القيادة المصرية تقود إستراتيجية التصدى لتهجير الفلسطينيين منذ اليوم الأول لحرب الإبادة وتسعى إلى صياغة ظهير عربى لحماية الأمن القومى
موضوعات مقترحة
"المبادرة لتبنى خطوات استباقية"، هو عنوان التحرك المصرى السريع لإجهاض مشروع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، المتمثل فى تهجير سكان غزة إلى سيناء والأردن، الذى أعلنه فى مستهل توليه مفاصل السلطة فى البيت الأبيض، ثم رفع منسوبه إلى الاستيلاء على القطاع عسكريا، وإن تراجع عن ذلك، ثم أعلن عن نيته شراؤه وامتلاكه بعد أن تتسلمه إدارته من إسرائيل، مع إعلان استعداده منح أجزاء من مساحته، المحدودة بطبيعتها، لدول أخرى فى الشرق الأوسط، تعمل على إعادة بنائه تحت إشراف بلاده، وهى خطوات تبناها تدريجيا منذ المؤتمر الصحفى المشترك، الذى عقده مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو- الذى كان أول زائر أجنبى، يلتقيه بعد تنصيبه - عقب مباحثاتهما فى المكتب البيضاوى.
أدركت الدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة - سواء مؤسسة الرئاسة أم وزارة الخارجية، أم الأجهزة المعنية بالملف الفلسطينى، مخاطر هذا المشروع التى تنطوى على تهديد الاستقرار الإقليمى، وتنتهك صراحة مبادئ القانون الدولى والقيم والأخلاق الإنسانية، على نحو يعيد إلى الأذهان التداعيات السلبية للحقب الاستعمارية الكولونيالية خلال القرنين الفائتين- يتجاوز كونه مجرد فكرة نظرية، وإنما يحمل مخاوف عميقة وحقيقية، باتت تلوح قوية فى الأفق من حدوث نزوح قسري، يصل إلى حد التطهير العرقى تحت غطاء البراجماتية الجيوسياسية التى تشير إلى أنه فى الوقت الذى رفضت فيه مصر والأردن بأشد العبارات، أية محاولات لاستيعاب الفلسطينيين بشكل جماعي، فإن تبنى ودعم ترامب لمثل هذه الخطوة، يطرح مجددا تساؤلات خطيرة حول دور الولايات المتحدة المزعزع للاستقرار فى المنطقة، وتأثير سياستها فى مستقبل الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة.
جزء من رؤية أوسع
وحسب الدراسة، فإن اقتراح الرئيس الأمريكى ليس مجرد فكرة عابرة، بل هو جزء من رؤية أوسع، وخطة لم يتردد العديد من المسئولين الإسرائيليين فى الحديث عنها والترويج لها قبل الحرب وخلالها، تهدف إلى إعادة تشكيل الخريطة الديموغرافية والسياسية للمنطقة، لمصلحة أجندات تتعارض مع أبسط حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي، وتوفر بأسلوب خبيث "شرعية" زائفة لمحاولة اقتلاع مئات الآلاف من الفلسطينيين من أرضهم، فبدلاً من دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، يتبنى ترامب نهجه الموغل فى تجاهلها، والأخطر الانخراط من حيث يدرى أو لا يدرى فى التآمر عليهم، مساهماً فى تصفية قضيتهم بدلاً من السعى إلى تحقيق حل عادل يعترف بحقوقهم الأساسية، لاسيما أنه يتبنى ويدعم بشكل صريح السردية اليمينية للقوة القائمة بالاحتلال التى ترى فى الوجود الفلسطينى "عقبة" أمام أهدافها الإستراتيجية، بما يعيد إنتاج أنماط تاريخية من الهندسة الديموجرافية التى سعت دائما- وما زالت- إلى طمس الهوية الفلسطينية وإعادة تشكيل المنطقة لصالح هيمنة هذه القوة، وهو نهج لا يهدد فقط مستقبل الفلسطينيين، بل يهدد أيضاً أسس السلام والاستقرار فى الشرق الأوسط برمته وربما ما ورائه.
فى ضوء هذه التحرك بلورت القاهرة بالتنسيق مع عمان، سياقا قويا رافضا لمشروع ترامب ثم دعت إلى عقد اجتماع للجنة الوزارية العربية المكونة منها ومن السعودية والإمارات وقطر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية والجامعة العربية بالقاهرة، والذى تبنى السياق ذاته، وجرى إبلاغ الخارجية الأمريكية بمضمونه فى رسالة موقعة من وزراء الخارجية المشاركين فيها.. لكن مع ارتفاع سقف الخطوات التى ما فتئ ترامب يعلنها بشأن الهيمنة على غزة، مدعوما من اليمين المتطرف داخل الولايات المتحدة، وكذلك من اليمين المتطرف داخل القوة القائمة بالاحتلال، الذى بدا وكأنه عثر على ضالته لتطبيق مشروعه الاستعمارى الاستيطانى ليس فى القطاع فحسب، وإنما فى كل الأراضى الفلسطينية عبر تهيئة عناصر ضم الضفة الغربية لسيادته، وهو ما حظى بتأييد ترامب، رأت القيادة المصرية أن الأمر يستوجب وبإلحاح تفعيل العمق العربى لتوفير مظلة إسناد قومى تتسم بالشمول والاتساع أفقيا ورأسيا، فتم تكليف وزير الخارجية المصرى الدكتور بدر عبد العاطى بإجراء اتصالات سريعة وعاجلة للدعوة لعقد قمة عربية والتى تم الاستقرار على عقدها فى الرابع من شهر مارس المقبل، للتصدى لهذا التحدى الخطير ليس لغزة أو فلسطين وإنما للأمن القومى العربى - وهو تعبير استخدمه الرئيس عبد الفتاح السيسى غير مرة، فى تصريحاته المتوالية خلال الآونة الأخيرة، مع أكبر عدد ممكن من نظرائه من وزراء الخارجية العرب، فضلا عن مملكة البحرين التى ترأس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة والأمانة العامة للجامعة.
واللافت للنظر، أن التوافق على التئام هذه القمة جرى سريعا خلال فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز الـ48 ساعة، وهو أمر لم يكن يحدث من قبل فالاتفاق على موعد القمة كان يتطلب أياما وفى بعض الأحيان أسابيع، إن لم يكن أشهرا .. لكن العروبة سرعان ما تفرض تجلياتها فى الأوقات الاستثنائية التى تواجه فيها الأمة أخطارا، يسعى أصحابها إلى المساس بوجودها وهويتها الحضارية وامتدادها الجغرافى، بل ومستقبلها، وهو ما يعيد إنتاج المعطيات والملابسات التى أحاطت بالقمة العربية التى احتضنتها الخرطوم ما بين 29 أغسطس و1 سبتمبر من 1967 بعد نكسة الخامس من يونيو من العام نفسه.
فى ضوء تبنى القادة العرب قرارات حازمة فى صدارتها اللاءات الثلاث: "لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف بإسرائيل".
وبالتالى فإنه من المنتظر أن تتبنى القمة العربية الطارئة، قرارات تتسم بالحسم والصرامة وسلسلة من اللاءات : لا للتهجير.. لا لاحتلال غزة عسكريا ..لا لشراء أو بيع أو تملك القطاع، لا لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما حملته مؤشرات مبكرة تضمنتها البيانات الرسمية التى أصدرتها كافة الدول العربية، فضلا عن جامعة الدول العربية.. ويمكن القول إنه لأول مرة يشهد النظام الإقليمى العربى هذا الزخم من التوافق وغياب الاعتراضات أو ما يعرف بالتحفظات، الأمر الذى سيجعل من قمة القاهرة المرتقبة قمة فارقة فى تاريخ مسار القمم العربية، والتى ستبعث برسائل تتسم بالسطوع والوضوح والعقلانية والرشد، بمنأى عن منهجية الاستنكار والشجب والإدانة، التى ثبت أنها لا تجدى مع حكام من نوعية ترامب، والمجموعة المحيطة به المشرفة على السياسة الخارجية والأمن القومى، والمشبعة بكل ما يحقق مصلحة القوة القائمة بالاحتلال، فضلا عن نتنياهو ونخبته السياسية والعسكرية، الذين لا يؤمنون إلا بالقوة المفرطة فى فرض أجنداتهم العدوانية.
الموقف الموحد
وفى مقدمة هذه الرسائل، أن النظام الإقليمى العربى، بات فى قبضة الموقف الموحد الرافض بشكل قاطع، لأى خطط أو تصورات لتهجير الفلسطينيين خارج غزة أو غيرها من أجزاء دولة فلسطين، بالطبع ليس ضيقا بهم، ولكن لإدراكهم – أى القادة العرب - خبث هذا المخطط الرامى لتصفية قضيتهم العادلة، وتصدى الرئيس عبدالفتاح السيسى لهذا المخطط منذ اليوم الأول لحرب الإبادة فى السابع من أكتوبر من العام الفائت، محذرا من أن أى محاولة لتهجير الفلسطينيين ستؤدى إلى زعزعة استقرار المنطقة وتهديد الأمن القومى المصري، والموقف ذاته تبناه الأردن، الذى يستضيف بالفعل ملايين اللاجئين الفلسطينيين، مؤكدا أن أى حل للقضية الفلسطينية يجب أن يكون داخل فلسطين نفسها، وليس من خلال الهجرة القسرية.. وهذا الرفض العربى لن يكون مجرد موقف سياسي، بل تأكيد على أن القضية الفلسطينية ليست مجرد أزمة إنسانية يمكن حلها بتوزيع اللاجئين على الدول المجاورة، وإنما هى قضية سياسية متجذرة فى تاريخ طويل من الاحتلال والظلم والقمع والتهجير. وأى محاولة لتجاهل هذه الحقائق لن تؤدى إلا إلى تفاقم الأزمات القائمة، وخلق دورات جديدة من الصراع والعنف وعدم الاستقرار.
واستبق الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط قرارات قمة القاهرة المرتقبة، بتأكيده الرفض التام والمطلق لأية محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم تحت أى ذريعة كانت، باعتبار أن ذلك يمس مباشرة أسس وقواعد القانون الدولى الذى بنى على أساسه التنظيم الدولى المعاصر، كما أنه ينطوى على إجحاف صارخ بحقوق الشعب الفلسطينى، ويمثل تهديدا مباشرا بتصفية القضية الفلسطينية وهى قضية العرب المركزية، موضحا أنه يتحدث فى هذا الشأن عن الشعوب والحكومات على حد سواء.
وحسبما شدد، فى كلمته أمام الاجتماع الوزارى للمجلس الاقتصادى الاجتماعى فى دورته العادية الـ115 الخميس الماضى، فإن غزة ليست للبيع، فهى بالنسبة للفلسطينيين والدول العربية، جزء من إقليم الدولة الفلسطينية المستقبلية على حدود الرابع من يونيو 1967، جنبا إلى جنب الضفة الغربية بلاانفصال بينهما وفى إطار حل الدولتين الذى أجمع عليه العرب والعالم.
ويعكس هذا الموقف القوى، أن ثمة نسقا من الندية بدأ يسود النظام الإقليمى العربى فى التعاطى مع خطة ترامب، الذى ينزع إلى استخدام منطق القوة والتهديد والوعيد فى قراراته، وإن رأى من أمامه يفاوض ويقايض، فسوف يستنتج أنه طرف ضعيف راضخ، ومن ثم فإن القمة المقبلة ستؤكد أن أى توطين أو تجنيس للفلسطينيين فى أرض غير أرضهم، يعد ظلما وتصفية لقضيتهم العادلة، على نحو يخدم المخططات التوسعية للقوة القائمة بالاحتلال، وبالتالى فإن تفريغ أرض فلسطين التاريخية من سكانها، هو "خط أحمر" بالنسبة للنظام الإقليمى العربى.
الرسالة الثانية
هذه هى الرسالة الأولى، أما الرسالة الثانية، فتكمن فى أن القمة الطارئة ستتبنى بديلا عمليا وواقعيا بمنأى عن منطق الشطط وغياب العقلانية، لمشروع ترامب- أى مشروع مقابل مشروع، ينهض على إعادة إعمار غزة فى ظل الإبقاء على سكانها، بعيدا عن أى تهجير قسرى عبر خطة أعدتها مصر، بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية والأردن والأمانة العامة للجامعة العربية، ووفقا للمعلومات المتاحة، فإن هذه الخطة ترتكز بشكل أساسى على إعادة إعمار غزة بوجود سكانها، من خلال تقسيم القطاع إلى ثلاث مناطق إنسانية يكون لكل منها مخيم كبير يقيم فيه السكان، مع توفير وسائل الإعاشة من ماء وكهرباء وغيرها، على أن يتم إدخال آلاف المنازل المتنقلة والخيام التى تشبه المنازل إلى مناطق آمنة للإقامة لمدة ستة أشهر، بالتوازى مع رفع الركام الناتج عن الحرب خلال نفس المدة، وهو أمر تعرض للعرقلة من نتنياهو وحكومته خلال المرحلة الأولى من تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، خاصة فيما يسمى بالشق الإنسانى، الأمر الذى دفع حركة حماس إلى تجميد الإفراج عن ثلاثة من الأسرى الإسرائيليين بغزة، ضمن الدفعة السادسة من صفقة تبادل الأسرى، غير أن جهودا مكثفة بذلتها مصر بالتنسيق مع قطر ومبعوث ترامب للشرق الأوسط، نجحت فى احتواء هذه العراقيل، فعاد محتجزو إسرائيل إلى أسرهم، فى حين أطلق سراح 369 أسيرا فلسطينيا من سجون الاحتلال.
وتؤكد خطة إعادة إعمار- والتى نصت عليها أيضا المرحلة الثالثة من تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار- ضرورة دخول الكم الكافى من البضائع إلى غزة مثلما كان قبل الحرب، مع الوقود وآليات إعادة الإعمار، متضمنة توفير تمويل من المنطقة العربية، تحديدا من دول تنتمى إلى منظومة مجلس التعاون الخليج، ومن المتوقع أن تقر قمة القاهرة المرتقبة فى هذا الصدد إطلاق صندوق عربى لإعادة إعمار القطاع، وهى العملية التى من المنتظر أن تشارك فيها نحو 24 شركة متعددة الجنسيات، متخصصة فى مجالات التشييد والبناء والتخطيط لبناء وحدات سكنية آمنة خلال عام ونصف العام فى المناطق الثلاث التى يتكون منها القطاع، بالإضافة إلى شركات مصرية وعربية بحيث يمكن أن يصل إجمالى عدد الشركات إلتى ستعمل وفق هذه الخطة إلى نحو 50 شركة.
حكم غزة لمن يكون
وتتجلى الرسالة الثالثة للقمة فى أنها ستبلور إطارا لحكم قطاع غزة، لن تكون حماس الرقم الأول فيه، فى ضوء الاتصالات التى أجرتها القاهرة فى هذا الشأن، وأسفرت عن موافقة الحركة على عدم مشاركتها فى إدارته خلال المرحلة المقبلة.. والبديل المطروح فى هذا الشأن هو تشكيل لجنة مؤقتة للإشراف على عملية إغاثة وإعادة الإعمار والقيام بمهام الحكم، حتى يحين موعد إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فى كل أراضى دولة فلسطين ومن ضمنها قطاع غزة.. وثمة إشكاليات ستبرز على هذا الصعيد من أبرزها والتى لم يتم بعد مناقشتها بشكل واضح تتعلق بمسألة وضع مقاتلى حركة حماس وتسليحها وفصائل المقاومة الأخرى، وتلفت دوائر فى هذا الصدد، إلى أن هناك اقتراحا يبرز استعداد "المقاومة الفلسطينية" لنزع سلاحها بمجرد إعلان إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع إنشاء منطقة عازلة لطمأنة القوة القائمة بالاحتلال بعدم وجود تهديدات قادمة من قطاع غزة، ومع ذلك لا يمكن استبعاد حماس بشكل كلى، فهى وافقت على تشكيل لجنة لإدارة القطاع بشرط موافقتها على أعضائها، غير أن المعضلة الحقيقية تتمثل فى موقف نتنياهو الرافض لأى وجود فلسطينى فى إدارة غزة سواء لحماس أم للسلطة الفلسطينية الكائنة فى رام الله.. وبالتالى فإن إنجاز مصالحة حقيقية بين فتح وحماس من شأنها أن تذيب تناقضات الطرف الفلسطينى التى ستقود بالتالى إلى توحيد الحكم فى الضفة الغربية وقطاع غزة، على نحو يوفر كتلة فلسطينية وطنية تحت عباءة منظمة التحرير.
أفق سياسى
الرسالة الرابعة للقمة المقبلة ستتجلى فى طرح يشدد على الثوابت العربية السابقة، فيما يتصل بضرورة فتح أفق سياسى أمام الفلسطينيين، يتيح استعادة حقوقهم الوطنية غير القابلة للتصرف، وفى صدارتها حقه فى الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق مبدأ حل الدولتين وضمن محددات المبادرة العربية للسلام المطروحة منذ قمة بيروت العربية فى العام 2002، والتى ما فتئت القمم العربية التالية تبدى تمسكا بها، غير أن هذا الطرح يستوجب تبنى الآليات العملية، التى من شأنها الدفع بحل الدولتين إلى صدارة الفعل السياسى الإقليمى والدولى، والذى يواجه بتحديات حقيقية على الأرض أبرزها غياب تبنى إدارة ترامب لهذا الحل مفضلة طرح مشروعات ذات طابع عقارى، تعيد إلى الأذهان صفقة القرن التى طرحها خلال فترة رئاسته السابقة من 2016 إلى 2020، ثم رفض نتنياهو لأى صيغة تقود إلى الدولة الفلسطينية المستقلة، مسلحا بتشريع أصدره الكنسيت قبل أشهر يجرم قيامها، وبسلسلة من مشروعات الاستيطان والتهويد فى مساحات كبيرة من الضفة الغربية والقدس، التى يسكنها حاليا نحو 800 ألف مستوطن يجرى التخطيط لزيادتهم إلى مليون فى غضون فترة زمنية قصيرة، لا يكتفون بالإقامة فى هذه المشروعات، وإنما يمارسون أشكالا متنوعة من الاعتداءات والتنكيل بالفلسطينيين وقراهم ومدنهم فى الضفة.
على أى حال يمكن تصنيف قمة القاهرة الطارئة- حسب تقييم مساعد وزير الخارجية المصرى الأسبق السفير أيمن مشرفة- بأنها ستكون القمة الأهم خلال 79 عاما من تاريخ دبلوماسية القمم العربية، أى منذ انعقاد القمة العربية الأولى فى قصر أنشاص بمصر عام 1946، باعتبارها تأتى فى ظل المنحى الخطير الذى تمر به القضية الفلسطينية لاسيما عقب إعلان الإدارة الامريكية عن خطتها الرامية إلى تهجير أهل غزة قسراً و إمكانية ضم الضفة الغربية إلى سيادة إسرائيل، ما يعنى تصفية القضية الفلسطينية، الأمر الذى يترقب الإقليم العربى والعالم الإسلامى وأحرار العالم مخرجاتها التى ستكون صارمة فى مطالبة المجتمع الدولى باتخاذ إجراءات حاسمة ضد القوة القائمة بالاحتلال، سواء ثنائياً أم عبر الأمم المتحدة لوقف عدوانها على الشعب الفلسطينى.