تأثير الدراما على النفسية

18-2-2025 | 17:16

خلق الله الإنسان من جسد وروح ونفس، فنشعر بما حولنا، ونتأثر داخليًا، وينعكس ذلك على سلوكياتنا.

في بعض الأوقات، لا نعلم لماذا نفعل سلوكًا ما، ولا نستطيع تحديد سببه، وبعض السلوكيات نفعلها بشكل شعوري، ونعرف لماذا نفعلها، وأخرى نفعلها ثم نغضب من أنفسنا بعد صدورها منا.

للتنشئة الاجتماعية دور كبير في تشكيل شخصيتنا، فالأسرة والمدرسة والمؤسسات التربوية والدينية والإعلام لها الدور الأكبر في تشكيل الوعي والمعرفة لدينا.

نجتمع لمشاهدة المسلسلات العربية الجميلة، ننتظرها لنستمد منها الطاقة الإيجابية النفسية، ونسعد أنفسنا، وتمدنا بالبهجة والسرور، وتغير من الحالة النفسية السلبية إلى طاقة إيجابية في ظل الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية.

ولكن، هناك بعض المسلسلات على شاشات التلفزيون يتخللها مشاهد إيجابية وأخرى سلبية، تغير من الحالة المزاجية إلى القلق والتوتر والخوف والإحباط.

يندمج الأطفال بكل مشاعرهم وحواسهم، وهم لا يمتلكون القدرة على تصنيف ما هو سلبي وما هو إيجابي.

هناك مسلسلات، على الرغم من أنها تحمل رسائل إيجابية، ولكن في المضمون تحمل رسائل سلبية، سواء العنف اللفظي أو الجسدي أو المعنوي، الذي يشكل فئة من الأطفال في المستقبل. ليس كل الأطفال سواسية، فهناك فروق فردية بين النوعين وداخل النوع الواحد، سواء ذكورًا أو إناثًا، فهم شباب المستقبل المدمرون نفسيًا، يمتلكون هشاشة نفسية في المعتقدات السلبية، ويخزنها العقل الباطن اللاشعوري على أنه سلوك صحيح، تنعكس على سلوكياتهم في المستقبل بشكل خاطئ، ولا ندري لماذا هذه السلوكيات.

فمثلًا، لو أن مسلسلات تحمل مضامين العنف والتنمر والانتقام ومشاعر الخوف والقلق واضطرابات في الحالة المزاجية، واضطرابات الأكل والنوم، نشاهدها ونتوحد مع بطل المسلسل الذي نحب مشاهدة كل ما يقدمه من جديد.

نخزن هذه المشاعر في الطفولة، ونقلدها في مرحلة الشباب تقليدًا أعمى بعيدًا عن كل شيء.

أما المسلسلات التي تتناول المشكلات والأمراض النفسية لتشكيل الوعي الصحيح لكيفية تلاشي أن أكون مريضًا نفسيًا، فتعكس حقيقة في الحياة الواقعية بالفعل، ولكن نشاهدها ونحن نمر بضغوط كثيرة، فتؤثر علينا بالاضطرابات النفسية.

يلعب الإعلام دورًا إيجابيًا في تشكيل الوعي على عادات الجمهور وتعليمه وسلوكياته.

نجد العديد من المشاهدين لديهم الشغف لمشاهدة ومعرفة الأمراض النفسية من خلال المسلسلات الدرامية لتلاشي الوقوع فيها.

عزيزي القارئ،

نحن بحاجة إلى إعادة النظر والتركيز في المسلسل على كيف أصبحت هذه الشخصية مريضة، أي التركيز على العوامل التي شكلت هذه الشخصية المريضة، ودور التنشئة الاجتماعية السلبية في تشكيل هذه الشخصية، ورفع الجانب المعرفي لدى المشاهد من الوقوع في هذه الشخصية المريضة نفسيًا، ولا أقصد المريض العقلي، حيث إنه مختلف تمامًا عن المريض النفسي.

أخيرًا، الاستعانة بآراء المتخصصين في الطب النفسي في تقديم المريض النفسي، حتى لا نقدم معلومات خاطئة، والابتعاد عن المعالجات السطحية، وكيفية التنشئة الاجتماعية الإيجابية حتى لا ننشئ هذا المريض النفسي.

في النهاية، نركز على علاج الأسباب الحقيقية التي أدت إلى أن يكون مريضًا نفسيًا.

نحن بحاجة إلى الوعي والمعرفة حتى نستطيع أن نتعامل مع أنفسنا بوعي وإدراك وتقبل ورضا نفسي؛ لنحد من الأمراض النفسية.

* استشاري ومعالج نفسي، ومحاضر بأكاديمية الشرطة والمعاهد الأمنية

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة