من ضابط بالكلية الحربية إلى فارس الرومانسية.. محطات لا تنسي في مسيرة الأديب يوسف السباعي| صور

18-2-2025 | 13:32
من ضابط بالكلية الحربية إلى فارس الرومانسية محطات لا تنسي في مسيرة الأديب يوسف السباعي| صور الأديب الكبير يوسف السباعي
محمد سباق

استطاع الأديب الكبير يوسف السباعي أن يخلق من المشاعر صورًا حية تنبض بالحياة خلال رواياته وقصصه الصغيرة؛ لذا فقد استحق عن جدارة لقب "فارس الرومانسية". 

موضوعات مقترحة

«يوسف السباعي» الأديب والكاتب الكبير،ولد عام 1917 واغتيل فثل هذا اليوم 18 فبراير عام 1978م في العاصمة القبرصية نيقوسيا؛ إثر مشاركته ضمن الوفد المصري الزائر للقدس ضمن مباحثات السلام المصرية الإسرائيلية.

 نُشرت له عدة روايات ومجموعات قصصية، حُولت بعضها إلى أعمال سينمائية، وكان مسئولا رفيع المستوى في عدة مناصب ثقافية مصرية ودولية، أهمها توليه وزارة الثقافة، ونقابة الصحفيين، ورئاسة مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، كما كان الأمين العام لمنظمة التضامن الأفريقي الآسيوي، نشطت كتاباته في الفترة بين 1947 و1972م. 


الأديب الكبير يوسف السباعي

«يوسف السباعي» المولد والنشأة

وُلد يوسف محمد محمد عبد الوهاب السباعي في حي الدرب الأحمر، أحد أقدم الأحياء المصرية يوم 17 يونيو 1917م في أسرة أدبية بامتياز؛ إذ كان والده محمد السباعي كاتبًا ومترجمًا عن اللغة الإنجليزية، وقد أسهم والده في إثراء المكتبة العربية بترجمته كتابي «الأبطال» و«عبادة البطولة» للفيلسوف والمؤرخ الأسكتلندى «توماس كارليل»، ومسرحيات للأديب الإنجليزي «وليام شكسبير»، وكتب للكاتب الإنجليزي «هنري سبنسر»، فضلا عن مواظبته على الكتابة والنشر في مجلة البيان.

ولعل اهتمام السباعي الأب بالأدب قد انتقل إلى الابن الأكبر يوسف، الذي ظهر نبوغه الأدبي في المرحلة الثانوية، فأنشأ مجلة حائطية في مدرسة شبرا الثانوية، وشرع في كتابة القصص القصيرة ونشرها فيها.

ومع وفاة الأب المبكرة في حياة يوسف السباعي، الذي لم يكن قد تجاوز الـ15 من العمر، يظهر التأثر بالحياة الأدبية والارتباط بإرث السباعي الأب، في حياة الابن من خلال الاهتمام الشديد بالكتابة والأدب، والدخول إلى الحياة الثقافية في سن مبكرة، فضلا عن إكماله قصة «الفيلسوف» التي بدأ الوالد في كتابتها ولم ينهها، فظلت مسودة حتى ساعد الابن في إخراجها إلى النور، كما سعى إلى جمع أعمال والده المترجمة وضمها في مجلد واحد.


الأديب الكبير يوسف السباعي

«يوسف السباعي» الدراسة والتكوين العلمي

أكمل يوسف تعليمه الثانوي، قبل أن يلتحق بالكلية الحربية عام 1935م وتفوق على أقرانه فيها، تخرج السباعي في الكلية الحربية في سنة 1937م، ومنذ ذلك الحين تولّى العديد من المناصب منها التدريس في الكلية الحربية.

ثم التحق فور تخرجه بسلاح السواري، الذي تحول بعد ثورة 1952م إلى سلاح المدرعات المصرية، وتدرج فيه إلى أن أصبح قائداً لإحدى السواري، ثم مُعلمًا في الكلية الحربية في عام 1940م، وأصبح مدرساً للتاريخ العسكري بها عام 1943م، ومديرًا لمتحف التاريخ الحربي عام 1949م، حتى تقاعده برتبة «عميد».

 
الأديب الكبير يوسف السباعي

التجربة الأدبية لـ«يوسف السباعي»

في ظل خوضه غمار الحياة العسكرية كان تركيز يوسف السباعي ينصب على الحياة الأدبية كذلك، فبعد تخرجه من الكلية الحربية عام 1937م شرع في كتابة القصص ونشرها، ولكن حياته الأدبية الفعلية بدأت في النصف الثاني من الأربعينيات، مع نشره مجموعته القصصية «أطياف» عام 1946م، والتي ضمت عدة قصص سابقة له، مثل قصة «فوق الأنواء»، التي كتبها في فترة دراسته الثانوية.

وبداية من هذا التاريخ تتالت أعمال يوسف لتضم أكثر من 30 عملاً أدبيًا بين المجموعات القصصية، والأعمال الروائية، وتفجرت موهبته وشهرته وحاز إعجاب الجمهور، وتحدث عنه النقاد، وتحول عدد من أعماله إلى أعمال سينمائية أسهمت في تأجيج شهرته، فمن لم يقرأ له شاهد فيلما، أو قرأ نقداً هنا أو هناك، وبذلك تربع  يوسف السباعي على عرش مشاهير الأدباء في عصره خلال عقدي الخمسينيات والسبعينيات من القرن الماضي الـ20.


الأديب الكبير يوسف السباعي

«يوسف السباعي» ونقد عميد الأدب العربي الدكتور«طه حسين»

تعرض عميد الأدب العربي «طه حسين» بالتحليل والنقد لروايتين من أعمال يوسف السباعي، وهما رواية «إني راحلة» المنشورة عام 1950م، والتي تحدث عنها في أحد مقالاته، ورواية «رد قلبي» المنشورة عام 1954م، والتي أشار إليها في كتابه «نقد وإصلاح».

ولعل هذه الإشارة إلى الروايتين من عميد الأدب العربي الدكتور«طه حسين»  تُظهر مقدار الشهرة التي حظي بها يوسف السباعي في ظل سنوات إنتاجه الأدبي؛ إذ لم يكن من السهل على واحد من جيل الأدباء الشيوخ أن يتناول في حديثه النقدي أحد أعمال الأدباء الشباب.


الأديب الكبير يوسف السباعي

وعلى الرغم من بعض الانتقادات التي وجهها له، فقد أثنى «طه حسين» على انسيابية كتابة يوسف وموهبته وجدارته بالكتابة الروائية، خاصة الرومانسية التي شغلت عقل عميد الأدب العربي، وعدّ السباعي واحداً من نجباء الأدباء في عصره، وكذلك كان حديثه عن رواية «رد قلبي»، إذ أثنى فيها على لغة السباعي السلسة وبنائه الانسيابي للحدث.

ولعل شهرة يوسف السباعي فارسًا للكتابة الرومانسية قد أسهمت في تعزيز شهرته، إذ كانت النظرية الأدبية على موعد مع تغلغل جيل الواقعية في الخمسينيات والستينيات، لا سيما مع تجاوز نقاد النظرية الأدبية في أوروبا مرحلة الرومانسية عقب الحرب العالمية الثانية عام 1945م، ودخول مصر أيضا مرحلة تاريخية جديدة بعد ثورة 23 يوليو عام 1952م.

فقد أصبحت الرومانسية الكلاسيكية عاجزة عن التعبير عن روح الإنسان وما يدور حوله من عالم متسارع، وهو ما شجع يوسف السباعي على إصدار روايته «رد قلبي»، التي حاول من خلالها وصف التغير الاجتماعي خلال مرحلة الثورة، مازجاً بين أدوات الأدب الرومانسي والواقعية الاجتماعية، وهي التجربة التي أشاد بها عميد الأدب العربي الدكتور«طه حسين»، ولكن أخذ عليها النهاية الدرامية كما لو كانت مكتوبة لجمهور السينما، وليس لجمهور الأدب.


الأديب الكبير يوسف السباعي

«يوسف السباعي» والتجربة الثقافية المؤسسية

إضافة إلى كونه كاتبًا وأديبًا، أسهم السباعي في إنشاء نادي القصة والمجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وجمعية الأدباء، كما شغل عدة مناصب صحفية أهمها منصب وزير الثقافة عام 1973م، ورئيس مجلس إدارة الأهرام، ونقيب الصحفيين، فضلا عن حصوله على جائزة الدولة التقديرية، كما شغل رئاسة تحرير عدة صحف مصرية، وعُين أمينًا عامًا لمنظمة التضامن الأفريقية الآسيوية.

لا تنفصل التجربة المؤسسية والشهرة الأدبية عن تجربة يوسف السباعي العسكرية، فقد كانت علاقته وثيقة برأس النظام المصري متمثلا في الرئيس الراحل «جمال عبد الناصر» في فترة الخمسينيات والستينيات، ومن بعدها قربه الرئيس الراحل «محمد أنور السادات».


الأديب الكبير يوسف السباعي

«يوسف السباعي» وتكريم جارة القمر «فيروز» 

تولي أديبنا الكبير العديد والعديد من المناصب كان من أهمها منصب رئيس تحرير جريدة «الأهرام» وصادف أن جاءت إلى مصر في شهر سبتمبر عام 1976 جارة القمر المطربة اللبنانية الكبيرة فيروز لأحياء مجموعة من الحفلات الغنائية على مسرح حديقة الأندلس، وكان بصحبتها الأخوين رحباني، وشقيقتها هدى، والمطرب نصري شمس الدين، ومتعهد الحفلات السوري يوسف الحاج، فضلا عن مجموعة كبيرة من أعضاء فرقتها الموسيقية.

«يوسف السباعي» ومؤلفاته الأدبية

ترك يوسف السباعي للمكتبة الأدبية العديد، أكثرها شهرة..

• نائب عزرائيل، رواية، 1947م. 
• يا أمة ضحكت، قصص،  1948م.
• أرض النفاق، رواية ، 1949م.
• إني راحلة ، رواية ، 1950م.
• أم رتيبة ، مسرحية ـ 1951م.
• السقا مات – رواية – 1952م.
• بين أبو الريش وجنينة ناميش – قصص – 1950م.
• الشيخ زعرب وآخرون – قصص – 1952م.
• فديتك يا ليل – رواية – 1953م.
• البحث عن جسد – 1953م.
• بين الأطلال – رواية.
• رد قلبي – رواية – 1954م.
• طريق العودة – رواية – 1956م.
• نادية – رواية – 1960م.


الأديب الكبير يوسف السباعي

اغتيال «يوسف السباعي»

في نوفمبر 1977م، سافر الرئيس الراحل «محمد أنور السادات» إلى القدس لإتمام مباحثات السلام مع إسرائيل، مما دعا معظم الدول العربية إلى مقاطعة مصر، ونقل مقر جامعة الدول العربية من مصر إلى تونس، وقد رافق الرئيسَ «يوسفُ السباعي» ممثلاً عن جريدة الأهرام، ومرافقَا صحفيًا باعتباره رئيس التحرير.

وبعد أشهر قليلة سافر«يوسف السباعي» إلى العاصمة القبرصية لحضور مؤتمر منظمة التضامن الأفريقية الآسيوية التي كان يشغل منصب أمينها العام، فتم اغتياله يوم 18 فبراير 1978 بـ«3» رصاصات في الرأس من مجموعة مسلحة يُعتقد أنها فلسطينية، كما يُعتقد أن الاغتيال كان رداً على مشاركته في زيارة القدس.


الأديب الكبير يوسف السباعي

 هرب منفذي العملية بعد احتجازهم رهائن من المؤتمر وتهديدهم بتفجير المكان وقتل الجميع ما لم توفر لهم السلطات طائرة تسهل فرارهم.

وفي يوم 19 فبراير 1978م أقيمت مراسم جنازة رسمية لدفن «يوسف السباعي» في مثواه الأخير، وقد حضر الجنازة نائب رئيس الجمهورية حينها «محمد حسني مبارك»، ووزير الدفاع المشير «محمد عبد الغني الجمسي».


الأديب الكبير يوسف السباعي

الأديب الكبير يوسف السباعي

الأديب الكبير يوسف السباعي

الأديب الكبير يوسف السباعي

جنازة الأديب الكبير يوسف السباعي
 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: