الكرة المصرية لديها الكثير من الهموم والمشكلات والأوجاع، وليست في حاجة إلى مزيد من الأزمات التي تشغلها عن هدفها الرئيسي في رحلة البحث عن المستقبل. لكن يبدو أن هناك آخرين يجدون المتعة وإثبات الذات في أن تظل الكرة المصرية مشغولة وغارقة في الأزمات بين الأهلي والزمالك، مستغلين إلغاء ضربة جزاء أدت إلى هزيمة أي من الفريقين، أو عقوبة تصدرها لجنة المسابقات ضد لاعب أو مسئول أو لجمهور خرج عن النص في إحدى المباريات بهتاف ضد القيم والتقاليد، سواء ضد لاعب أو حكم أو حتى مجلس إدارة ناديه.
مصالح شخصية قائمة على إشعال الفتن واستمرار الحروب بين كل الأطراف. إعلام ومواقع وصفحات تنشر روح التعصب وتبث رسائل الكراهية بين الجماهير. معارك تقوم على استعراض العضلات وإهانة الآخرين تحت شعار الدفاع عن النادي والجمهور، سواء كان على صواب أو على خطأ، المهم أن يحصل على أعلى نسبة مشاهدة ويحظى بالفوز بالتريند الذي يجلب الإعلانات.
المشكلة أن من بين هؤلاء نجومًا كبارًا ومسئولين في أندية وقنوات أصبحت قرارات لجنة المسابقات وأخطاء الحكام في المباريات المادة الدسمة لهم لتحقيق مكاسب وجماهيرية على حساب استقرار المسابقة وانتظامها. فإذا كان من حق أحد أن يدافع عن حقوق ناديه ويطالب برفع الظلم في قرار من القرارات ويساند ويدعم جمهوره في المباريات، لكن يجب أن يكون هذا دون الخروج عن النص والإساءة للآخرين. وعلى الجميع أن يتقبل العقوبة ويدعمها لأنها السبيل الوحيد لعودة الحياة مرة أخرى لملاعبنا.
لا أحد ينكر أن اتحاد الكرة لديه الكثير من الأخطاء ويصدر قرارات الكثير منها يحمل لغة التوازن والكيل بمكيالين، وليس هناك شك في أن أداء الحكام في المباريات عليه الكثير من علامات الاستفهام ويحتاج إلى وقفة ونقطة نظام لما يمثل الأمر من سلبية على المسابقة الكبرى في الكرة المصرية، مسابقة الدوري العام. لكن كل هذا ليس سبيلًا لأن تتحول المنابر والصفحات على السوشيال ميديا والإنستجرام إلى ساحات لمعارك وتصفية حسابات. من حق الجميع أن ينتقد ويوجه اللوم ويطالب بتصحيح الأوضاع، ولكن لابد أن تسود لغة الحوار والاحترام المتبادل، وهي اللغة التي تصل إلى الجمهور وينعكس الأمر على الأصوات والهتافات في المدرجات، فليس من الطبيعي أو المنطقي أن تسود العلاقات حرب البيانات التي تحمل في مضمونها لغة لا ترتقي لمفهوم الرياضة وسموها. فلم نسمع يومًا في الدوريات الخمسة الكبرى في العالم، وجميعها تعاني من سقطات للحكام وأزمات ومشكلات، أن سجلت شرطة إنجلترا محضرًا لرئيس نادٍ ضد النادي الآخر، ولم نسمع أو نشاهد في قناة من قنوات أندية إيطاليا وألمانيا وفرنسا تهديدًا ووعيدًا للنادي الآخر أو لمسئولي لجنة الأندية.
الدوري المصري الذي لأول مرة ينتظم وتُلعب جولاته ومؤجلاته كاملة وينتهي الدور الأول في موعده يحتاج إلى لوائح وقوانين تُطبق على الجميع دون تفرقة، ويحتاج إلى جيل جديد من الحكام مؤهلين لإدارة المسابقة، وأن تكون هناك وقفة لكثير من الحكام الذين انتهى عمرهم الافتراضي في الملاعب وحان وقت اعتزالهم.