مع تسارع التطور التكنولوجي، يتبوأ الذكاء الاصطناعي مكانة رائدة في مختلف العلوم والتطبيقات، وفي هذا الإطار، يقدم لنا الدكتور هاني سامي أبو العلا الأستاذ بجامعة الفيوم وخبير التخطيط العمراني بمنظمة اليونسكو، مؤلَّفه القيم "الذكاء الاصطناعي الجيومكاني"، الذي يجمع بين البعد الأكاديمي العميق والتحليل الواقعي لمجالات الذكاء الاصطناعي المتخصصة في النظم الجغرافية، وكدليل أكاديمي وعملي لكيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في المجالات الجغرافية المختلفة، ليصبح بمثابة "البوصلة الرقمية" التي ترسم خرائط المستقبل، هذا الكتاب ليس مجرد دراسة نظرية، بل هو خريطة متكاملة لفهم كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يغيّر واقع التخطيط العمراني، وإدارة الكوارث، والبيانات المكانية، وكل ما يخص الاستدامة البيئية والتخطيط الذكي.
موضوعات مقترحة
ينقسم الكتاب إلى عدة فصول تأخذ القارئ في رحلة استكشافية داخل عالم الذكاء الاصطناعي الجيومكاني، بدءًا من المفاهيم الأساسية والتطور التاريخي للذكاء الاصطناعي، مرورًا بدمج الذكاء الاصطناعي مع البيانات الجيومكانية، وصولًا إلى تطبيقات عملية في مجالات التخطيط الحضري، الاستجابة للكوارث، التغيرات المناخية، وإدارة الطاقة المتجددة.
فصول الكتاب تفتح آفاقًا جديدة من الابداع، حيث يأتي الفصل الأول تحت عنوان الذكاء الاصطناعي – مفهوم واتجاهات يستعرض التطور التاريخي للذكاء الاصطناعي، وكيف انتقل من مجرد فكرة خيالية إلى واقع يغير مجرى الحياة، أما الفصل الثاني بعنوان الذكاء الاصطناعي الجيومكاني هنا يبدأ التخصص حيث يشرح الكتاب مفهوم هذا الفرع الحديث، وكيف تتكامل البيانات الجغرافية مع قدرات الذكاء الاصطناعي لإنتاج تحليلات مكانية دقيقة، أما الفصل الثالث: التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي الجيومكاني من المدن الذكية إلى التنبؤ بالكوارث، ومن مراقبة تغير المناخ إلى تخطيط البنية التحتية، يسلط الضوء على الاستخدامات المتعددة لهذه التقنية، وكذلك يستعرض الفصل الرابع: علم البيانات وقواعد البيانات الجيومكانية ويتعمق في دور البيانات الضخمة، وكيف يمكن إدارتها بطرق علمية لدعم القرارات الاستراتيجية، ويكشف الفصل الخامس عن النمذجة والتحليل المكاني يوضح كيف يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي أن تتنبأ بالتغيرات المكانية، وتساعد في رسم سياسات مستدامة.
ما يميز الكتاب أنه لا يكتفي بسرد المعلومات النظرية، بل يدمجها مع تحليل معمق لواقع الذكاء الاصطناعي في العلوم الجغرافية. فهو يتناول التقنيات المتقدمة مثل التعلم الآلي والتعلم العميق ونظم المعلومات الجغرافية وقواعد البيانات المكانية، مع تطبيقات عملية مدعمة بنماذج وأمثلة حقيقية.
لا شك أن كتاب "الذكاء الاصطناعي الجيومكاني" يشكل إضافة نوعية في مجال الدراسات الجيومكانية والذكاء الاصطناعي، حيث يضع القارئ أمام صورة شاملة لأحد أهم المجالات التكنولوجية في العصر الحديث. هو ليس مجرد كتاب، بل هو دليل استراتيجي للباحثين والمخططين وصناع القرار الراغبين في استكشاف آفاق جديدة في عالم البيانات المكانية والذكاء الاصطناعي.
يؤكد أبوالعلا خلال الكتاب أنه وسط الطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم، يقف الذكاء الاصطناعي على رأس الثورات الرقمية الأكثر تأثيرًا، ويتسأل ماذا لو امتزج هذا التقدم مع العلوم الجغرافية، ليصبح المكان نفسه ذكيًا؟ هذا هو جوهر كتاب "الذكاء الاصطناعي الجيومكاني: النماذج وقواعد البيانات الجغرافية" ، الذي يأخذنا في رحلة علمية ثرية تكشف كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون مفتاحًا لحل أعقد المشكلات الجغرافية والتخطيطية.
لقد قدم الكتاب رؤية تحليلية متكاملة للذكاء الاصطناعي الجيومكاني، وهو المجال الذي يجمع بين نظم المعلومات الجغرافية (GIS) والذكاء الاصطناعي، من أجل تحليل البيانات المكانية بشكل أعمق، واتخاذ قرارات أكثر دقة في التخطيط العمراني، وإدارة المدن الذكية، وحماية البيئة، والاستجابة للكوارث.
"الذكاء الاصطناعي الجيومكاني" ليس مجرد كتاب تقني، بل هو رؤية استشرافية لعصر جديد يتحول فيه المكان إلى كيان ذكي، يتفاعل مع التكنولوجيا لفهم البيئة المحيطة بشكل أكثر دقة، إذا كنا حقاً نبحث عن نافذة على المستقبل، فهذا الكتاب هو المفتاح، كما يتماشى الكتاب مع رؤية مصر 2030 التي تسعى إلى تحقيق التحول الرقمي وبناء مدن ذكية تعتمد على البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في التخطيط والإدارة. فالذكاء الاصطناعي الجيومكاني ليس مجرد تكنولوجيا، بل هو ركيزة أساسية لمستقبل التخطيط الحضري في مصر والعالم العربي.