مسلسل "بكار" أولى ثمار مناهضة "التنمر" وتأصيل للهوية والحضارة المصرية

11-3-2025 | 15:43
مسلسل  بكار  أولى ثمار مناهضة  التنمر  وتأصيل للهوية والحضارة المصريةمسلسل بكار
سارة نعمة الله

ما أصعب أن تخاطب طفل صغير لتوصيل رسائل تساهم في بناء شخصيته فما بالك أن يكون هذا الخطاب يخاطب فكرة الهوية، هذا ما نجح فيه مسلسل الكارتون

موضوعات مقترحة

 الشهير "بكار" الذي أصبح أيقونة رمضانية نتذكرها مع حلول الشهر الفضيل من كل عام، عملًا جاذبًا للكبير قبل الصغير مما جعله ركنًا أساسيًا على مائدة المشاهدة

لآلاف من الأسرة المصرية خلال الفترة التي كان يعرض بها والتي بدأت في نهاية التسعينات من القرن المنصرم. 

أهمية مسلسل بكار 

"بكار" هو ليس مجرد مسلسل كارتون خرج بهدف التسلية، ولكن الأهم من ذلك الخطاب الهام الذي كان يوجهه للأطفال وللمجتمع في تلك المرحلة، فقد ذهب صناع العمل إلى منطقة النوبة “المنسية دائمًا في أعمالنا الدرامية”، ويكون الخطاب 

من خلال طفل الجنوب “النوبي” فمن هناك تبدأ الحكايات والتاريخ والحضارات، وهذا من جانب أما الجانب الآخر والذي يحمل أهمية كبيرة هو نموذج “الطفل أسمر اللون” في تكسير تام لشكل أعمال الكارتون التي كانت تقدم في فترات سابقة ويتمتع أبطالها بملامح بعيدة عن هوية شكل الأطفال المصريين في تأثر بأعمال الكارتون الأجنبية. 

 ويضاف إلى ذلك أن شكل “بكار”  الطفل الجنوبي أسمر اللون هو أساس لهدم فكرة التنمر بين الأطفال في هذا السن فكم نحن بحاجة إلى محتوى يستهدف الأمر ذاته 

في المرحلة الآنية التي انتشرت فيها فكرة التنمر بشكل مفرط بين الكثير من الأجيال والشرائح العمرية.

نظرة للمستقبل 

لم تكن الموضوعات التي يطرحها السيناريست عمرو سمير عاطف مجرد أفكار لتسلية الأطفال بل كان يؤسس لمبادىء وقيم ومواقف تحمل نظرة للمستقبل وكيف سيتعامل هذا الصغير في مرحلة عمرية لاحقة مع أحداث تكشف عن مدى تأثير التربية والنشأة السليمة بتأصيل فكرة حب الوطن والهوية، فكم من حلقات كان فيها بكار يحارب “عصابات الآثار” في معابد النوبة ما يحمل قيمة تاريخ وحضارة الدولة المصرية في عقل وقلب كل طفل مصري.

تتر صعب النسيان 

كان أحد أسباب نجاح واكتمال مشروع مسلسل “بكار” الذي عملت عليه الدكتورة الراحلة منى أبو نصر بدأب وإخلاص شديد، هو تقديم أغنيتي تتر “المقدمة والنهاية” بصوت الكينج محمد منير، ليس لمجرد كونه المطرب الأكثر جماهيرية في تلك المرحلة بل لكونه تأكيد واضح على هوية النوبة التي يمثلها بصوته، 

مما جعل أغنية التتر حاضرة في ذهن الشباب الأكثر استماعًا للكينج في هذه المرحلة قبل الأطفال. 

كسر التابوه 

لاشك أن مشروع مسلسل “بكار” الذي استمر تقديمه لسنوات في الموسم الرمضاني من كل عام وقت الإفطار، كان بمثابة “كسر للتابوه” التلقليدي في شكل برامج 

الأطفال، فلم يعد من المقبول ونحن على أعتاب ألفية جديدة تحمل كثير من التطور التكنولوجي أن نخرج على الأطفال بمجموعة من العرائس المتحركة مثل “بوجي وطمطم” ونخاطبهم بها، فرغم صعوبة تنفيذ الأعمال التي تعمل بتقنية “الجرافيك” في هذه المرحلة” لكن إصرار فريق العمل وإخلاصه للمشروع الذي كان يعمل عليه من العام إلى الآخر لحين موعد صدور موسمه الجديد كان يزيل مثل هذه الصعوبات.

مسلسل “بكار” ليس مجرد نوستالجيا حاضرة في عقل وقلب كلًا منا الذي شكلها العمل في مرحلة عمرية لأجيال كثيرة عبر عقود زمنية مختلفة، لكن عمل استثنائي أنتجه التلفزيون المصري بوعي وذكاء شديد لم يكن يستهدف في خطابه الطفل فقط لكنه كان بمثابة إعادة قراءة في تاريخنا وهويتنا وسلوكنا الإنساني مع الآخر.

ومع تجديد تقديم إعادة نسخة جديدة من مسلسل «بكار» هذا العام تعود الأصداء له من جديد ليحصل على نصيب جديد من المشاهدة من قبل الأسر المصرية التي ارتبطت بالمشروع وقت عرضه وتعيد قراءته مع الأبناء والاحفاد بشكل جديد يخاطب عقل وأفكار جديدة للأجيال الحالية.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة