- تعيد تدوير إطارات السيارات وتصنع منها الحلىّ والإكسسوارات والحقائب النسائية
- "كاوتشو" مشروع متكامل ينفذ بأيادي 100 طفل من "أولاد الناس"
- ابتكرت مادة آمنة لمعالجة أضرار الكاوتش على صحة الإنسان
مريم الجمال درست في كلية الحقوق ولكنها وجدت شغفها في مجال بعيد تماما، فقد ارتبطت بإطارات السيارات وخلقت منه مشروعها المتكامل "كاوتشو" لصناعة الحليّ والإكسسوارات والحقائب النسائية من الكاوتش، والمختلف أنه مشروع ينفذ بأيادي أولاد الشوارع.. أو كما تطلق عليهم في مبادرتها "أولاد الناس"، كما أشركت في مشروعها سيدات من الصعيد.. تفاصيل رحلة مريم مع الكاوتش نتابعها في السطور التالية.
البداية
تقول مريم الجمال: درست في كلية الحقوق جامعة حلوان كما درست ريادة الأعمال بالجامعة الأمريكية، وحكايتي مع الكاوتش بدأت مع السنة الأولي في الجامعة، وبالتحديد خلال تواجدي في مرسم الجامعة، وهو مكان مخصص للطلاب لتعلم وتنمية أي موهبة أو نشاط فني يريده الطالب من رسم إلي نحت وغيره وكان دخولي إليه استكمالا لرحلتي مع تعلم وتدريب الحرف اليدوية الذي بدأته منذ صغري في مكتبة مصر العامة بالدقي، وخلال فترة الدراسة كنا نشم علي فترات رائحة كريهة جدا بسبب حرق بعض العمال للكاوتش في جراج الجامعة، فالجراج كان مليئا بإطارات السيارات ومصيرها إما التقطيع والبيع لصالح مصنع الأسمنت في حلوان أو حرق الكاوتش وبيع أجزاء الحديد التي يحتويها لنفس المصنع، وهذا كان يدر عائدا أعلى للعمال من بيع الكاوتش نفسه، وفي احدى المرات اقترحت علينا إحدى المدربات في المرسم البحث في أمر إعادة تدوير الكاوتش بدلا من هذا الضرر الناجم عن حرقه، وبحثنا عن سبل لذلك من خلال مشاهدة العديد من الفيديوهات أكثرها لأجانب يعيدون استخدام إطارات السيارات ويصنعون منها منتجات متعددة ومجسمات، وتشجعت للفكرة وبدأت أجرب مع زملائي خطوات لتنفيذ كراسي وترابيزات وأشكال ديكورية، وأنتجنا بالفعل عددا من الكراسي وبدأنا نبيعها للمحال والكافيهات الشهيرة بمنطقة حلوان والمعادي، وخلال مشاركتي في معرض بالمنيل عرضت بعض منتجاتي، وطلبت مني مهندسة تصميم طاقم كامل مكون من كنبة وكرسيين وترابيزة لتقتنيه في منزلها، وكنت سعيدة جدا لطلبها ونفذته، وخلال فترة الجامعة من 2011 حتى 2015 أعدت تدوير 300 كاوتش وحصلت علي شهادة من الجامعة عن أفضل مشروع للحد من تلوث الكاوتش.
مريم الجمال
مريم الجمالمبادرة "أولاد الناس"
وتضيف مريم: "أولاد الناس" هي مبادرة مجتمعية غير هادفة للربح وبدأت بسيطة جدا بقناعة أرساها في وجداننا د.سيد العربي عميد كلية الحقوق وقتها، وهي أن نرعي ونحتوي قدر استطاعتنا بالأطفال الموجودين بالشوارع.. فليس لهم عائل أو رفيق ونصطحبهم ونقدم لهم يد العون، وبالفعل بدأت مع زملائي في التحدث مع الأولاد الموجودين أمام الجامعة بمحطة المترو ومنطقة المكتبات الخاصة ببيع الملازم، كان يبيعون المناديل وبعض الحلوي، وتدريجيا بدأنا نكتشف أن بعضهم لديه مواهب في الرسم والأشغال اليدوية، وبعد التخرج بدأت أعمل في العديد من السفارات وكان لدّي مكتب وأقنعت بعض الأطفال بقضاء الوقت معنا ليتعلموا اللغة الإنجليزية ومهارات الحاسب الآلي والعمليات المحاسبية، وأيضا نقدم لهم جلسات تأهيل نفسي، وبدأوا يمارسون هواياتهم ولمعرفتهم بنا وثقوا فينا وشعروا بأننا نقدم لهم مستقبلا أفضل من التسول، وهدفنا أن نقدم جزءا من الحل لمشكلة أطفال الشوارع.
مريم الجمال
مريم الجمالكاوتشو
وتكمل مريم الجمال حكايتها قائلة: في 2016 كانت بداية التفكير في المشروع، وقتها لاحظت الأطفال في المكتب يرتدون حظاظات من شنابر كاوتشات السيارات، فبدأت أسألهم عنها وقالوا إنها أحسن من الحظاظات العادية المصنوعة من القماش والجلد وأنهم يختارون الموديل حسب طلبهم، وطبعا لأني تعاملت مع الكاوتش سابقا فتحمست لعودة العمل به، وبدأنا تجاربنا علي الخامة بالتصميم والرسم عليها وفي 2018 بدأنا مشروعنا وقررنا استخدامه في مجال الحليّ، وصممنا بعض النماذج لحلقان وأساور وكوليهات وبدأنا ننزل بالمنتجات في الأندية وأشرح الفكرة أن المنتج منفذ بأيدي الأطفال، وكان الناس يتحمسون للفكرة ولكن واجهنا نوعا آخر من التحدى وهو أن منتج الكاوتش له رائحة سيئة ونفاذة، وبدأنا من 2019 وحتي 2022 نجري أبحاثا علي مواد كيميائية لمعالجة هذه الرائحة، وبالفعل توصلنا لمادة آمنة وحصلنا من مصلحة الكيمياء علي موافقة باستخدامها لكونها آمنة علي جلد ورئة الإنسان، وفي بداية المشروع كنت ألف علي الميكانيكية لأحصل علي الكاوتش، أما حاليا أصبح لدينا مصادر نأتي منها بالخام ونختار مواصفات الجودة المطلوبة، من مناطق بالخانكة وكذلك قرية ميت الحارون بالغربية والعبور وطريق الساحل والبراجيل، وبالنسبة لسعره فالكيلو يقدر بـ15 جنيها، وكل الكاوتش صالح لإعادة التدوير.. ولكن كل نوع كاوتش له استخدام، ولدينا 10 مراحل حتي تخرج القطعة جاهزة للتغليف، أولها تبدأ بغسيل الكاوتش ثم تعريضه للجفاف في الشمس ثم عمل التصميم علي الجهاز ثم تنفيذ التصميم علي الكاوتش ثم الغسيل مرة أخري باستخدام المواد الآمنة لنتخلص من الرائحة ثم الرسم والتلوين ثم أحيانا الغسيل مرة أخري ثم التجفيف و"التفنيش" باستخدام مكملات ولوازم صناعة الإكسسوارات.
مريم الجمال
مريم الجمالتكمل مريم حاليا فريق عمل المشروع مكون من 13 فردا ما بين مصممين وعمال إنتاج ومحاسب ومسئولي جودة ومسئول مبيعات داخلية وخارجية، هذا بجانب 100 من الأطفال "أولاد الناس" و44 سيدة مدربة ومنتجة لمشروعنا من قرية حمرة الدوم بصعيد مصر، وحصلنا علي مركز أول من منظمة العمل الدولية وهيئة كير مصر عن دورنا في دعم أطفال الشوارع وسيدات الصعيد في القري الأكثر فقرا، وكذلك فزنا بالمركز الأول للاحتضان في الدورة العاشرة من حاضنة الأعمال كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، هذا بجانب مشاركتنا في معرض الإبداع الشبابي بدعوة من "اليونسكو" للاحتفال باليوم العالمي للشباب تبع اليونسكو وبرنامج الامم المتحدة الانمائي، وحصلنا أيضا علي تكريم من وزارة الشباب والرياضة والسفارة الإسبانية، ومؤخرا بدأنا خطواتنا لتصدير منتجاتنا خارج مصر لبعض الدول العربية منها الإمارات والجزائر والأردن ونركز في تصميم منتجاتنا الخاصة بالتصدير علي الموديلات التراثية الخاصة بالبلدان العربية وهذا بجانب الطابع التراثي المصري، فمن مزايا خامة الكاوتش أنها خفيفة الوزن جدا في مقارنة بباقي الخامات وهذا ساعدنا في تلبية طلبات العملاء العرب الذين يحبون ارتداء قطع إكسسوارات كبيرة الحجم ولكن يواجهون تحديا فى الوزن الثقيل خاصة في الحليّ المصنوع من المعادن المختلفة.
مريم الجمال
مريم الجمال