«نساء حول النبي».. «الخنساء» امرأة بدأت حياتها في الجاهلية بالبكاء والعويل حتى أسلمت

4-3-2025 | 20:29
;نساء حول النبي; ;الخنساء; امرأة بدأت حياتها في الجاهلية بالبكاء والعويل حتى أسلمتنساء حول النبي (صورة موضوعية)
شيماء عبد الهادي

تقدم "بوابة الأهرام" على مدار شهر رمضان المبارك، سيرة مختصرة لعدد من النساء في عهد النبي صلوات الله عليه وسلامه، وفي حلقة اليوم، نتعرف على سيرة عطرة لامرأة عظيمة من تاريخنا الإسلامي، امرأة بدأت حياتها في الجاهلية بالبكاء والعويل، لكنها حين أسلمت تغيرت حياتها، وأصبحت رمزًا للصبر والإيمان والتضحية. إنها الخنساء بنت عمرو السلمية، رضي الله عنها، تقدمها أماني حسن ربيع  واعظة بالأزهر الشريف.

موضوعات مقترحة

 من هي الخنساء؟

الخنساء، واسمها تماضر بنت عمرو بن الشريد السلمية، نشأت في بيت عز وشرف في قبيلة بني سليم. كانت شاعرة بليغة، واشتهرت خاصة في شعر الرثاء، فقد فقدت أخاها صخر في الجاهلية، وكان أعز الناس إليها، فبكته بكاءً شديدًا وقالت:

وإنَّ صخرًا لَوالِينَا وسَيِّدُنا

وإنَّ صَخرًا إذا نَشْتُو لَنَحْرُورُ

وكانت لا تزال تبكيه كل يوم، حتى أصبحت تُعرف بأنها أشهر امرأة بكت في الجاهلية.

الدرس المستفاد:

من طبيعة البشر التأثر بالمصائب، ولكن الجزع والبكاء الشديد لا يغيران شيئًا، بل قد يزيدان الإنسان ألمًا وحزنًا.

ينبغي للمسلم أن يدرك أن كل شيء مقدر عند الله، وأن الحزن لا ينبغي أن يطغى على العقل والإيمان.

ثانيًا: تحول الخنساء بعد الإسلام

حين أشرقت شمس الإسلام، أسلمت الخنساء، وجاءت إلى النبي ﷺ، فاستمع إلى شعرها، وأعجب به، لكنه علّمها أن الصبر والاحتساب خيرٌ من البكاء والعويل.

الإسلام يهذب النفوس ويغير القلوب، ويحول الإنسان من الجزع إلى الرضا، ومن الضعف إلى القوة.

يجب على المسلم أن يتعلم الاحتساب عند المصائب، كما قال النبي ﷺ:

"ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرًا منها." [رواه مسلم].

ثالثًا: أعظم موقف في حياتها – صبرها عند استشهاد أبنائها

عندما خرج المسلمون لقتال الفرس في معركة القادسية، كان للخنساء أربعة أبناء، فأوصتهم قبل المعركة قائلة:

"يا بني، إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله لا يخيب رجاء من احتسب عنده، فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله، لعلكم تفلحون."

فخرج أبناؤها الأربعة إلى المعركة، وقاتلوا حتى استشهدوا جميعًا.

وجاءها الخبر، فهل بكت كما بكت على صخر؟ لا! بل قالت قولتها العظيمة:

"الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته."

- الصبر عند المصائب ليس مجرد كلمات، بل موقف عملي يجب على المسلم أن يعيشه.

الإيمان الصادق يجعل الإنسان راضيًا بقضاء الله، مهما كان مؤلمًا.

التضحية في سبيل الله أعظم من أي تضحية دنيوية، لأن الجزاء عند الله خير وأبقى.

الدروس والعبر من حياة الخنساء

الدرس الأول: الصبر عند المصائب

كل واحد منا قد يمر بمصائب في حياته، بفقدان عزيز، أو خسارة، أو مرض، فماذا نفعل؟

هل نصرخ ونجزع؟ أم نصبر كما صبرت الخنساء؟

 قال الله تعالى:

﴿وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتۡهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ﴾ [البقرة: 155-156].

الدرس الثاني: التضحية في سبيل الله

الخنساء لم تكن مجرد أم عادية، بل كانت أمًا عظيمة قدمت أبناءها الأربعة للجهاد.

واليوم، نحن بحاجة إلى التضحية، ليس فقط بالدم، ولكن بالوقت، والمال، والجهد، في سبيل نصرة الإسلام.

 قال رسول الله ﷺ:

"من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا." [متفق عليه].

الدرس الثالث: قوة المرأة المسلمة

الخنساء ليست نموذجًا للبكاء فقط، بل نموذج للمرأة القوية، الصبورة، المثقفة، صاحبة الرأي والشعر والحكمة.

والمرأة المسلمة اليوم يجب أن تكون قوية، واعية، مؤمنة، تفيد مجتمعها، وتربي أبناءها على الدين والقيم.

 قال النبي ﷺ:

"الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة." [رواه مسلم].

الدرس الرابع: الإيمان يغير الإنسان

الخنساء في الجاهلية كانت تبكي بلا توقف، ولكن بعد الإسلام أصبحت رمزًا للصبر والاحتساب.

وهذا درس لكل واحد منا، أن الإيمان الصادق يمكن أن يحوّل حياتنا من الضعف إلى القوة، ومن الجزع إلى الصبر.

 قال النبي ﷺ:

"عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له." [رواه مسلم].

كيف نطبق هذه الدروس في حياتنا؟

 إذا أصابتنا مصيبة، فلنتذكر الخنساء، ولنقل: "إنا لله وإنا إليه راجعون" وندعو الله بالصبر.

 لنكن أقوياء في مواجهة الأزمات، ولنؤمن أن الله لا يضيع أجر الصابرين.

 لنربي أبناءنا على التضحية، والعمل الصالح، وخدمة الإسلام، كما ربت الخنساء أبناءها.

 ولنتذكر أن المرأة المسلمة ليست ضعيفة، بل قوية بإيمانها وعلمها وصبرها

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: