يحمل شهر رمضان المبارك في طياته فرصًا عظيمة للطاعة والعلم، وتبرز كلية البنات الإسلامية بدورها المميز في تعزيز القيم الدينية والعلمية خلال هذا الشهر الفضيل.
موضوعات مقترحة
وتسعى الكلية إلى تقديم أنشطة وفعاليات متنوعة تخدم الطالبات والمجتمع على حد سواء، من خلال تنظيم ندوات تثقيفية ومسابقات علمية وحفظ القرآن الكريم، بالإضافة إلى تقديم نصائح قيمة للطالبات للاستفادة القصوى من رمضان.
في هذا الحوار مع الدكتور محمد عطا الله عميد كلية البنات الإسلامية بأسيوط، نستعرض أبرز الأنشطة التي تنفذها الكلية، وأقسام الدراسة بها، وعدد الطالبات، فضلاً عن دورها المجتمعي البارز، مع تسليط الضوء على أسباب الإقبال المتزايد على التعليم الأزهري، وذكريات لا تُنسى ترتبط بهذا الشهر الكريم.
الدكتور محمد عطا الله عميد كلية البنات الإسلامية بأسيوط
- حدثنا عن الأنشطة والفعاليات التي تنفذها الكلية خلال شهر رمضان الكريم؟
تحرص الكلية على أن يكون لها دور بارز في المجتمع خلال شهر رمضان، سواء داخل الكلية أو خارجها.
على مستوى الكلية، نعقد ندوات تثقيفية للطالبات، تتناول مواضيع مختلفة مثل فقه الصيام، وكيفية الالتزام في رمضان، واستغلال الشهر الفضيل في الطاعة، والابتعاد عن الأمور التي تُنقص الثواب.
وعلى المستوى المجتمعي، فتنظم الكلية سنويًا ملتقىً للطالبات، وهو عبارة عن مسابقة علمية، يتم فيها طرح أسئلة من كتب التراث، بالإضافة إلى مسابقة في حفظ القرآن الكريم.
وبعد تحديد الفائزات، يتم تكريمهن خلال شهر رمضان، بهدف تشجيعهن على التفوق العلمي والديني
الدكتور محمد عطا الله عميد كلية البنات الإسلامية بأسيوط
- إذا كان لك نصيحة للطالبات في شهر رمضان.. بماذا ستنصحهن؟
أقول لأبنائي وبناتي الطالبات: لا بد من المحافظة على الصلاة في كل الأوقات، والالتزام بالصيام والصلاة خلال شهر رمضان بصفة خاصة، لأن الطاعة هي النجاة للمرء مما يعترض حياته في الدنيا، فالمُلهيات كثيرة، ولا يكون للإنسان حافظ إلا الله عز وجل، ولا وسيلة للحفظ إلا اللجوء إلى الطاعات، ومنها الصلاة والصوم.
وأنصحهن بالابتعاد عن المُلهيات التي تحاول أن تخترق حياة الإنسان، مثل الإنترنت والقنوات الفضائية والتلفزيون، خصوصًا خلال شهر رمضان، حتى لا يضيع هذا الشهر الفضيل فيما لا ينفع.
وأحثهن على تكريس هذا الشهر لممارسة الطاعات، والاستفادة منه في طلب العلم الشرعي، والاستماع إلى الدروس الدينية، ومراجعة القرآن الكريم.
الدكتور محمد عطا الله خلال حوراه لبوابة الأهرام
هل يمكن أن تطلعنا على أقسام الدراسة في الكلية.. وإجمالي عدد الطالبات بها؟
تتكون الكلية من خمس شُعب، شعبة الشريعة الإسلامية، شعبة الشريعة والقانون، شعبة اللغة العربية، شعبة أصول الدين، شعبة الخدمة الاجتماعية.
ومدة الدراسة في جميع الشعب أربع سنوات، وتحصل الطالبة بعدها على درجة الليسانس، باستثناء شعبة الخدمة الاجتماعية، التي تمنح درجة البكالوريوس.
أما عن عدد الأقسام الموجودة بالكلية، فهي 11 قسمًا، موزعة كالتالي: 4 أقسام في شعبة اللغة العربية، 3 أقسام في شعبة أصول الدين، 3 أقسام في شعبة الشريعة والقانون، قسم واحد في شعبة القانون.. ومخطط في المستقبل تقسيمه إلى «قانون عام» و«قانون خاص»، لكن لانخفاض أعداد أعضاء هيئة التدريس حاليًا، لا يزال يُعتبر قسمًا واحدًا.
ويبلغ إجمالي عدد الطالبات بالكلية نحو 6300 طالبة، أكثرهن في شعبة الشريعة والقانون
- ما أنشطة الكلية التي تخدم بها المجتمع؟
الكلية لديها العديد من الأنشطة التي تخدم المجتمع، منها: المشاركة في التدريس بالمعاهد الدينية، مثل معهد إعداد الدعاة والرواق الأزهري؛ حيث يقدم عدد من أعضاء هيئة التدريس دروسًا دينية وتأهيل الدعاة علميًا، وإلقاء المحاضرات التثقيفية بالمساجد.
ويشارك عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس في تقديم محاضرات أسبوعية، بالتنسيق مع وزارة الأوقاف، لنشر الوعي الديني بين الناس، والمشاركة المجتمعية لشعبة الخدمة الاجتماعية؛ حيث تسهم الطالبات في أنشطة متنوعة تخدم المجتمع، مثل تنظيم الزيارات الميدانية، وعقد اتفاقيات تعاون مع جهات مختلفة، لإثراء التجربة التعليمية وربطها بالواقع العملي.
- لدى الأسر حاليا اتجاه إلى التعليم الأزهري.. فما تفسيرك لهذا؟
بالطبع.. فالفطرة لها دور أساسي في هذا الاتجاه، وتميل الأسر بطبيعتها إلى أن يتعلم أبناؤها أمور الدين، وهذا الأمر يتوفر بكثرة في الأزهر، لذلك يحرص الوالدان دائمًا على أن يحصل أبناؤهم على التعليم الديني، والذي يجدونه متاحًا بشكل أوسع في الأزهر.
أما السبب الثاني فهو الثقافة الدينية؛ حيث إنها تساعد الناس على تجنب الكثير من الأخطاء، وهذه الثقافة متجذرة في مناهج جامعة الأزهر.
والعامل الثالث، فهو التغيرات التي طرأت على التعليم العام؛ حيث أصبح التطوير المتسارع فيه دافعًا قويًا لابتعاد بعض الأسر عنه، وتحويل أبنائهم إلى التعليم الأزهري، ولكن في المقابل، يوفر التعليم الأزهري استقرارًا؛ حيث إن الطالب الذي يُكمل المرحلة الثانوية الأزهرية يضمن الالتحاق بإحدى كليات جامعة الأزهر، وهذا كان دافعًا رئيسيًا لجعل العديد من الأسر تتجه إلى التعليم الأزهري.
وعلى الجانب المادي، التعليم الأزهري يُعد خيارًا مناسبًا لطبقة عريضة من المجتمع، حيث إن الظروف المادية لبعض الأسر قد لا تؤهلهم لمواصلة التعليم العام في مدارس خاصة أو لغات أو دولية؛ نظرًا لارتفاع التكاليف والرسوم الدراسية، بينما لا تزال رسوم الأزهر رمزية مقارنة بالتعليم العام؛ لذلك، ساهمت هذه العوامل في زيادة الإقبال على التعليم الأزهري، وتحويل العديد من الطلاب من التعليم العام إليه.
- ونحن في شهر رمضان.. هل لك ذكريات لا تنساها مع أيام الشهر الفضيل؟
شهر رمضان له ذكريات جميلة جدًا عندي، أثناء دراستي كنت أكرس وقتي ليلًا للمذاكرة، وكنت استغل هذا الشهر للمذاكرة والطاعة فقط.
في ذلك الوقت، لم تكن هناك الكثير من وسائل الترفيه، وكان عدد القنوات التلفزيونية محدودًا، والحمد لله أنني نشأت في بيئة كانت بمثابة أرض خصبة لمراجعة الدروس والعلوم.
في المرحلة الأولى، كنت أستغل شهر رمضان للمذاكرة بتركيز شديد، أما في المرحلة الثانية، بعد حصولي على درجة الدكتوراه، فقد كان الوقت المحبب لي للعمل في البحث العلمي هو الفترة ما بين صلاة التراويح وصلاة الفجر؛ حيث كنت في هذا الوقت أختار موضوع البحث، وأكتب فيه، وأدور حوله وأرتب أفكاري.
وأفضل الأبحاث التي أكرمني الله بها، وخرجت بأفضل صورة، كانت خلال شهر رمضان.
يبدو أن التنشئة كان أحد عوامل النجاح حتى الوصول إلى منصب عمادة كلية البنات الإسلامية.. هل هذا صحيح؟
بالفعل.. صحيح، شأني مثل كل من ينشأ في القرية، فالوالد والوالدة كانا أميين، لكنهما غَرَسَا فيَّ حب القراءة والكتابة، وكانا يسهران على راحتي ويوفران لي جميع سبل الراحة.
وكان والدي يهتم بي أكثر من إخوتي؛ لما لاحظه من حبي للتعليم والعلم، فقد كنت متفوقًا طوال مراحل الدراسة، وعلى الرغم من أميتهم، فإنهم علمونني غرس الحب، وكانوا يبعدون عني أي وسيلة تشغلني عن المذاكرة؛ حتى إن والدي، أحيانًا، حينما يراني مُجهَدًا من المذاكرة، كان يحاول أن يجعلني أرتاح قليلًا، ويشغلني بشيء آخر.
فقد أكرمني الله بالالتحاق بكُتَّاب القرية، وحفظت القرآن الكريم، ثم التحقت بالمعهد الابتدائي، ثم الإعدادي، وحصلت على الثانوية الأزهرية عام 1984، وكان ترتيبي الخامس على مستوى الجمهورية.
والتحقت بعدها بكلية الشريعة والقانون في أسيوط، وحصلت على درجة الليسانس عام 1990 بتقدير عام جيد جدًا.
وعُيِّنت بعدها معيدًا بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين في محافظة قنا، ثم سافرت إلى المملكة العربية السعودية عام 2006، وحصلت على درجة الأستاذية عام 2012، ثم عدت إلى قسم الدراسات الإسلامية والعربية بقنا، وعُيِّنت رئيسًا لقسم الفقه المقارن، ثم رئيسًا لوحدة الجودة بالكلية، بجانب الاشتراك في العديد من الدورات والتدريس للأئمة في معهد إعداد الدعاة.
ثم نُقِلت إلى كلية البنات الإسلامية بأسيوط عام 2016، وعُيِّنت وكيلًا للكلية، ثم عميدًا لكلية التربية للبنات بأسيوط عام 2021، وفي عام 2024 عُيِّنت عميدًا لكلية البنات الإسلامية بأسيوط، ومازالت في المنصب حتى الآن.