انقطاع الضفيرة الكهربية! (2)

11-3-2025 | 13:58

انقطعت الضفيرة الكهربية.. يا لها من ضفيرة متقلبة غير مستقرة! 

انقطعت مرة أخرى وأخذت معها راحة القلب التي كاد الجسد يعتاد عليها، بعد أن اشتاق إليها سنوات طويلة. 

انقطعت ليعود ضيق التنفس، ومرة أخرى يتحدثون عن العلاج بالصدمات الكهربية والكي!!!!

الضفيرة لها حكاية، وحكايتها محيرة.

ليست حكاية كبيرة.. لكنها محيرة! 

قالت الضفيرة حكايتها بمنتهى الاختصار والصراحة والوضوح، لن أستقر إلا إن أبعدتم عنى أي مصدر للتوتر والقلق! كل المطلوب لتنعموا باستقراري هو الهدوء والسكينة. احترموا قواعدي وإلا فلن أمل الانقطاع مهما كانت شدة صدماتكم الكهربية.

أكدوا لها حالفين بكل الإيمان صعوبة ما تقول، بل ربما استحالته، ولما أصرت على كلامها واستبدت برأيها صرخوا في وجهها فلتذهبي أيتها الضفيرة إلى الجحيم، في أي عالم تعيشين؟ عن أي استقرار وهدوء تتحدثين؟ إنه عالم عاشق للقلق، باهر ومبدع في خلق كل مسببات التوتر.

لكن الضفيرة لديها ردودًا جاهزة، تلقي بها دون اكتراث لأحد، لا يشغلها إن هي حيرت عقول من حولها. قالت بمنتهى الاستفزاز: الأمر بسيط أيها السادة، ألقوا همومكم خلف ظهوركم، ارموا مشكلاتكم المعقدة الجارحة الحالكة بعيدًا عني فمجرد ذكرها أمامي يتعبني، لا أريد جدالًا ولا نقاشًا مهما كانت أهميته، اضربوا بمنطقكم عرض الحائط فلطالما أثار عصبيتى، ولما واجهوا الضفيرة بصعوبة تلبية طلباتها وضرورة تغيير آرائها ابتسمت قائلة: أيها المتبلدون، عن أي آراء تتحدثون؟ هي ليست آراء وإنما شروط، إن عقدكم معي هو عقد إذعان أفرض فيه شروطي كما أشاء وليس عليكم إلا الطاعة. 

ضفيرة متهورة مجنونة، تربط استقرارها بأمور عجيبة لا تعلم عنها شيئًا!

تريد التخلي عن النقاش والجدال حتى لا تثار عصبيتها! يعني بمنتهى الوضوح التخلي عن العقل والمنطق! تريد البلادة والصمت والكبت وقتل الشعور والإحساس والإدراك لما تبقى في هذا العالم من المبادئ والأخلاق. أيتها الضفيرة الحمقاء.. إن هم تخلوا عنه فما الذى يتبقى لهم من آدميتهم؟ وحولهم عالم قد خلا من كل علامات الاحترام لأية مبادئ! عالم معاند يصر على السير في اتجاه واحد ولا يرى أو يفهم أن -حتى- الشوارع يتم تصميمها في اتجاهين ليسير كلٌ في الاتجاه الذى يريحه دون تصادم، هكذا هي الحياة أيضًا لو كانوا يعلمون. النقاش والمنطق في هذا العصر هو الدليل الوحيد على أنك ما زلت "بنى آدم".

لكن ما باليد حيلة، فلتفرض شروطها كما تشاء، شروطها أرحم من ضيق التنفس مليون مرة، لا عقل ولا منطق بعد اليوم. مرحبًا بالبلادة إن كان بها سر الحياة، لا مشكلة إطلاقًا فالبلادة وصفة سريعة التحضير لا تتطلب إلا كمية وفيرة من عدم التفكير مع قليل من الصمت، مضافًا إليها كمية وفيرة من عصير الليمون، وبعضًا من القرفة والينسون وزيت الكافور، ثم يقلب الخليط مرارًا وتكرارًا حتى يتجانس ثم يتم وضعه في مكان بعيد، وحيدًا منعزلًا عن كل شيء. وصفة سهلة، وصفة هايلة بكل تأكيد.

أيها الناس مرحبًا بكم، افعلوا ما تشاؤون، ولا نقاش ولا انفعال ولا عصبية بعد الآن، فما هي إلا ضفيرة واحدة ولابد من الحفاظ عليها. هل تريدون ضربًا أم سبابًا فقط؟ افعلوها كما يحلو لكم، هي فرصة لن تتكرر، لن تجدوا كل يوم شخصًا يرحب بالبلادة هكذا! أغضبوه، سبوه، اصرخوا في وجهه، اضربوه إن شئتم، هو لكم بكامل إرادته واختياره.. وهل يملك شيئًا آخر للحفاظ على ضفيرته الكهربية من الدمار غير قبولكم بهذا الشكل؟ لن تتغيروا، من حقكم، ولماذا التغيير وأنتم على يقين أنكم على صواب وكل العالم على خطأ! 

كلمة أخيرة أيتها الضفيرة العزيزة الغالية 

فلتذهبى إلى الجحيم.. مرحبًا بضيق التنفس وبالموت نفسه لو كان المقابل حياة بلا معنى. افرضي شروطك على شخص آخر، أعطِ وصفتك الغالية لمن يقدر على ابتلاعها، أما هنا فقد حسم الأمر منذ زمن بعيد، صدقيني لقد تعبنا كثيرًا حتى نكون من نحن عليه، ولن نغير أنفسنا ومبادئنا من أجل سلامتك وراحتك.. حتى ولو كان الثمن هو الحياة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة