مؤلفة «الأكثر مبيعًا» د.إيمان العوضي: كتابي حول الفكر الليبرالي يكشف زيف «الزمن الجميل»

27-2-2025 | 14:38
مؤلفة ;الأكثر مبيعًا; دإيمان العوضي كتابي حول الفكر الليبرالي يكشف زيف ;الزمن الجميل;د.إيمان العوضى
محمد شعبان، تصوير: محمد عبدالمجيد
الشباب نقلاً عن

د.إيمان العوضي، صحفية بالأهرام وباحثة أكاديمية في التاريخ الحديث والمعاصر ورئيسة لجنة الثقافة بحزب المصريين، أصدرت مجموعة كتب متميزة تشارك بها بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2025. ومؤخرا تم تكريمها من وزارة الثقافة حيث حصلت على جائزة أفضل كتاب في العلوم الإنسانية، والذي صدر تحت عنوان "الفكر الليبرالي في مصر 1919 إلى 1961"، وهو واحد من الكتب التي تصدرت قائمة "الأكثر مبيعا".. في السطور التالية التقيناها، فكان هذا الحوار. 

من أين جاءت فكرة كتابك "الفكر الليبرالي في مصر 1919 إلى 1961"؟ وهل كان للأحداث التي نعيشها دور فى اختيار هذا الموضوع؟

فكرة الكتاب شجعني عليها أستاذى الدكتور عاصم الدسوقى، المؤرخ المصري الكبير، وأتناول من خلاله جزءا من رسالة الماجستير التى أعددتها وحصلت على تقدير ممتاز، وقد قدم لى الكتاب وهو ما أعطاه قيمة كبيرة، وبالفعل كان للأحداث السياسية والاجتماعية دور كبير في اختيار موضوع الكتاب، فمنذ أن كنت طالبة بكلية الآداب وأعمل بالصحافة وقامت ثورة يناير كانت هناك طفرة في الأحزاب التى تتبع التوجه الليبرالى، وبدأ الشباب يتحدثون عن هذا الفكرة، كما بدأت تنتشر أفكار مغلوطة أيضا عن الليبرالية والحرية، والحقيقة أن الليبرالية شهدت تطورات كثيرة أتت بعد صراع طويل، حيث بدأ المفهوم الليبرالى يتبلور على يد العديد من الفلاسفة والسياسيين مثل جون لوك وآدم سميث وتُرجم مصطلح الليبرالية كمذهب فلسفى سياسى لإعلاء قيمة التحرر.

د.إيمان العوضى

الفترة التي تتحدثين عنها في الكتاب يطلق عليها البعض تعبير "الزمن الجميل".. هل كانت الحرية فكرة حقيقية في هذا الزمن؟  

تناولت التجربة الليبرالية فى مصر، ملامحها وسماتها ورموزها، وناقشت طبيعة التجربة بمعنى هل كانت تجربة ليبرالية كاملة وفقا للمفهوم المتعارف عليه لليبرالية؟، أم تجربة شبه ليبرالية؟، أم مجرد أفكار ليبرالية انتشرت عبر الأفراد؟، وكيف تجسدت تلك التجربة على أرض الواقع؟. ما وجدته أن التجربة الليبرالية في مصر لم تكن ناضجة أو مكتملة، وإنما كانت تجربة شبه ليبرالية قبل ثورة يوليو، وتجسدت فى وجود بعض الأفكار الليبرالية لدى نماذج من دعاتها كأحمد لطفى السيد ونجيب محفوظ وعلى عبدالرازق، وفى وجود بعض الأحزاب الليبرالية كحزب الوفد والأحرار الدستوريين والهيئة السعيدية والكتلة الوفدية، لكن لم يكن هناك تطبيق كامل للفكر الليبرالى وفقا لمفهوم الليبرالية بمفهومها الشامل فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولكن كانت مجرد أفكار ليبرالية انتشرت عبر الأفراد والمؤسسات الحزبية، لكن الممارسة على أرض الواقع كانت مختلفة.

إذن هذا الزمن لم يكن جميلا كما نتخيله في الصور والأفلام القديمة؟

الحقيقة لمن يعيد قراءة التاريخ، سيجد أن الحياة السياسية والاجتماعية في مصر قبل ثورة يوليو 1952 كانت مليئة بالفساد والإفساد والفقر والجهل والمرض، رغم وجود الأفكار الليبرالية المنتشر بعضها عن طريق بعض الأفراد والأحزاب فقط، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب من أهمها: وجود دستور 1923 الذي لم يقيد سلطة الملك، ولم يؤكد سلطة مجلس النواب في مواجهة الملك فسيطرت السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وقد تعطل العمل بهذا الدستور أكثر من مرة مع وجود مجموعة من الأحزاب المتناحرة، والتي كان هدفها الوصول إلى الحكم عن طريق التقرب إلى الملك أو المندوب السامي البريطاني أو تزييف الانتخابات، علاوة على أن هذه الأحزاب لم تكن لديها رؤية متكاملة حول قضايا التنمية والإصلاح الداخلي وتقريب الفوارق بين الطبقات وتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل حكم فاسد واحتلال إنجليزي يفرض كلمته على صناع القرار من خلال المندوب السامي، ووجود إقطاع ورأسمالية محتكرة سيطرت على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتحقيق مصالحها ضد مصالح الشعب الذي عاش مقهورا ينتظر الخلاص وكانت الديمقراطية شكلية ومزيفة للأغنياء وللأقلية، ولمن يملكون، ولمن ينهبون، ولمن يسيطرون، هؤلاء وحدهم كان لهم حق الحكم والثورة. أما الثقافة الليبرالية فكانت نخبوية تخص الأعيان وملاك الأراضى ولدى عدد قليل من المفكرين والأدباء، رغم وجود دستور ليبرالى وبرلمان وحكومة يشكلها أحد الأحزاب. 

لكن الجميل في هذا العصر أنه كان مليئا بالرموز ودعاة الفكر والحرية والثقافة وكان هناك بعض مظاهر التفتح في الموضة والأزياء لدى الطبقات العليا، لكن الفكر غير الممارسة، فالمجتمع كان منقسما، بين إقطاعيين أثرياء وبين طبقات فقيرة، أي فروقات مادية رهيبة. لذلك فإن ما يصلنا من هذا الزمن هو وجه واحد للحقيقة وليست الصورة كاملة.

لماذا يرتبط تقويض التجربة الليبرالية فى مصر بقيام ثورة 23 يوليو 1952؟ وما موقف عبدالناصر الحقيقي من الحرية؟

طبيعة التحول السياسي بعد ثورة يوليو لم يكن ينسجم مع الحقبة الليبرالية، فالرئيس جمال عبدالناصر والضباط الأحرار اتجهوا نحو تبني الفكر الاشتراكي وهو نقيض الليبرالية واتجهوا لإلغاء الأحزاب السياسية، وحل محلها الاتحاد الاشتراكى، وفى المجال الاقتصادى تبنى الاقتصاد المركزي المخطط وامتلاك الدولة لأدوات الإنتاج، فضلا عن تأميم الصحافة ووضع قيود على حرية التعبير. لكن ثورة يوليو1952 كانت تهدف إلى إحداث التغيير الشامل في البناء الاجتماعي للمجتمع المصري اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وقد كان المبدأ أو الهدف السادس من أهدافها ينص على "مواجهة التزييف السياسي الذي حاول أن يطمس معالم حقيقة الوطنية.. كان الهدف السادس هو إقامة حياة ديمقراطية سليمة". ومن أجل تحقيق هذا الهدف ووضعه موضع التنفيذ قامت الثورة –كخطوةأولى– في 9 ديسمبر1952 بإعلان قرارها باسم الشعب بسقوط دستور 1923، وأعلنت  في 26 يناير 1953 حل الأحزاب السياسية ومصادرة أموالها لصالح الشعب، وأعلنت فترة انتقال لمدة 3 سنوات لإقامة حكم ديمقراطي سليم. وكان عبدالناصر يؤمن بأن الديمقراطية السياسية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تحققت الديمقراطية الاجتماعية وتأمين الرزق للعامل وتأكيد الرزق للفلاح والقضاء على الاستغلال، وإذا تحققت الديمقراطية الاجتماعية فلابد أن تتحقق الديمقراطية السياسية وأن الشخص الذى يضمن رزقه وآمنه لا يخاف أن يقول رأيه بوضوح وصراحة ولا يمكن أن يبيع نفسه أو إرادته وأن حرية الخبز ضمان لابد منه لحرية الانتخابات والحريات الأخرى.

من هم أبرز دعاة الفكر الليبرالى فى مصر؟ ولماذا يُقال إن التجربة الليبرالية في مصر سبقت دستور 1923؟

تجسد وجود الفكر الليبرالى لدى بعض الأشخاص والرموز الفكرية، ممن انحازوا إلى الحريات وحقوق الإنسان ودعم حقوق المرأة وحرية واستقلالية الصحافة، وعلى الجانب السياسي دعم هؤلاء الديمقراطية كنظام للحكم والتى تقوم على تداول السلطة ووجود نظام برلماني مع وجود أحزاب قوية تتنافس على الحكم. والوفد برز كتجمع وطنى وحزبى للمطالبة بالاستقلال وكان أكبر الأحزاب في هذا العصر.

ومصر لم تكن بها تجربة ليبرالية متكاملة الأركان كانت مجرد أفكار انتشرت عبر أفراد تأثروا بالفكر الغربى ومؤسسات وأحزاب، لكن الحقيقة أن الأفكار الليبرالية كانت منتشرة حتى قبل دستور 1923، وترجع جذور الأفكار الليبرالية إلى التحديث الفكري الذى أتت به حركة النهضة بروادها ورموزها المعروفين والتى واكبت تجربة محمد على واقتدت بأفكارها وتراثها وكانت ثورة 1919 التى تعرف بالثورة الليبرالية فى تاريخ مصر الحديث والتى أنتجت دستور1923 الليبرالى ورسخت لمبادئ الحريات والفردية والتعددية هى مرحلة مفصلية حيث ألهمت رموز المدرسة الفكرية الليبرالية على مختلف الأصعدة السياسية والأدبية وغيرها ومن خلال عرضنا نماذج من هؤلاء المفكرين الذين رسخوا لمبادئ الليبرالية وهم أسماء تم اختيارهم بشكل دقيق، بحكم التأثير الكبير الذى تركه هؤلاء فى دعم قيم الحرية والليبرالية وهم أحمد لطفى السيد والشيخ على عبدالرازق ونجيب محفوظ ومحمد حسين هيكل وعباس العقاد.

تناولتِ خطورة الإسلام السياسي في رسالتك للدكتوراه.. كيف ترين خطورة هذا التيار الفكري وكيف كان معاديا لليبرالية والحرية؟

تناولت الحركات الإسلامية في دراستي للدكتوراه، وركزت على جماعة الإخوان المسلمين، والحقيقة أنني وجدت أن حسن البنا هو منبع الأفكار المتطرفة، فهو الذي كان يغذي في الشباب الصغار أفكار التطرف والجهاد وخلافه، حتى أن ظهر من بينهم مجموعة تسمى الانتحاريين، وطوال الوقت يتصفون بالغباء السياسي، وطوال التاريخ وهو يتعاملون مع القوى الغربية ويتم توظيفهم لتحقيق أطماع الدول الكبرى، ونشأة تيار الإخوان كانت نشأة عجيبة، فما حدث أن والد حسن البنا وهو الشيخ عبدالرحمن البنا هو الذي غذى فكر التطرف في ابنه الصغير، وعندما نضج البنا الصغير التف حوله بعض الشباب الصغار، وكونوا جمعية الأخلاق الحميدة، وكانوا يرسلون رسائل غير موقعة لأي فتاة لا ترتدي الحجاب أو أي عالم أزهري يدعو لقيم الحرية، والعجيب أن فتيات الكثير من المنضمين للإخوان لم يكن محجبات في هذا العصر، لكن مع الوقت نضج هذا الفكر المتطرف وبدأ يتشعب من هذه المجموعة الصغيرة التي بدأت بشباب متوسط أعمارهم 15 عاما.

كيف كانت ردود الأفعال حول الكتاب؟

الكتاب كان من الكتب الأكثر مبيعا بالمعرض الدولى للكتاب خلال النسخ السابقة، وكان ضمن الأكثر توزيعا بين المكتبات على مستوى الجمهورية ومنافذ توزيع الهيئة العامة للكتاب، وكان عليه إقبال كبير أكثر مما توقعت بسبب أن موضوعه جديد ويجمع بين التاريخ والفلسفة والسياسة.

هل عندك طقوس معينة فى الكتابة؟

نعم أي كاتب أو مفكر يرتبط بطقوس معينة خلال الكتابة. أنا مثلا تسعدني الشوكولاتة مع القهوة أثناء الكتابة وأحيانا الموسيقى الهادئة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: