تعد مقبرة تحتمس الثاني رقم C4 أول مقبرة ملكية يتم العثور عليها منذ اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922م، وآخر مقبرة مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة.
موضوعات مقترحة
بدوره، يقول محمود حامد الحصري، مدرس الآثار واللغة المصرية القديمة بجامعة الوادي الجديد، في تصريحات لبوابة الأهرام، إن تحتمس الثاني، واسمه في التتويج "عا خبر إن رع"، هو ابن الملك تحتمس الأول و"موت نفرت"، ويعتبر الملك الرابع من ملوك الأسرة الثامنة عشرة من مصر القديمة خلال عصر الدولة الحديثة.
لم يكن يُعرَف الكثير عن عصر الملك تحتمس الثاني بسبب حكمه القصير نسبيًا، فهو ابن الملك تحتمس الأول من زوجة ثانوية، حيث تم تأمين حكمه من خلال زواجه من أخته غير الشقيقة حتشبسوت، ابنة الملكة أحمس، الزوجة الرئيسية للملك تحتمس الأول.
اعتلى العرش بعد موت والده وتزوج من أخته غير الشقيقة حتشبسوت، إلا أنه مرض بمجرد اعتلائه للعرش. وتظل مدة حكمه محل جدل، فربما حكم مدة تقل عن خمس سنوات.
وقد أنجب من أخته غير الشقيقة حتشبسوت ابنتين، هما "نفرو-رع" و"نفرو-بيتي"، وكانت زوجته الثانوية تُدعى "إيست"، وهي أم ابنه الوحيد تحتمس الثالث، الذي خلفه على العرش.
ويضيف الحصري أن المصادر التاريخية ذكرت أن تحتمس الثاني، بعد توليه الحكم، قام بالقضاء على العصيان والتمرد في كوش بالنوبة، ونصب لوحة بانتصاراته عند الشلال الثالث. كما عمد إلى تأمين حدود مصر الشرقية ومناجم النحاس في سيناء، وقاد حملة إلى سورية على البدو "شاسو" الذين كانوا يعيشون على الحدود السورية. وكانت فلسطين منطقة نفوذ المصريين، وكان الحال فيها آمنًا على وجه العموم، حيث إن المصريين لم يتدخلوا في شؤون عبادات سكان بلاد الفتوحات. وترك وراءه بقايا مشروع بناء في معبد الكرنك، حيث أقام البوابة الثامنة ونحت تمثالين له أمامها، كما أقام معبدًا في شمال مدينة هابو بالأقصر، أكمله ابنه تحتمس الثالث. وتوجد له آثار في معبد قمة وسمنة بالنوبة، كما وُجد له تمثال في ألفنتين.
الكشف عن مومياء الملك تحتمس الثاني بخبيئة الدير البحري TT320
توفي الملك في حوالي الثلاثين من عمره، ولم يتم تحديد موضع مقبرته الأصلية في وادي الملوك حتى الآن. وقد اعتقد الكثيرون قديمًا أن مقبرته هي المقبرة المعروفة عالميًا باسم KV42، التي تقع في الوادي الشرقي بوادي الملوك بمصر. وقد شيدت هذه المقبرة من أجل الملكة "حتشبسوت-ميريت-رع"، زوجة الفرعون تحتمس الثالث، سادس ملوك الأسرة الثامنة عشرة، ووالدة الفرعون أمنحتب الثاني، سابع ملوك الأسرة الثامنة عشرة، إلا أنها لم تُدفن أبدًا في هذه المقبرة، ويُرجح دفنها في مقبرة ولدها KV35. وللعلم، فإن الملكة "حتشبسوت-ميريت-رع" لا تمت بصلة للملكة حتشبسوت، خامس فراعنة الأسرة الثامنة عشرة.
المومياء
عُثر على مومياء الملك تحتمس الثاني عام 1871م في خبيئة الدير البحري بالمقبرة رقم 320، والمعروفة بين علماء الآثار باسم خبيئة الدير البحري أو خبيئة الأقصر، وعالميًا باسم DB320 وأخيرًا TT320. وهي جبانة ملكية تقع على البر الغربي لنهر النيل، في مواجهة مدينة الأقصر الحالية، وضمت المومياوات والتجهيزات الجنائزية لأكثر من خمسين شخصية فرعونية رفيعة المقام، ما بين ملوك وملكات وأمراء ونبلاء من أسرات مختلفة تناوبت على حكم مصر.
نُقلت مومياء تحتمس الثاني إلى هذه المقبرة بعد أن عبث ناهبو القبور بها، حيث أُعيد لفها وترميمها. وقد أوضحت الأشعة السينية التي أُجريت على المومياء أنها لرجل في الثلاثينيات من العمر، ويغطي جلده طبقة داكنة لا يُعتقد أنها مرض، بل ربما كانت ناتجة عن عملية التحنيط. كما عُثر على الرجل اليمنى مفصولة تمامًا عن الجسد. وعلى غير العادة في مومياوات الفراعنة، فإن أظافر الأيدي والأرجل كانت مقلمة ونظيفة. وقد سُجلت بطاقة بالخط الهيراطيقي على اللفائف الخارجية للمومياء، تذكر ترميم دفنته في السنة السادسة من حكم الملك سمندس، الملك الشمالي من الأسرة الحادية والعشرين، وذلك في الوقت الذي سيطر فيه بانجم على منطقة طيبة، وربما أُعيد دفنه بعد ذلك.
المقبرة المفقودة من وادي الملوك
أعلنت وزارة السياحة والآثار الكشف عن مقبرة الملك تحتمس الثاني، التي تُعد آخر مقبرة فرعونية مفقودة لملوك الأسرة الثامنة عشرة، وذلك بجهود البعثة الأثرية المصرية البريطانية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار ومؤسسة أبحاث الدولة الحديثة. وجاء هذا الكشف أثناء أعمال الحفائر والدراسات الأثرية للمقبرة رقم C4، التي تم العثور على مدخلها وممرها الرئيسي عام 2022 بمنطقة وادي C بجبل طيبة غرب مدينة الأقصر، والذي يقع على بعد حوالي 2.4 كيلومتر غرب منطقة وادي الملوك، حيث تم العثور على أدلة تشير بوضوح إلى أنها تخص الملك تحتمس الثاني.
إذ تعد هذه المقبرة أول مقبرة ملكية يتم العثور عليها منذ اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون KV62 على يد عالم الآثار الإنجليزي هوارد كارتر عام 1922م بوادي الملوك. وعند عثور البعثة على مدخل المقبرة وممرها الرئيسي في أكتوبر 2022، اعتقد فريق العمل أنها قد تكون مقبرة لزوجة أحد ملوك الأسرة الثامنة عشرة، نظرًا لقربها من مقبرة زوجات الملك تحتمس الثالث، ابن الملك تحتمس الثاني، وقربها كذلك من مقبرة الملكة حتشبسوت، زوجة الملك تحتمس الثاني، التي أُعدت لها بصفتها زوجة ملكية قبل أن تتقلد مقاليد حكم البلاد كملك، وتُدفن في وادي الملوك.
ولكن مع استكمال أعمال الحفائر خلال هذا الموسم، اكتشفت البعثة أدلة أثرية جديدة حدَّدت هوية صاحب المقبرة، وهو الملك تحتمس الثاني، وأن من تولى إجراءات دفنه هي الملكة حتشبسوت بصفتها زوجته. كما عُثر على أجزاء من أواني الألباستر عليها نقوش باسم الملك تحتمس الثاني بصفته "الملك المتوفى"، إلى جانب اسم زوجته الملكية الرئيسية حتشبسوت، ما يؤكد هوية صاحب المقبرة.
ويُعد هذا الكشف أحد أهم الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة، إذ تُعد القطع الأثرية المكتشفة بها إضافة هامة لتاريخ المنطقة الأثرية وفترة الملك تحتمس الثاني، حيث تم العثور لأول مرة على الأثاث الجنائزي لهذا الملك، الذي لا يوجد له أي أثاث جنائزي في المتاحف حول العالم.
وُجدت المقبرة في حالة سيئة من الحفظ، بسبب تعرضها للسيول بعد وفاة الملك بفترة قصيرة، حيث غمرت المياه المقبرة، ما استدعى الفريق الأثري لانتشال القطع المتساقطة من الملاط (مواد البناء) وترميمها. وتشير الدراسات الأولية إلى أنه تم نقل محتويات المقبرة الأساسية لمكان آخر بعد تعرضها للسيول خلال العصور المصرية القديمة.
أما بالنسبة لأجزاء الملاط المكتشفة، فعليها بقايا نقوش باللون الأزرق ونجوم السماء الصفراء، وكذلك زخارف وفقرات من كتاب "إمي دوات" (imy-dwAt)، أو ما يُعرف بكتاب "ما في العالم الآخر"، الذي يُعد من أهم الكتب الدينية التي اختصت بها مقابر الملوك في مصر القديمة.
الدكتور محمود حامد الحصري
المقبرة المفقودة
مومياء تحتمس الثاني
مومياء تحتمس الثاني