«نساء حول النبي».. سيرة عطرة للسيدة رملة بنت أبي سفيان

6-3-2025 | 22:51
;نساء حول النبي; سيرة عطرة للسيدة رملة بنت أبي سفياننساء حول النبي (صورة موضوعية)
شيماء عبد الهادي

تقدم "بوابة الأهرام" على مدار شهر رمضان المبارك، سيرة مختصرة لعدد من النساء في عهد النبي صلوات الله عليه وسلامه، وفي حلقة اليوم، نتعرف على سيرة عطرة لامرأة عظيمة من تاريخنا الإسلامي، وهى السيدة رملة بنت أبي سفيان، وتقدمها وهيبة أيوب الواعظة بالأزهر الشريف فيما يلي: 

موضوعات مقترحة

اسمها ونسبها:

هي رملة بنت أبي سفيان بن حرب أبوها أبو سفيان زعيم قريش وسيداً من ساداتها وكان معاديا للنبي صلى الله عليه وسلم سنين طويلة.

زواجها الأول:

وزوجها عبيد الله بن جحش وهو ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم.

إسلامها:

لما سمع عبيد الله والسيدة رملة بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم دخلا في الإسلام ولم يهتموا بأمر أبي سفيان وكان أبي سفيان لم يخطر بباله لحظة أن ابنته تخالف أمره أو تخرج عن سلطانه ولكن عز وجل قد شرح صدرها للإسلام وحاول أبو سفيان بكل ما أوتي من قوة أن يرد ابنته وزوجها إلى دين الآباء والأجداد ولكنه لم يستطع فقد طلب من ابنته أن ترجع عن هذا الدين ولكنها رفضت حيث أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وقدمت رضا الله ورضا رسوله على رضا أبوها وهذا عملاً بقول الله تعالى "وإن جاهداك على أن تشرك لي ماليش لك به علم فلا تطعهما".

هجرتها إلى الحبشة:

وطبعاً زي ما إحنا عارفين أن أي حد يدخل في الإسلام في هذا الوقت كان بتعرض لأذى قريش فخشي النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه من أن يفتتنوا في دينهم فأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة فتركت السيدة رملة زعامة وسيادة والدها ابو سفيان وهاجرت مع زوجها فقدمت الآخرة على الدنيا لأنها تعلم أن الآخرة خير وأبقى وبشرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن بالحبشة ملكاً لا يُظلم عنده أحد وأنه رجل عدل.

ولكن لم تسكت قريش عن هذا الأمر بل بعثت منهم رجلين وهما عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو ابن العاص ليفتنوعم في دينهم ويخرجوهم من دارهم التي اطمئنوا بها وأمنوا فيها فلما دخلت على النجاشي قالا له أن هؤلاء الذين أتوا اليك قد فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إلى أهلهم ولكن زي ما قال سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أن النجاشي ملك عد لا يُظلم عنده أحد فكان من عدل النجاشي أنه لم يرد المسلمين إلى أهلهم حتى يسمع منهم فلما سأل النجاشي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر هذا الدين الجديد قال له جعفر بن أبي طالب كنا قوم أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته فدعانا إلى التوحيد ونعبده ونترك عبادة الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وعدّ عليه جفعر أمور الإسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من عند ربه فعدا علينا قومنا فعذبونا وأفتتنونا على ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان فلما قهروما وظلمونا وضيقوا علينا وحاولوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نُظلم عندك أيها الملك فقال له اقرأ ما معك من القرآن فقرأ عليه بداية سورة مريم فبكى النجاشي ودخل في الاسلام وأخفى إسلامه وقال لمرسلي قريش والله لا أسلمهم اليكما وهذا هو عدل النجاشي فلم يسمع من طرف واحد بل سمع من الطرفين لكي يحكم بالعدل.

وعاش المسلمون في بلاد الحبشة في أمن واطمئنان. وظنت السيدة رملة أن السعادة ستبدأ من تلك اللحظة، ولكن سرعان ما امتحنها الله عزّ وجل امتحانا قاسياً فقد توفي زوجها عبيد الله بن جحش وأصبحت السيدة رملة غريبة في بلاد الحبشة ليس لها إلا ابنتها حبيبة طفلة صغيرة، فكانت في حيرة من أمرها أتبقى غريبة في بلاد الحبشة أم ترجع إلى والدها ابي سفيان الذي ما زال مشركا ولكن لم تستسلم السيدة رملة بل ظلت في الحبشة واختارت أن تعيش غريبه في بلد غريبة ثابته على دينها احب إليها من أن تعيش مع والدها على دين غير الإسلام.

زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم:

وبعد انقضاء عدتها أوحى الله عزّ وجل إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأن يتزوج من رملة بنت أبي سفيان ومن هنا نتعلم أن الله عزّ وجل يجعل بعد العسر يسرا وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه حيث إن أم حبيبة تركت الأهل والوطن وهاجرت مع من هاجر ثم أصبحت غريبة في وطن لم تألفه من قبل فعوضها الله سبحانه وتعالى خيراً.

فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي يطلب منه أن يزوجه السيدة رملة فبعث النجاشي جاريته لتخبر السيدة رملة بأن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يتزوجها وطبعا السيدة رملة فرحت بهذا الخبر فرحا شديدا وأظهرت رغبتها في الزواج من النبي صلى الله عليه وسلم ومن هنا نزل قول الله تعالى "عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة...

سيدنا عبد الله بن عباس قال نزلت هذه الآية في زواج النبي صلى الله عليه وسلم من رملة بنت أبي سفيان حيث المقصود من الذين عاديتم أبي سفيان وفرح النجاشي بهذا الزواج وأصدق السيدة رملة بأربعة آلاف درهم حتى قيل إن السيدة رملة هي أكثر نساء النبي صلى الله عليه وسلم صداقاً لأن اللي دفع لها المهر الملك النجاشي وصنع النجاشي وليمة ودعا إليها المسلمين الموجودين في الحبشة ليشهدوا هذا الزواج المبارك والنجاشي طلب من السيدة رملة أن توكل من يزوجها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا نكاح إلا بولي وشاهدى عدل" وطبعاً أبوها في هذا الوقت كان مشركاً وبالتالي مش هينفع يكون ولياً لها في الزواج لأنه لا ولاية لغير المسلم على المسلم فاختارت السيدة رملة خالد بن سعيد بن العاص ليكون ولياً لها وتم الزواج وجهزها النجاشي من عنده بأحسن الجهاز وأصبحت السيدة رملة زوجة للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وأما للمؤمنين.

حياة السيدة رملة في المدينة: 

وانتقلت السيدة رملة إلى المدينة وعاشت مع النبي صلى الله عليه وسلم أجمل أيام عمرها وأخذت تقتبس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وتتخلق بأخلاقه. 

وفي يوم من الأيام أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يغزو مكة فجاء أبو سفيان ليكلم النبي صلى الله عليه وسلم في أن يزيد في الهدنة فدخل على ابنته رملة لكي تتوسط له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتقد أنها ستفرح بلقائه ولكن ظهر له عكس ذلك فلما أن أراد أن يجلس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم طوته دونه أي سحبت فراش النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يجلس عليه أبو سفيان لأنه كان ما زال مشركا فكرهت أن يجلس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها أبو سفيان لقد أصابك بعدي شر ولكن لا يعلم أنها أصابها الخير كله فكيف يصيبها شر وهي زوجة الحبيب صلى الله عليه وسلم ولكن تمر الأيام ويدخل أبو سفيان الإسلام فتفرح بإسلامه السيدة رملة لأنها كانت تتمنى أن يدخل أبوها في الإسلام.

وعندما مرضت السيدة رملة مرض الموت دعت السيدة عائشة رضي الله عنها وقالت لها قد كان بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله لي ولك وما كان من ذلك فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها غفر الله لك ذلك كله وحللك من ذلك فقالت السيدة رملة سررتني سرك الله ثم أرسلت إلى أم سلمة وقالت لها مثل ذلك.. هذا عملا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم "من كانت له مظلمة لأخيه فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم..

وماتت السيدة رملة سنة أربعة وأربعين في خلافة أخيها معاوية رضي الله عنه.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: