يدفع النظام العالمي إلى أقصى حد من الانفجار.. معارضة داخلية كبيرة لخطط ترامب

23-2-2025 | 15:27
يدفع النظام العالمي إلى أقصى حد من الانفجار معارضة داخلية كبيرة لخطط ترامبصورة أرشيفية
إيمان عمر الفاروق
الأهرام العربي نقلاً عن

الرأى العام يظهر رفض أغلبية الأمريكيين خطة ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين

موضوعات مقترحة

 

المشاركون فى الاستطلاع يرون أن الخطة تنطوى على جرائم حرب عديدة وتهدد السلم والأمن الدوليين

 

موجات متلاحقة من الاحتجاجات تتسع رقعتها يوما بعد يوم، فى الداخل الأمريكى بمختلف الولايات، وأمام أبرز المقرات ترتفع اللافتات المناهضة للقرارات الصادمة واحدا تلو الآخر، تؤكد رفضها لخطة تهجير الفلسطينيين ومعارضتها لقرارات قيصر الإدارة الأمريكية إيلون ماسك ونفوذه المخيف، وفى الخارج بعواصم عالمية شتى لندن، برلين وبروكسل وغيرها تنتفض وتشهد مسيرات داعمة للحق الفلسطينى، ولتطهير العالم من الاحتلال.

الرفض لا ينحصر فى الشعارات، بل تدعمه استطلاعات رأى عام بين الأمريكيين تنتصر للحق الفلسطينى بأغلبية ساحقة، وتعتبر خطة الرئيس الأمريكى للتهجير ضربا من الجنون، تكتيكات جديدة يلجأ إليها الديمقراطيون لكبح جماح سياسات البيت الأبيض المثيرة للغضب والمخاوف فى الداخل والخارج.

فى مدينة أتلانتا عاصمة ولاية جورجيا الأمريكية، وأكبر مدنها من حيث عدد السكان، التى شهدت العام الماضى الواقعة الأكثر شهرة ورمزية فى الاحتجاجات العالمية على حرب الإبادة الوحشية، ضد الفلسطينيين والمعروفة بقيام المجند الأمريكى بوشنل، بإضرام النار فى نفسه صارخا «فلسطين حرة»، مشهد يلخص ويعكس عمق وحجم المعارضة الداخلية لقرارات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، حيث أقيمت مظاهرتان منفصلتان، واحدة للاحتجاج على دور إيلون ماسك فى الإدارة الأمريكية والأخرى لمعارضة خطة الرئيس دونالد ترامب الخاصة بغزة، حيث احتج أكثر من عشرين شخصا أمام القنصلية الإسرائيلية (ذات الموقع الذى شهد إحراق بوشنيل لذاته)، للتنديد بخطة ترامب بتهجير الفلسطينيين التى تتعارض مع القانون الدولى، وكان المتظاهرون يرغبون فى أن تصل رسالتهم إلى المارة.

وبالتأكيد، فإن الرسالة قد وصلت قبل الاحتجاجات، فالرأى العام الأمريكى يرفض بشكل قاطع خطة ترامب بشأن غزة، بحسب استطلاع للرأى العام أجراه مركز أبحاث Data For Progress، أظهر أن أغلبية الأمريكيين يعارضون تلك الخطة، وأنها تنطوى على جرائم حرب عديدة، وتهدد هيكل النظام الدولى ذاته على نحو ما حذر خبراء القانون الدولى وحقوق الإنسان، فقد وجد أن ٪64 من الناخبين الأمريكيين يعارضون الاقتراح، وقال ما يقرب من نصف المشاركين فى الاستطلاع البالغ عددهم 1201 مشارك، إنهم يعارضون الفكرة «بشدة» بنسبة تصل إلى ٪47.

وكانت المعارضة الأقوى بين صفوف الديمقراطيين، حيث عارض نحو 85 ٪  من الناخبين الاقتراح، بمن فى ذلك 78 ٪ يعارضونه بشدة، كما عارضه أيضا أغلبية المستقلين، بنسبة بلغت 63 ٪. وبحسب الاستطلاع، فإن نحو 7 من كل 10 ناخبين أعربوا عن معارضتهم إرسال قوات أمريكية إلى الشرق الأوسط.

وتتوافق الحركات الاحتجاجية والحراك الشعبى بالشارع الأمريكى، والتعبير عن رفض الأغلبية بأرقام استطلاعات الرأى العام، مع جهود تشريعية مماثلة، فقد قدم المشرعون الديمقراطيون مشروع قانون لمعارضة الخطة، حيث قدم السيناتور تيم كين -الديمقراطى عن ولاية فرجينيا - مشروع قانون يعبر عن رفضه التام لأى استخدام للموارد العسكرية الأمريكية لإقرار الاقتراح، وقال كين «إن غزة هى وطن الفلسطينيين، ولا يمكن للولايات المتحدة أن تنتزعها منهم»، وأعرب العشرات من أعضاء الكونجرس الأمريكى عن رفضهم لخطة ترامب بشأن غزة، وكتب 145 نائبا خطابا موجها إليه يحثونه فيه على التراجع عن تلك التصريحات.

وتتسع رقعة الاحتجاجات استجابة لحركة تم تنظيمها عبر شبكة الإنترنت تحت هاشتاج 50501#buildtheresistance#، والتى تعنى 50 احتجاجا فى 50 ولاية، ويوما واحدا. وذلك إثر سلسلة الأوامر التنفيذية التى وقع عليها ترامب فى أول أسبوعين من ولايته الجديدة بشأن كل شىء بدءا من التجارة والهجرة، وحتى تغير المناخ، فضلا عن إعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية، ومع بدء الديمقراطيين فى رفع أصوات المعارضة لأجندة ترامب، تضاعفت الاحتجاجات فى جميع أنحاء البلاد.

تصريحات صحفية للديمقراطيين، تحمل طابع المقاومة فى الداخل، لجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعى، فى محاولة منهم لمحاربة تحركات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المثيرة للغضب، بعد أن أصبحوا أقلية فى الكونجرس، ولم يتبق لهم سوى أدوات تشريعية معدودة لكبح جماح الرئيس ترامب، يسعى الديمقراطيون إلى حشد الرأى العام ضد مساعيه لتجميد القروض والمنح الفيدرالية، تفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وغيرها من الوكالات، السماح لقيصر كفاءة الإدارة الأمريكية الملياردير إيلون ماسك، بالوصول إلى البيانات الفيدرالية للأمريكيين.

فقد نظموا وقفات وتظاهرات فى أبرز وأهم المواقع، خارج مقر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أمام وزارة الخزانة، تحدثوا إلى حشد بالقرب من مبنى الكابيتول وآخر أمام وزارة العمل، كل هذا يأتى فى الوقت الذى يسعى فيه الديمقراطيون إلى إيجاد صوت لهم واختراق بيئة إعلامية مزدحمة، بينما يطغى ترامب على الخطاب الوطنى بعمل تخريبى تلو الآخر.

وقال السيناتور كريس فان هولن - ديمقراطى من ولاية ماريلاند - فى تجمع حاشد أمام مبنى الكابيتول،»هذه ليست أمريكا أولا، بل إننا نشهد تراجع أمريكا، ولكننا لن نتراجع عن القيم الأمريكية»، وقال النائب دون باير- ديمقراطى من فرجينيا - والذى يمثل أكثر من 70 ألف موظف فيدرالى، أن الاحتجاجات ستساعد فى حشد الدعم، والتأثير على الرأى العام، وقال لشبكة «إن بى سى نيوز» «ينبغى على الرأى العام إدراك مدى خطورة تلك القرارات، إنك بذلك تهدم مجتمعا بأكمله، ولن نتمكن من إدارة الدولة على هذا النحو».

وكان واحدا من اثنى عشر نائبا ديمقراطيا قد حاولوا دخول مقر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية فى واشنطن، ثم تجمعوا خارجها للاحتجاج على إغلاق ترامب وإيلون ماسك، للوكالة التى تعمل منذ عقود، والتى كانت مسئولة عن تسليم 40 مليار دولار، من الغذاء والكثير من المساعدات الإنسانية إلى الخارج.

عندما ندخل قاعات مجلس الشيوخ كل صباح، فإننا لا نعلن ولاءنا للمليارديرات، ولا نعلن ولاءنا لإيلون ماسك، ولا نعلن ولاءنا للشباب الذين يبلغون من العمر 22 عاما، والذين يعملون لصالح ماسك، نحن نعلن ولاءنا للولايات المتحدة الأمريكية فقط» هكذا قال السيناتور كريس مورفى الديمقراطى لحشد أمام مقر وزارة الخزانة.

فى ظل تفاقم سياساته المثيرة للغضب بين قاعدة الحزب، بدأ الديمقراطيون تصعيد الضغوط للحصول على استجابة أقوى من جانب الرئيس ترامب. ويعتقد أعضاء الحزب، أن ترامب استمتع بفترة شهر عسل خلال شهره الأول فى منصبه، حيث فشل الديمقراطيون حتى الآن فى الاتفاق على رسالة مضادة موحدة، لكن بعضهم على الأقل يريدون تغيير ذلك.

مع تنامى الإحباط بسبب تصرفات ترامب، بما فى ذلك جهوده لتفكيك أجزاء من الحكومة الفيدرالية، وخطة تهجير الفلسطينيين من غزة، أعرب البعض فى الحزب عن الحاجة إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، وقال أحد الديمقراطيين إنهم يخططون لاتخاذ إجراءات أشد صرامة كجزء من المقاومة الجديدة الناشئة «، نظرا لأن ترامب يدفع حدود النظام العالمى إلى أقصى حد ممكن من الانفجار»، وأضاف ديمقراطى آخر لموقع «ذا هيل» قائلا»هذا الرئيس يقوم بأمور خارج نطاق العقل، لقد بدأ الأمر فى إثارة القلق العالمى».

ويمثل هذا تحولا دراماتيكيا فى لهجة الديمقراطيين، فبعد فوز ترامب بفترة ولاية ثانية فى نوفمبر، قال بعض الديمقراطيين ــ الذين أصابتهم الصدمة من نتائج الانتخابات المدمرة - إنهم على استعداد لإيجاد سبل للعمل مع الرئيس القادم، وحتى لو لم يكونوا منفتحين على إيجاد أرضية مشتركة مع ترامب، فقد قالوا إنهم لا يريدون تكرار جهود عام 2017، للرد عليه على الفور فى وقت مبكر، وعليهم التريث وانتظار بعض الوقت ومراقبة ما تسفر عنه الأيام الأولى لساكن البيت الأبيض الجديد.

لكن بعد أقل من شهر من عودة ترامب إلى المكتب البيضاوى، يقول الديمقراطيون إن نوعًا مختلفًا من الحركة بدأ ينشأ، واعترف أنتونى كولى، الذى عمل فى إدارة بايدن، بالإحباط بين أعضاء الحزب، وقال كولى فى تصريحات لموقع «ذا هيل»، «كانت المرحلة الأولى من الأسابيع الماضية تتمثل فى خوف الديمقراطيين لدرجة بالغة، والآن أصبحوا مرهقين للغاية، ولا يمكنهم الجلوس ومشاهدة ترامب يدمر الولايات المتحدة الأمريكية، دون أى مقاومة على الإطلاق. هذه هى المرحلة التى نعيشها الآن».

الواقع أن التقدميين على وجه الخصوص، سئموا من الجلوس على الهامش. ففى الأسابيع الأخيرة، راقبوا بصمت كيف تسبب صعود الرئيس وقراراته المبكرة فى حالة من الفوضى والارتباك، وخلف الكواليس، قال العديد منهم لصحيفة «ذا هيل»، إنهم كانوا يخططون لمسار عمل جديد. يتفق الليبراليون على أن هذا التكتيك البطىء لم يفلح، وقد بدأوا فى تجربة طرق جديدة لانتقاد ترامب، ويتطلع البعض إلى القاعدة الشعبية بحثًا عن رسل موثوق بهم، ومن خلال القيام بذلك، تم إحباط الديمقراطيين الوسطيين فى الكونجرس، الذين ورد أنهم اعترضوا على مجموعات نشطاء بارزين مثل MoveOn وIndivisible التى تريد نهجًا أكثر عدوانية، مما يدفعه الحزب حاليًا.

ويؤكد التقدميون، أن هناك حاجة إلى استجابة أقوى من جانبهم وسط تردد المعتدلين، وهو ما يعتقد البعض أنه ساعد فى إعادة ترامب إلى السلطة، ويقول كارثيك جاناباثى، الإستراتيجى التقدمى الذى عمل مع السيناتور بيرنى ساندرز «، بينما يسكب إيلون موسك البنزين، ويلقى أعواد الثقاب المشتعلة فى جميع أنحاء الحكومة الفيدرالية، لا يريد الناخبون أن يتصرف ممثلوهم المنتخبون مثل الغزلان، أمام المصابيح الأمامية للسيارات».

لقد بدأ البحث غير الرسمى عن قيادة تقدمية، وفى الوقت الحالى، يرى الكثيرون أن النائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز - ديمقراطية من نيويورك - هى العضو الأكثر نشاطًا، وعدم التوانى أو التراجع فى الكونجرس، عندما يتعلق الأمر بترامب، لقد كانت دائمة الانتقاد للرئيس وهاجمت حلفائه مثل ماسك وغيره من المليارديرات، على وسائل التواصل الاجتماعى لاستفزازهم، إنها المؤشر الأكثر وضوحا وبروزا على تشجيع المشرعين الديمقراطيين الآخرين على لعب دور الهجوم حتى إذا كانوا خارج السلطة، تحظى بدعم المنظمات السياسية التقدمية ولها مواقف بارزة فى انتقاد السياسة الأمريكية والدفاع عن الحق الفلسطينى، ففى مايو 2018، أدانت استخدام الاحتلال الإسرائيلى للقوة القاتلة المفرطة ضد الفلسطينيين، الذين كانوا يحتجون قرب السياج الأمنى على حدود غزة خلال ما عرف بمسيرات العودة ووصفته بـ»المجزرة»، وفى أكتوبر 2023، وجهت انتقادات لخطط الاحتلال الإسرائيلى بقطع الكهرباء والمياه والوقود عن غزة، ووصفتها بأنها «عقاب جماعى وانتهاك للقانون الدولى»، كما رفضت موقف الولايات المتحدة الأمريكية بوقف تمويل وكالة الأونروا، داعية إلى استئناف المساعدات فورا، وطالبت بمنع بيع الأسلحة دقيقة التوجيه لكيان الاحتلال، نظرا لاستخدامها فى قصف المدنيين الفلسطينيين ومراكز الإعلام.

 وتقدم ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، على وجه الخصوص نموذجًا للقيادة الفعالة والواضحة، وتدفع الرأى العام لفهم وإدراك أبعاد فوضى إيلون ماسك، وخطورة قرارات ترامب داخليا وخارجيا، وتساعدهم على فهم ما يمكنهم فعله لإحداث فرق، فالحزب بحاجة إلى المزيد من الأعضاء الذين يحذون حذوها.

لقد تبنت المجموعة التى ساعدت فى وصول أوساكا كورتيز إلى منصبها، وهى مجموعة «ديمقراطيو العدالة»، إستراتيجية من الخارج إلى الداخل فى مواجهة ترامب، فقد بدأت المجموعة فى تجنيد المزيد من المرشحين اليساريين على أمل الإطاحة بالمعتدلين الذين بدا أنهم غير فاعلين فى مواجهة أجندة اليمين، ويقول التقدميون إن هذا التكتيك ضرورى الآن أكثر من أى وقت سابق، لأن ترامب وسع دائرة سلطته فى واشنطن. ويرى الناشطون المقربون من المجموعة، أن المزيد من القوة النارية التقدمية ليس فقط أمرا جيدا لاتجاه الحزب، بل وأيضا ضروريا لبناء مجموعة أقل خوفا من القتال فى مواجهة الحزب الجمهورى.

أبرز ما سلط عليه الكثيرون الضوء هو التوزيع غير المتكافئ للثروة الذى يتباهى به ترامب، منذ تنصيبه من خلال إعطاء الأولوية لأرقى أفراد المجتمع، وعلى الرغم من كسب تحالف من الطبقة العاملة لجعل عودته إلى منصبه ممكنة، فقد أرسل الرئيس رسالة مفادها أنه يقدر أفكار المبدعين الأثرياء لتوجيه سياساته.

إن التقدميين يحددون ثغرات فى هذا المسار، حيث يركز البعض على ما يرون أنه عقلية ترامب الاستبدادية، فيما يتعلق بتشابك المال والسياسة. وفى حين تقود أوساكيو كورتيز، جهود اليسار المناهضة لترامب فى مجلس النواب، تظهر أيضًا أصوات جديدة فى مجلس الشيوخ لإثبات هذه الحجة، فإلى جانب الاشتراكى الديمقراطى ساندرز، يشن السيناتور كريس مورفى - ديمقراطى من كونيتيكت - هجوما من نوع آخر يركز بؤرة غضبه على مشاعر القلق الاقتصادى والمالى،  وبشكل يظهر الفوارق بين حزب ترامب الجمهورى والديمقراطيين.

فى حين يفضل التقدميون أسلوب إلقاء القنابل لإيصال رسائلهم، يرى البعض أن الديمقراطيين يجب أن يكونوا أكثر منهجية فى كيفية تواصلهم تلك المرة، ذلك أن اليمين أكثر نشاطًا وأظهر اهتمامًا بالتنافس مع القادة الليبراليين. فقد دعا ماسك وحلفاء ترامب الآخرون إلى مواجهة منافسيهم فى الانتخابات التمهيدية، على أمل إخماد أى انتفاضة شعبية يسعون إلى إشعالها.

لقد تطور النظام الإعلامى بشكل كبير، ولكى ينجح الديمقراطيون، يتعين عليهم أن يتعلموا كيفية القيام بذلك بذكاء، وعدم الاكتفاء بإصدار بيانات صحفية تمت مراجعتها خمس مرات من قبل، ولجأ الديمقراطيون فى الكونجرس إلى الاحتجاجات فى الشوارع، ومناقشات مجلس الشيوخ التى تستمر طوال الليل، من أجل التأكيد على مدى ضآلة نفوذهم فى واشنطن تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب.

إن البراعة فى إدارة الأمور فى الوقت الحالى من سمات الديمقراطيين، وهذا هو الحال فى كثير من الأحيان بالنسبة للمشرعين الذين تم تهميشهم إلى الأقلية، لكن هذا الأمر تضاعف بسبب جرأة ترامب فى الاستيلاء على السلطة واستعداد المشرعين الجمهوريين للمضى قدما، لما هو أبعد من ذلك.

لقد استشاط الديمقراطيون غضبا بسبب سلسلة الهجمات المحمومة الأحادية الجانب على الوكالات الحكومية، والموظفين والمقاولين التى أطلقها حليف ترامب وإيلون ماسك، لكن مناصبهم الانتخابية لا تمنحهم سوى القليل من السلطة للتدخل، نظرا لأن الحزب يشكل أقلية فى كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، إن تحويل الرأى العام هو أفضل أمل لهم.

إن الديمقراطيين قادرون على إبطاء وتيرة ترشيحات ترامب، لشغل بعض المناصب، ولكنهم غير قادرين على إيقافها، كما يستطيعون الاحتجاج فى الخارج، ولكنهم غير قادرين على دخول المبانى مثل مقر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أو وزارة الخزانة الأمريكية، لكن يمكنهم أن يغيروا مسار الرأى العام بتجمعهم خارج مقر وزارة الخزانة فى واشنطن، وهم يهتفون ويحملون لافتات مكتوبا عليها «أوقفوا استحواذ إيلون ماسك» و»ابتعدوا عن أموالنا».

وقال النائب ماكسويل فروست من فلوريدا، أمام حشد من الجمهور «إن حقيقة أن مليارديرًا غير منتخب لديه كل معلوماتك الخاصة هى أزمة كبيرة»، لكن الاحتجاج فى حد ذاته أكد على مدى عجز الحزب عن معالجة هذه المشكلة، فقد حاول المشرعون الديمقراطيون، بما فى ذلك جيمى راسكين من ماريلاند وغيره، دخول مبنى وزارة الخزانة لكن تم منعهم من الدخول.

وتقول السناتور باتى موراى، التى منحها منصبها كأعلى عضو ديمقراطى فى لجنة المخصصات فى السنوات الماضية نفوذاً قوياً على الإنفاق الفيدرالى، إن تصرفات حزبها كانت بمثابة «دق جرس الإنذار» بشأن أزمة متفاقمة.

لكن حتى الآن لم تنجح الدراما فى إقناع عدد صغير من أعضاء مجلس النواب أو الشيوخ الجمهوريين، الذين قد يحتاجون إلى الانشقاق عن ترامب لإحباط أجندته أو هزيمة حتى مرشح واحد لمنصب وزارى وطرح مخططات ترامب أرضا.وذلك بحسب ما ورد بموقع «بلومبيرغ».

ويتوقع الناشطون المنهكون ردا ديمقراطيا أقوى. وقالت النائبة التقدمية ألكسندريا أوكاسيو كورتيز لصحيفة «بوليتيكو» إن زملاءها فى مجلس الشيوخ يجب أن «يفجروا هذا المكان بمعارضتهم»، بما فى ذلك «وقف جميع مرشحى ترامب للوزارة».

ولكن الديمقراطيين فى الكونجرس يواجهون لحظة حاسمة قادمة، وهم يتصارعون بشأن كيفية أو ما إذا كان ينبغى لهم استغلالها لانتزاع التنازلات من الجمهوريين. وينتهى التمويل المؤقت الذى يحافظ على تشغيل الحكومة الفيدرالية فى منتصف مارس، وسوف يحتاج أعضاء الكونجرس الجمهوريون إلى مساعدة من الديمقراطيين لإقراره، وذلك بفضل الانقسامات العميقة بين الجمهوريين فى مجلس النواب.

لكن التفاوض على اتفاق سيكون صعبا لأن الديمقراطيين لا يثقون فى قدرة ترامب على احترام أى اتفاق. إن الثقة الآن فى أدنى مستوياتها على الإطلاق، وتساءل ديمقراطيون آخرون كيف يمكنهم التوصل إلى اتفاق مع إدارة تعتقد أنها تستطيع ببساطة تجاهل قوانين الإنفاق.. وضرب الحائط بكافة القوانين والأعراف الدولية!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: