ضيق لا حاجة له.
وهنا كلنا قد نتفق على أن تلك الطريقة في البيع باتت منفّرة وغير مجدية تمامًا.
والسبب هو انطباعات الناس التي وصلت لتكوين صورة ذهنية سيئة. أما الغريب فهو استمرار نفس الطريقة العقيمة في التعامل رغم التأكد من سوء نتائجها!!
وهنا مع عرض بعض الأمثلة بات على الشركات المختلفة أن تأخذ حذرها فيما أشرت إليه، لأن الموضوع ليس انطباع شخص واحد، قد لا تتكلف خسارته شيئًا يُذكر باعتبار أنه عميل وهناك آلاف غيره. ولكنه بما يمثله من قوة من خلال وسائل التواصل، قد يساوي آلاف العملاء.
هذا للتحذير، إذا أرادت الجهات المختلفة التي توظف أناسًا، أن تهتم بهم حتى يكونوا رسلًا إيجابيين لهم بدلًا من أن يكونوا رسلًا سلبيين.
[email protected]