شكّل نصر العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر عام 1973م أمجد أيام مصر على مدار تاريخها الذي هو عمر البشرية جمعاء؛ إذ استعادت مصر والأمة العربية كرامتها وعزتها، حين أعلى أبناء مصر رايتها عالية خفاقة فوق أرض سيناء الغالية.
موضوعات مقترحة
حلم اعتبره البعض مستحيلًا، ورغبة دفينة في قلوب كل المصريين لتحرير الأرض إلا أن شعورًا باليأس سيطر على الحالة العامة للجميع، فلا يوجد أي مؤشر لحرب قريبة، ونفس الشعور استقر داخل العدو، فبالرغم من الخسائر التي كبدتها له "حرب الاستنزاف" إلا أن طول فترة الكر والفر التي استمرت ست سنوات بدأت في سبتمبر 1968م، رسخت لدى "إسرائيل" وجنودها على الجبهة شيئًا من الراحة والاستكانة.
ورافق الخبر الرئيسي صورة الرئيس السادات يرأس اجتماع القيادة العامة للقوات المسلحة، ويظهر في الصورة معه الفريق أحمد إسماعيل، والسيد عبد الفتاح عبدالله والفريق سعد الشاذلي.
نجحت قواتنا المسلحة في عبور قناة السويس إلى سيناء، وتمكنت بعملية اقتحام ناجحة والاستيلاء على الجزء الأكبر من الشاطئ الشرقي للقناة، وسقطت في أيدي قوات العبور المصرية نقط العدو واستحكاماته القوية؛ حيث رفع الجنود البواسل العلم المصري على خط بارليف، وغطت على دوي المدافع وانفجارات القنابل أصواتهم وهم يكبرون لحظة ارتفاع العلم المصري فوق الأراضي المصرية في سيناء).
(ولم يستطع الطيران الإسرائيلي على كثافته فوق سماء المعركة؛ وحيث اشتبكت مقاتلات سلاح الجو المصري مع الطائرات الإسرائيلية وأدت إلى سقوط العدو 11 طائرة وخسرنا 10 طائرات).
مانشيتات النصر تتصدر صفحات الأهرام
وتستمر التغطية في شرح ما حدث (وقد بدأت القوات المصرية عمليات العبور بعد أن ردت في الساعة الواحدة والنصف عدوانًا إسرائيليًا حاول فيه عدد من تشكيلات العدو الجوية مهاجمة قواتنا في منطقتي الزعفرانة والسخنة في خليج السويس، بينما كانت بعض زوارقه الحربية تحاول الاقتراب من الساحل الغربي للخليج).
ولم يكن هذا الهجوم بعيدًا عن التوقعات المصرية التي كانت ترصد كالصقر التحركات الإسرائيلية على مدى الثماني والأربعين ساعة الماضية، فانتقل الرئيس السادات إلى مقر قيادة القوات المسلحة لمتابعة الموقف أولًا بأول.
(وعندما صدقت توقعات القيادة، أعطى الرئيس السادات أوامره للقائد العام للقوات المسلحة بأن ينفذ على الفور، وطبقًا للخطة الموضوعة، عملية ردع شاملة للعدو).
وأصدر أوامره بأن توضع أجهزة الدولة جميعها في خدمة المعركة.
(بدأت أجهزة الدولة على المستويين الحكومي والشعبي وضع جميع مباني المدارس في حالة استعداد لمواجهة الطوارئ، وأن تكون الأولوية في صرف مواد البناء الأساسية كالحديد والخشب الأسمنت لأغراض الحرب، وتكليف 20 شركة مقاولات للقيام بالأعمال التي تستدعي الظروف الحالية القيام بها لمتطلبات المعركة).
علم "موشي ديان" خبر اقتحام القوات المصرية لاستحكامات خط بارليف، لم يجد مبررًا يقوله للصحفيين سوى: (إن خط بارليف لم يكن سوى قطعة من الجبن "الجروبير" فيه من الثقوب أكثر مما فيه من الجبن)، واعترف بالخسائر ونجاح القوات المصرية في عبور القناة واستخدام الجسور عليها، وظهر على شاشات التليفزيون ليعلن أن المعركة ستدور في صحراء سيناء في الأيام القادمة واعترف بأن القوات الإسرائيلية قد تكبدت الخسائر وفقدت بعض المواقع المهمة.
قال الراديو الإسرائيلي إن مصر مهدت لعبور القناة بغارات كثيفة على عدد من المواقع الإسرائيلية، وانطلقت صفارات الإنذار في جميع مدن إسرائيل في الساعة الثانية وخمس دقائق وظل الناس في المخابئ 45 دقيقة.
مانشيتات النصر تتصدر صفحات الأهرام
واستمرت التغطية الإخبارية ففي اليوم التالي ليتصدر المانشيت:
تل أبيب: سير القتال في اليوم الثاني "حرج للغاية بالنسبة لإسرائيل"
وعرضت في صفحتها الأولى تقرير وكالة الأسوشيتدبرس الأمريكية لنتائج العمليات وذُكر فيه تدمير محاولتين قام بهما العدو للتصدي للقوات المتقدمة شرقي القناة، وخسر العدو 30 طائرة و32 دبابة وعددًا كبيرًا من المدرعات، واستولت قواتنا على عدد من الدبابات الإسرائيلية.
تقدمت قواتنا المصرية داخل سيناء بعد أن تمكنت خلال معاركها البالغة العنف من تعزيز مواقعها على طول الشاطئ الشرقي للقناة، وتمكنت من تشتيت هجوم مدرع مضاد للعدو.
واستسلم عدد من جنود العدو بدباباتهم ومدرعاتهم لقواتنا، علاوة على الأسرى الذين سقطوا في أيدي القوات المصرية.
قد أعلن "شموئيل جونين" القائد الإسرائيلى للجبهة الجنوبي في حديث على الراديو الجيش الإسرائيلى "أن المعارك في شرق القناة قاسية جدًا بسبب حشود المدفعية المصرية الضخمة بالقرب من منطقة المواجهة".
وفي شمال سيناء استطاعت قوات المظليين المصريين تدعمها الطائرات المقاتلة المصرية قطع الأسطول للعدو.
قامت المقاتلات القاذفة المصرية بضربة جوية للقطاعين الأوسط والشمالي من سيناء، وأدت إلى إصابات بالغة العدد من مواقع العدو وبطاريات مدفعيته ووسائل دفاعه الجوي.
شهدت ميادين القتال مع العدو في جنوب سيناء والجبهة الشمالية معارك ضاربة بالدبابات في صراع عنيف واشتركت فيه مئات من الدبابات والعربات المدرعة وقطع المدفعية الثقيلة، وقد وصف هذه المعارك بأنها أعنف المعارك منذ الحرب العالمية الثانية.
وخسر العدو 24 فانتوم وسكاى هوك، و36 دبابة وعددًا من المدرعات، واستسلام 45 أسيرًا من القوات البرية وعدد من الطيارين.
حققت القوات المسلحة المصرية من القتال البطولي في جبهة سيناء، وخاض فيه الرجال بصلابة عدة معارك طاحنة مع العدو، وكسروا فيها موجات متتالية من الهجوم المضاد الذي قام به العدو ودفع فيه بمجموعة من ألويته المدرعة في محاولات مستميتة لوقف زحف جنود مصر.
وحمل مانشيت يوم 10 أكتوبر 1973 البشرى بقرب النصر
(يوم مجيد للقوات المسلحة المصرية)
بدأت معارك يوم 9 أكتوبر مع الساعات الأولى من الفجر؛ حيث تم الاشتباك مع اللواء الإسرائيلي المدرع رقم190 ومع شروق شمس النهار كانت كل دبابات هذا اللواء ومدرعاته قد تحولت إلى حطام.
استسلم قائده العقيد "عساف ياجوري" ومعه مئات من جنوده، وبعد قليل بدأت موجات أخرى من الهجوم الإسرائيلي المضاد بلواءين مدرعين جديدين، وتصدت لهما قواتنا المتمركزة في القطاعين الأوسط والجنوبي.
أصدر الرئيس "محمد أنور السادات" تعليمات إلى الدكتور "محمد حسن الزيات" وزير الخارجية لكي يضع أمام مجلس الأمن صورة كاملة لعمليات الانتقام التي توجهها إسرائيل ضد المدنيين في مصر؛ حيث بلغ عدد الشهداء من المدنيين حتى اليوم مائة قتيل مدني بينهم كثير من الأطفال.