تطبيقات المقامرة الإلكترونية ترفيه رقمي أم فخ للإدمان والاستغلال ؟

6-3-2025 | 15:05
تطبيقات المقامرة الإلكترونية ترفيه رقمي أم فخ للإدمان والاستغلال ؟تطبيقات المقامرة الإلكترونية
شيماء شعبان

في السنوات الأخيرة، شهدت تطبيقات المقامرة الإلكترونية ازدهارًا غير مسبوق، مدعومة بتطور التكنولوجيا وانتشار الهواتف الذكية. تُقدَّر أرباح صناعة المقامرة الإلكترونية بمليارات الدولارات سنويًا، حيث توفر هذه التطبيقات ألعابًا مثل الروليت، البوكر، وماكينات الحظ، بالإضافة إلى رهانات على الأحداث الرياضية.

موضوعات مقترحة

تسوق هذه التطبيقات نفسها كوسيلة للترفيه والتسلية، مستهدفةً المستخدمين من مختلف الأعمار، مع إغراءات مثل المكافآت المجانية والعروض الترويجية الضخمة. إلا أن الوجه الآخر لهذه الظاهرة يكشف عن مشكلات خطيرة، بدءًا من الإدمان وحتى الاحتيال والاستغلال المالي.

إدمان المقامرة خطر خفي

كما تُظهر الدراسات أن المقامرة الإلكترونية قد تؤدي إلى الإدمان بنفس الطريقة التي تؤثر بها المخدرات على الدماغ، حيث يتم تحفيز إفراز الدوبامين عند الفوز، مما يدفع اللاعب إلى تكرار التجربة بحثًا عن النشوة. ومع الوقت، قد يصبح الشخص مدمنًا، غير قادر على التوقف حتى بعد خسائر مالية فادحة.

ويشير خبراء علم النفس إلى أن سهولة الوصول إلى هذه التطبيقات، وغياب القيود الزمنية أو الجغرافية، يزيدان من خطر الإدمان، خاصة لدى الفئات الشابة.


تطبيقات المقامرة الإلكترونية

الثغرات القانونية واستغلال المستخدمين

تختلف التشريعات حول المقامرة الإلكترونية من دولة لأخرى، ففي بعض البلدان تكون قانونية ومُنظَّمة، بينما في أخرى تُعتبر غير قانونية، ما يدفع بعض المنصات إلى العمل خارج نطاق الرقابة، مستفيدةً من الثغرات القانونية.

وهذه التطبيقات غالبًا ما تلجأ إلى إستراتيجيات خادعة، مثل منح المستخدمين عملات افتراضية مجانية في البداية، ثم دفعهم للشراء بعد استنزاف الرصيد الأولي. كما قد تتعمد بعض التطبيقات التلاعب بنسب الفوز لجذب اللاعبين والاستمرار في تحقيق الأرباح، يقول الدكتور أحمد القرماني، الخبير القانوني، وأستاذ القانون الجنائي،  شهدت العقود الأخيرة تطورًا هائلًا في التكنولوجيا الرقمية، مما أدى إلى انتشار أنشطة المقامرة عبر الإنترنت، والتي أصبحت صناعة بمليارات الدولارات على مستوى العالم.


تطبيقات المقامرة الإلكترونية

المقامرة في القانون المصري

وتابع: يعتمد القانون المصري في تنظيمه للمقامرة على عدة نصوص قانونية، أبرزها قانون العقوبات، إلى جانب قوانين أخرى تتعلق بالأنشطة الاقتصادية والتجارية، وقد عرّف "المقامرة"، وفقًا للتشريعات المصرية، على أنها أي نشاط يعتمد على الحظ أو الصدفة حيث يتم الرهان بالمال أو ما يعادله للحصول على ربح غير مضمون. وينص المادة ٣٥٢ من قانون العقوبات المصري على أنه: "يعاقب بالحبس كل من أنشأ أو أدار محلًا للمقامرة أو عاون في تنظيمه، وتكون العقوبة مشددة إذا كان ذلك في مكان عام أو مفتوح للجمهور".

اقرأ أيضا:

كيف نحمي المستخدمين من خطر المقامرة الإلكترونية؟

أمين سر حقوق الإنسان بالنواب يتوجه بسؤال حول جهود الحكومة في حظر تطبيقات المراهنة والمقامرة الإلكترونية

 

موقف القانون من المقامرة التقليدية والإلكترونية

وواصل، يحظر القانون المصري المقامرة التقليدية إلا في حالات محدودة مثل بعض الكازينوهات المرخصة التي يُسمح فيها للأجانب فقط بالمشاركة، وتخضع هذه الأماكن لرقابة صارمة من الجهات المختصة.

وأشار، مع تطور التكنولوجيا، أصبحت المقامرة الإلكترونية أكثر انتشارًا، حيث تتيح مواقع الويب والتطبيقات للأفراد المشاركة في أنشطة المقامرة من أي مكان. غير أن القانون المصري لا يحتوي على نصوص صريحة تعالج المقامرة عبر الإنترنت بشكل مباشر، لكنه يجرّمها ضمنيًا استنادًا إلى القواعد العامة التي تحظر أنشطة المقامرة بشكل عام، بما في ذلك المادة ٣٥٢ من قانون العقوبات.

الإشكاليات القانونية للمقامرة الإلكترونية في مصر

ويكشف الخبير القانوني الدكتور أحمد القرماني، عن عدم وجود تشريع محدد للمقامرة الإلكترونية؛ حيث لا يوجد قانون مصري ينظم المقامرة الإلكترونية بشكل مباشر، مما يطرح تساؤلات حول مدى قانونية مواقع المقامرة الأجنبية التي قد يستخدمها المواطنون المصريون. كما أن بسبب الطبيعة الافتراضية للمقامرة الإلكترونية، يصعب ملاحقة المتورطين فيها، خاصة عندما تكون الخوادم المستضيفة لهذه المواقع خارج مصر. كما أن استخدام وسائل الدفع الإلكتروني مثل العملات المشفرة يزيد من تعقيد تتبع هذه الأنشطة.

إجراءات للحد من المعاملات المالية المرتبطة بالمقامرة الإلكترونية

ولفت القرماني إلى أن السلطات المصرية تتخذ إجراءات للحد من المعاملات المالية المرتبطة بالمقامرة الإلكترونية، حيث يمكن للبنك المركزي فرض قيود على المدفوعات التي تتم عبر بطاقات الائتمان أو الحوالات البنكية إلى مواقع المقامرة.


تطبيقات المقامرة الإلكترونية

العقوبات المحتملة لممارسة المقامرة الإلكترونية في مصر

وأشار، على الرغم من عدم وجود نص قانوني صريح بشأن المقامرة الإلكترونية، فإن القوانين العامة يمكن تطبيقها لمعاقبة المتورطين، ومنها:

1- عقوبات تشغيل أو إدارة مواقع المقامرة الإلكترونية وفقًا للمادة ٣٥٢ من قانون العقوبات؛ حيث يعاقب بالحبس كل من يدير أو يساعد في تشغيل مواقع المقامرة، وقد تشدد العقوبة في حالة ثبوت استخدام وسائل احتيالية لجذب المستخدمين.

2- عقوبات المقامرين أنفسهم قد يُعاقب الأفراد الذين يشاركون في المقامرة الإلكترونية إذا ثبت تورطهم في أنشطة غير قانونية مرتبطة بها، مثل غسل الأموال أو الاحتيال المالي.

3- قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية (القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨): يجرّم هذا القانون استخدام الإنترنت في الترويج لأنشطة غير مشروعة، بما في ذلك المقامرة، وقد تصل العقوبات إلى الحبس والغرامات المالية.


تطبيقات المقامرة الإلكترونية

ويؤكد الخبير القانوني الدكتور أحمد القرماني على أن المقامرة الإلكترونية تظل في مصر محاطة بالكثير من الغموض القانوني بسبب عدم وجود تشريع واضح ينظمها، إلا أن القانون المصري يحظرها ضمنيًا من خلال القواعد العامة التي تمنع المقامرة التقليدية. ومع تزايد استخدام التكنولوجيا المالية وظهور تحديات جديدة مثل العملات المشفرة، قد يكون من الضروري تحديث القوانين لمواكبة هذا التطور وضبطه بما يتماشى مع السياسة التشريعية المصرية.


تطبيقات المقامرة الإلكترونية

ضحايا في الظل

وأضاف الخبير القانوني، لا تقتصر خسائر المقامرة الإلكترونية على الأموال فقط، بل تمتد إلى آثار اجتماعية ونفسية خطيرة. فقد وثقت العديد من الحالات لأشخاص فقدوا مدخراتهم، أو تورطوا في ديون ضخمة بسبب إدمان هذه التطبيقات. كما أن بعض المستخدمين يلجأون إلى الاقتراض أو حتى الاحتيال لتعويض خسائرهم، مما يؤدي إلى مشكلات قانونية وأسرية معقدة.


الدكتور أحمد القرماني الخبير القانوني

كيف نحمي المستخدمين من خطر المقامرة الإلكترونية؟

لمكافحة المخاطر المرتبطة بالمقامرة الإلكترونية، يطالب الخبراء بفرض قيود مشددة على هذه التطبيقات، مثل: تنظيم الصناعة بشكل أكثر صرامة، مع فرض قوانين لحماية المستهلكين، و زيادة التوعية حول مخاطر الإدمان، عبر حملات تثقيفية تستهدف الشباب بشكل خاص، وتطوير تقنيات ذكاء اصطناعي تكشف عن أنماط السلوك الإدماني، وتنبه المستخدم قبل الوصول إلى مرحلة الخطر، مع إتاحة أدوات رقابية للآباء لمنع وصول الأطفال والمراهقين إلى هذه التطبيقات.

القمار المحرم

ومن جانبه، يقول محمد عبدالعظيم الأزهري، أمين لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، أن المراهنات أو المقامرة التي يجريها المشاركون على مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة، ويدفعون أموالا في حساباتها ثم يأخذ هذه الأموال الفائز منهم فقط ويخسر الباقون من عين القمار المحرم.

وتابع: أن القمار أو المراهنة من الميسر المتفق على حرمته شرعا، قال تعالي: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ».

والنبي صلى الله عليه وسلم قال لنا: « مَنْ حَلَف فَقَالَ في حلفِهِ: بِالَّلاتِ والْعُزَّى، فَلْيقُلْ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّه ومَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ، تَعَالَ أقَامِرْكَ فَليتَصَدَّق». يتصدق لأنه دعا غيره إلى القمار، لعل الله عز وجل يذهب السيئة بالحسنة، فكيف بمن قامر بالفعل؟


تطبيقات المقامرة الإلكترونية

واستكمل: فالقمار أيضا أكل لأموال الناس بالباطل، وكبيرة من كبائر الذنوب. كما يعد كسب القمار مالا خبيثا ويؤثر سلبا على الدخل الأُسري والاستقرار المادي بالغرق في الديون، وما ينتج عنه من محاولات التخلص من الحياة هربا من ضغوطه ومشكلاته، وكذلك يؤثر على الاستقرار العائلي، الذي يؤثر بدوره على الأطفال، ويؤدي إلى كثرة المشكلات الزوجية وارتفاع نسب الطلاق.

ويؤكد أمين لجنة الفتوى بالأزهر لشريف، أنه لا شك أن المفسدة والإثم متحققان في هذه المقامرات، فقد سماها الحق سبحانه في كتابه العزيز (رجس من عمل الشيطان).


محمد عبد العظيم الأزهري، أمين لجنة الفتوى بالأزهر الشريف

ويشير محمد عبد العظيم الأزهري أمين لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، بينما تروج تطبيقات المقامرة الإلكترونية لنفسها كوسيلة للترفيه، إلا أن واقعها يحمل مخاطر جسيمة، تتطلب تدخلاً سريعًا من الجهات التنظيمية والمجتمعية، متسائلا: هل ستتمكن القوانين والرقابة من الحد من هذه الظاهرة، أم أنها ستظل فخًا رقميًا يبتلع المزيد من الضحايا؟

 

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: