12-3-2025 | 12:31

شهداؤنا ليسوا رقمًا نتذكره بفخر واعتزاز كلما أتت ذكرى استشهادهم في ساحة الشرف والعزة والصمود، لكنهم ملحمة خالدة تُظهر معدن وأصالة الشعب المصري، الذي لا يبخل بأي شيء على وطنه، ومستعد وقت الشدائد والتحديات لأن يضحى، وعن طيب خاطر، أبناؤه المخلصون الأوفياء بأرواحهم فداءً له وذودًا عن حماه وألا تمتد إليه يد بشر بسوء، فالعطاء حينئذ يصبح بلا حدود ولا سقف

والمثال الحي هو الجنرال الذهبي الفريق أول عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، الذي استشهد وسط جنوده بالخطوط الأمامية على جبهة القتال عام 1969، والذي أصبح تاريخ استشهاده في التاسع من مارس "يوم الشهيد" والذي نسترجع فيه مناقب وبطولات خير أجناد الأرض

هؤلاء الأبطال الأشداء نبراس نقتفى أثره ونستمد منه العزيمة الصلبة والمثابرة في وجه محن وأزمات حادة ومعقدة تعصف بالإقليم من حولنا ومعه العالم المضطرب الباحث عن مرافئ ترسو عليها سفينة الأمن والاستقرار، وتلك الروح المقدامة توارثها أبناء وبنات الشهداء الذين ترتفع هاماتهم عالية، ويُقدمون العهود المرة تلو الأخرى بمواصلة مسيرة وأمجاد آبائهم

وهذا ما تابعته بعيني، لدى حضوري احتفال القوات المسلحة بيوم الشهيد الذي تزامن مع انتصار العاشر من رمضان، فقد رأينا أطفالا وشبابًا وشابات من أبناء الشهداء، الذين استشهد بعضهم وهم لا يزالون صغارًا لم تتفتح عيونهم على الحياة ولا يعون من أمرهم شيئًا، وحينما شبوا شاهدوا كيف يتحدث الآخرون بمحيطهم الاجتماعي وخارجه بافتخار عن بطولات آبائهم ومآثرهم ومدى شجاعتهم وإقدامهم، وتعبيرهم عن اعتزازهم بلقب ابن أو بنت الشهيد

واستوعب هؤلاء الأبناء كيف أن مواقف وأفعال شهدائنا وتضحياتهم تعد نورًا ساطعًا أضاء لنا بوضوح طريق المستقبل الزاهر الذي يليق ويستحقه الشعب المصري الأصيل، فبدونها لم نكن ننعم اليوم بالاستقرار والأمان اللذين كانا حجر الأساس الذي شيدت عليه ركائز وقواعد الجمهورية الجديدة بما أنجزته، حتى الآن، من تقدم ملموس وطفرات في مختلف المجالات، على الرغم من الظروف الصعبة والخانقة، جراء التطورات الإقليمية والدولية وما يتخللها من شد وجذب بين القوى الكبرى المتصارعة على النفوذ والسيطرة وتأثر حركة الملاحة البحرية

والحقيقة الماثلة أمامنا أن مصر لا تنسى أبناءها وتتباهى بهم، وتقدر عطاءهم، فشهداؤنا لم يكن قاموسهم يعرف كلمة مستحيل، وكانوا بصنيعهم ركيزة قوية لوحدة المصريين الذين دللوا فيما مررنا به خلال السنوات الماضية على أصالتهم وصلابتهم، وقاوموا ببسالة منقطعة النظير الإرهاب والجماعات التكفيرية والمتطرفة، ولم يمكنوها من أن يكون لهم موطئ قدم في هذا البلد الطيب والعظيم المحروس دائمًا وأبدًا بالعناية الإلهية من فوق سبع سماوات

وإلى جوار عناية السماء تقف جهود قواتنا المسلحة الباسلة وشرطتنا المدنية اللتين قدمتا مئات الشهداء، ولم تدخرا وسعًا في الدفاع عن ترابنا الوطني والوقوف بالمرصاد لكل مَنْ يفكر في المساس به، فهما ساهرتان على حماية الأمن القومي بفضل ما تتمتعان به من عناصر بشرية مدربة على أفضل مستوى وما يتوافر لهما من معدات وتقنيات متطورة تتواكب مع أحدث وما يستجد في العالم، وقبلها عقيدة قتالية راسخة

نحن مدينون لشهدائنا، وحقهم علينا إبداء أسمى آيات العرفان والتقدير في كل وقت وحين، وهو ما تحرص عليه الدولة المصرية والقيادة السياسية عبر مساندة ورعاية أسرهم، وتذليل جميع العقبات التي تواجههم هنا أو هناك، وتجعلهم دائما نموذجًا يُقدم للأجيال الجديدة، حتى تكون على علم ودراية بما فعلوه دون انتظار مقابل من أحد، وكانوا يمنحون الأولوية لمصالحنا الوطنية العليا ويدافعون عنها باستماتة وبكل ما لديهم من همة وقوة

سلام على أرواح شهدائنا الأبرار في أعلى عليين، ولشعبنا الأصيل الصامد دون أن يفت في عضده أية تحديات، مهما كانت صعوبتها وتعقيداتها، وتحية إعزاز وتقدير لقواتنا المسلحة وشرطتنا المدنية صمام الأمن والاستقرار في وطننا الغالي.

كلمات البحث
الشائعات.. وخطوط الدفاع

يتعرض المجتمع المصرى لهجمات شرسة ومتلاحقة من فيروس الشائعات الخبيث والفتاك، الذى يستهدف بالأساس إضعاف جهاز مناعته وخطوط دفاعه الحصينة، وكبقية الفيروسات