4-3-2025 | 20:33

المتابع للمجريات والتطورات الأخيرة للجهود الماراثونية المكثفة لإنهاء الحرب الإسرائيلية الجائرة على غزة، والمأساة الإنسانية الرهيبة التي يعيشها سكان القطاع، سيخرج بنتائج تؤيدها شواهد لا حصر لها على الأرض، ونبدأها بأن وزراء حكومة "بنيامين نتنياهو" اليمينية المتطرفة، لا يكترثون ولا ينشغلون سوى بمصالحهم الشخصية البحتة، وحساباتهم الانتخابية الضيقة، ولم يصدر عنهم ما يؤكد بالبراهين القاطعة رغبتهم المخلصة والصادقة في الإفراج عن المحتجزين، رغم ضغوط الرأي العام بالداخل الإسرائيلي وأسر المحتجزين الذين اتهموهم صراحة بإعاقة كل المساعي الهادفة لإطلاق سراحهم.

بخلاف مراوغات وتلاعب الحكومة الإسرائيلية للتنصل من استكمال اتفاق وقف إطلاق النار بمراحله المختلفة، وعلى الرغم من الجهد الذي بذله الوسطاء لتقريب وجهات النظر، وما طرح عليها من ضمانات، فهي تمضي قدمًا في غيها وتتهرب من التصرف بمسئولية، وكذلك التفاعل مع التحركات الجادة إقليميًا ودوليًا لإحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وتتمسك بخيار الحرب الذي لن يحقق لها أيًا من أهدافها المعلنة، وستكون عاملًا في زيادة التوتر والاحتقان، وإطالة أمد فاجعة غزة التي دمرتها تمامًا تقريبًا، وشردت آلاف الفلسطينيين الذين لم ولن يتخلوا عن أراضيهم، وأكدوا تمسكهم بها، وأنهم لن يغادروها، مهما فعلت إسرائيل، ويتشبثون بها حتى الرمق الأخير.

موقف الفلسطينيين من جهة والموقف المصري الثابت والصلب من جهة أخرى، أجهضا سيناريو التهجير الذي روجت له إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، حيث قدمت مصر بدائل وخيارات عملية وواقعية من خلال خطتها لإعادة إعمار غزة والتي تتيح إعادة بناء غزة دون أن يتركها أهلها، على عكس ما تسعى له واشنطن ومعها تل أبيب التي يتم تزويدها بأسلحة متطورة وفتاكة ومعدات هدم بمليارات الدولارات، لكي تواصل إبادة الشعب الفلسطيني وتصفية قضيتهم العادلة، دون أن يردعها أحد لضمانها غطاء الحماية الأمريكية التي تبرر جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي ومذابحه، وتنزع من الفلسطينيين حقهم الشرعي بمقاومة الاحتلال، وتحديد مصيرهم ومستقبلهم، ولسان حال أمريكا يقول لهم موتوا في صمت وبلا تذمر ولا اعتراض، وتطلق العنان لإسرائيل لفعل ما يعن لها.

يتصل بذلك، أن الدولة المصرية ساندت بقوة الفلسطينيين ودافعت عنهم، ودحضت بالحجة والبرهان الناصع كل الأكاذيب والافتراءات الإسرائيلية، وكان لها دورها المشهود والكبير في حشد المواقف العربية المناهضة للتهجير، وعقد القمة العربية الطارئة التي ستلتئم في القاهرة اليوم -الثلاثاء- وحذرت مرارًا وتكرارًا من أن تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة خلال شهر رمضان المبارك، لا سيما بعد قرار السلطات الإسرائيلية وقف دخول المساعدات إلى القطاع، سيؤدي لا محالة إلى تفجر الوضع ميدانيًا وإنسانيًا، وستعود الأزمة للمربع الأول، في وقت يُجمع فيه عقلاء العالم على حتمية وضع حد فاصل ونهائي لكارثة غزة المروعة، وأن تكف إسرائيل عن إراقة مزيد من دماء المدنيين الفلسطينيين.

إن إسرائيل تصر على إعطاء ظهرها للسلام وعرقلة سبل تحقيقه، وتستظل بالدعم الأمريكي غير المحدود، ففي حين كان "ترامب" يوبخ ضيفه الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي"، بالبيت الأبيض، متهمًا الرجل بإعاقة السلام والتوصل لوقف إطلاق النار مع روسيا، وهدده بإغلاق جسر المساعدات العسكرية والمالية لكييف، كانت إدارته تعلن بأريحية وغبطة كبيرة أنها ستمد حليفتها المدللة إسرائيل بالعتاد والسلاح والذخائر التي تعلم أنها ستوظف لقتل ضحايا أبرياء جدد من الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية دون أن تتهمها، ولو تلميحًا بأنها العقبة الكؤود أمام استقرار الشرق الأوسط وتمتعه بالهدوء والسكينة، فقد دأبت واشنطن على الكيل بمعيارين وتعريض السلم والأمن الدوليين لكل صنوف وألوان التهديدات المباشرة وغير المباشرة، وبعدها تعطي المواعظ والحكم عن ضرورة إقرار السلام في العالم، وتزعم أنها تعمل من أجله!

كلمات البحث
الأكثر قراءة