كلمة عن القمة العالمية للحكومات

18-2-2025 | 12:51

إلى غير ذلك من القضايا المتشابكة ذات الحساسية والتأثير سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا واجتماعيا وهو ما أدخل سكان الكوكب الأرضي دوائر الصراع والمعاناة والقلق والكراهية بعد ما لاحت في الأفق نذر تخوفات مستقبلية تحتم تغيير آليات التفاعل بما يتسق ومعادلة التقدم التي تحكم الإطار الحضاري المعاصر.

ولعل كل هذه القضايا المطروحة إنما تفجر كمًا من التساؤلات يتصدرها: ما هو الدور الأمثل للحكومات في توظيف طاقات الذكاء الاصطناعي؟ وكيف يمكن تحجيم الطموحات التكنولوجية بحيث تكون ذات أثر إيجابي ليس غير؟ وهل يسود الواقع التكنولوجي المعاصر أي معنى من معاني العدالة الرقمية بما يطيح بمفهوم السيادة الرقمية؟ وهل يمكن تأسيس إمبراطورية تكنولوجية قوامها أخلاقية إنسانية رفيعة؟ وكيف يمكن للدبلوماسية الاقتصادية أن تكون فاعلا في تحجيم الفجوة العميقة بين بارونات الثروة وأقزام الفقر بما يمثل إحداث ثورة اقتصادية تعيد للعالم بعضًا من ملامح تألق العدالة وزهوتها؟ وما هي الضرورات التي تحتم إعادة صياغة مفهوم التقدم ليظل بالفعل تقدمًا ذا طابع أفقي؟ وكيف يمكن بناء علاقة سالبة بين التحالفات الاقتصادية والنفوذ السياسي؟ وبصفة عامة ما هو المعيار الموضوعي في قياس نجاح الحكومات أو فشلها؟ لنصل بالطبع إلى السؤال المحوري الذي يلوح في الأذهان وهو.. كيف يمكن تجنب نشوب حرب عالمية ثالثة تضيع معها كل آمال المستقبل؟

إن القضايا المطروحة في قمة الحكومات العالمية هي على درجة كبيرة من الأولوية والجدارة بحكم كونها تحمل إشكاليات كبرى يتوعك فيها المجتمع الدولي نظرًا لصعوبة درجة التشابك والارتباط وربما التصادم، لذا تتعدد حولها الرؤى وتختلف طبقا لتنازع المصالح وتناقضها، لكن وفي كل الأحوال تظل في حاجة ملحة للحلول الإبداعية المبتكرة، ولن يتأتى استحضار تلك الحلول إلا بتوظيف الميكانيزم السحري الذي هو الثقافة وانفتاح الأفق الفكري خلال التعاطي مع بروتوكول ثقافى دولي مؤسس على مجموعة من المبادئ العليا التي تستلهم كل معاني السلام والحرية والعدالة وقيم التسامح والإخاء والسمو الروحي وصحوة الضمير الأخلاقى وصيانة الكرامة الإنسانية للشعوب والحفاظ على حقوقها المهضومة والاقتراب من أطياف الحقائق ومجاهدة النزعات الشريرة؛ بمعنى أن يكون هناك توجه أيديولوجي يسمح بالحرب على الحرب.

إن نهضة المجتمع الدولي المعاصر الذي احتدمت فيه وحوله كافة الكارثيات لن تتحقق إلا بسيادة المسار الثقافي الذي يقيم حوارية معتدلة  تحتضن الآخر وتقدر ظرفياته وإمكاناته وطاقاته دون أن تمارس عليه تلك العنصرية البغيضة والتهديد الصارخ والتلويح بالعنف والتجويع والتشريد والإبادة وتعلي الأهواء وتحوك المؤامرات وتعصف بالقانون الدولي، بل وتعاقب القضاء على إقرار بنوده ولا تعتبر بالاتفاقيات والمعاهدات، وترى ذاتها وحدها هي الذات العليا التي تستحق الحياة دون سواها!!

وإذا كان التاريخ الحديث سيظل شاهدًا أمينًا على بانوراما المذابح المروعة في غزة، لذا فإن حكومات المستقبل لا بد أن تصبح مهمتها تجاه الشعوب تأسيس مجتمعات الفضيلة وإقصاء أنظمة التوحش والبربرية والابتزاز، إعلاء لقيمة الإنسان، لا سيما ونحن نشيد بحضارة الأشياء!!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة