امتزجت أصوات الآذان بفرحة القلوب مع حلول شهر رمضان المبارك في محافظة الدقهلية؛ حيث تبدأ قصة مختلفة قليلًا مع الصيام عن التي نعرفها.
موضوعات مقترحة
على مفترق طرق.. أطفال السكري في شهر الصيام
يقف الأطفال المصابون بمرضى السكري، على مفترق طرق في شهر الصيام، بين رغبتهم في آداء الفريضة وتحدي صمود أجسادهم الهشة؛ حيث يمتنع المسلمون في هذا الشهر الكريم عن الطعام والشراب من أذان الفجر وحتى أذان المغرب، ليتحول الصيام طوال هذه المدة بالنسبة لهؤلاء الأبطال الصغار إلى مغامرة تحتاج إلى خريطة طبية دقيقة لتجنب المخاطر المتوقعة.
مرضى السكري
فعالية ترفيهية لأبطال السكري من الأطفال
في مقابلة غير عادية بمدينة المنصورة، نظمت الدكتورة رشا وفيق، استشارية طب الأطفال والسكر والغدد الصماء، فعالية ترفيهية وتثقيفية -تنظمها سنويًا- لعشرات من الأطفال المصابين بالسكري مع أسرهم في نادي نقابة الأطباء بالدقهلية؛ لتسليط الضوء على كيفية التعايش مع مرض السكري في رمضان.
خطر محدق بأطفال هذا النوع من السكري
وبين ضحكات الأطفال المشاركون في الأنشطة، كانت رسالة الطبيبة الجادة: «صيام مرضى السكري من النوع الأول قد يكون خطيرًا جدًا، خاصة لمن يعانون من انخفاض متكرر في السكر أو لا يشعرون بأعراضه»، تقول الدكتورة رشا بحزم.
وأشارت إلى مخاطر محدقة بمرضى هذا النوع من السكري، مثل الحامض الكيتوني السكري «غيبوبة السكري»، الجفاف، وحتى التجلطات الدموية.
الممنوعون من صيام رمضان من مرضى السكري
الدكتور أسامة حمدي، الأستاذ بجامعة هارفارد وعضو مجلس أمناء جامعة المنصورة الأهلية، وضع خطًا واضحًا بين من يستطيع الصيام ومن يجب عليه ألا يخاطر بقوله: «مرضى السكري من النوع الثاني الذين تكون نسبة السكر التراكمي لديهم أقل من 7%، ويعتمدون على الحمية أو أدوية محددة، يمكنهم الصيام بعد استشارة الطبيب».
ولكنه يحذر بشدة من الصيام؛ في حالات انخفاض السكر الحاد، أو ارتفاع الأحماض الكيتونية، أو وجود الحمل أو الإصابة بالفشل الكلوي المتقدم.
مرضى ممنوعون عن الصيام حفاظًا على حياتهم
في نفس السياق، يروي الدكتور علاء وفا، أستاذ السكر والغدد الصماء بطب المنصورة، قصصًا مرضية لمرضى أصرّوا على الصيام رغم المخاطر.
وشدد على أن: «من أصيبوا سابقًا بانخفاض شديد في السكر، أو يعانون من عدم انتظام مستوياته، أو الحوامل المعالجات بالأنسولين، عليهم الإفطار حفاظًا على حياتهم»، مضيفًا إلى قائمة الممنوعين من الصيام، العاملين في الأعمال الشاقة أو المعالجين بالغسيل الكلوي.
وجوب الإفطار.. إلتقاء العلم والشرع للحفاظ على الإنسان
لا تنتهي قصة وجوب الإفطار والامتناع عن الصيام عند رأي الطب وحده، فالقصة لها بعد روحي يصاحب مرضى السكري في رحلتهم خلال شهر رمضان.
ويلتقي العلم بالشرع في نقطة توافق مذهلة، فوفقًا للفتاوى الشرعية، يُسمح للمرضى الذين يخشون الضرر البالغ أو يغلب على ظنهم وقوعه؛ بالإفطار، مع التصدق بفدية طعام مسكين كبديل، في رخصة أحلها الشرع لتحقيق التوازن بين الصحة والإيمان؛ للحفاظ على حياة الإنسان.
ووسط هذه القصة المعقدة التي تتشابك أطرافها بين الرغبة في أداء الفريضة والاستمتاع الروحي، في جانب، وبين الحفاظ على الحياة والاطمئنان إلى عدم مضاعفة الأعراض في جانب أخر.. يبقى السؤال: كيف يمكن لمرضى السكري، وخاصة من الأطفال، أن يعيشوا رمضان بأمان؟.
وتكمن الإجابة النموذجية الشافية لهذا السؤال في استشارة الطبيب المعالج، والالتزام بالإرشادات الطبية، وفهم حدود الجسم، فشهر رمضان ليس مجرد صيام عن الطعام، بل رحلة روحية تحتاج إلى حكمة لتكتمل.