بعد 471 يوما من الفشل.. 92 مليار دولار خسائر إسرائيل

18-2-2025 | 16:52
بعد  يوما من الفشل  مليار دولار خسائر إسرائيلصورة أرشيفية
هشام الصافورى
الأهرام العربي نقلاً عن

تكبدت إسرائيل خلال أكثر من سنة و3 أشهر فى الحرب، خسائر على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فعلى الصعيد السياسى خسرت إسرائيل صورتها العالمية، وتم ملاحقة قادتها دوليا، وخضعوا لملاحقات قانونية باعتبارهم مجرمى حرب، وعلى الصعيد الاجتماعى فقد شعر الإسرائيليون بعدم الأمان فى الشمال والجنوب مما دفع بعضهم إلى الهجرة النهائية، وعلى الصعيد الاقتصادى وبحسب صحيفة «كلكاليست» العبرية، فإن خسائر إسرائيل من الحرب، حتى قبل التوصل إلى صفقة وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، بلغت حوالى 92.1 مليار دولار، وسجلت عجزًا قدره 36 مليار دولار، إضافة إلى تضرر القطاع السياحى الذى بلغت خسائره 5.2 مليار دولار، فيما وصلت نسبة الفقر بين الإسرائيليين إلى 25 %.

موضوعات مقترحة

وسجلت إسرائيل خسائر على صعيد المدنيين شملت 1200 قتيل مدني، و618 جنديًا، بينما أصيب 1941 مدنيًا فى هجوم 7 أكتوبر، وسجلت إصابة 16 ألف جندي، فيما غادر 600 ألف إسرائيلى البلاد خلال الحرب، ودوليا جرى إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت.

وهذا ما أكده د. إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، قائلا: دخل الاتفاق الخاص بالهدنة فى غزة حيز التنفيذ يوم 19 يناير 2025 والذى يتضمن 3 مراحل رئيسية حيث تستمر المرحلة الأولى لمدة ستة أسابيع، وتم تنفيذ الخطوة الأولى من المرحلة الأولى بنجاح، حيث قامت الفصائل الفلسطينية بالإفراج عن 3 محتجزات، وقامت إسرائيل من جانبها بالإفراج عن 300 من الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، ويمكن القول إن هذا الاتفاق يتضمن فى حالة الالتزام بتنفيذه ووفقا للتوقيتات الزمنية المحددة تحقيق 3 أهداف رئيسية، تتمثل فى إيقاف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية وتبادل الأسرى والمحتجزين.

وأضاف: يثار تساؤل حول من المنتصر فى هذه الحرب التى شنتها إسرائيل على غزة خلال أكثر من 15 شهرا؟، وتأثير نتائج هذه الحرب على طرفى النزاع، حيث يمكن القول إن المنتصر هو من يحقق أهدافه من الحرب ويفرض إرادته، وإذا أخذنا بهذا المنطق، فإن إسرائيل كان يتمثل هدفها الأصلى، والأهم من هذه الحرب التى شنتها على غزة فى إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية بالقوة العسكرية، وهو ما لم يتحقق برغم كل الخسائر المادية والبشرية التى تحملتها وأن من أطلق سراحهم من الأسرى الإسرائيليين كان بالطرق السلمية من خلال الهدنة التى استمرت لأيام محدودة وتم التوصل إليها بجهود مصرية فى نوفمبر 2023، ولم تتمكن إسرائيل عقب استئناف الحرب من تحرير أسرى آخرين من خلال القوة، بل تحقق ذلك من خلال الاتفاق الذى تم التوصل إليه بجهود مصر والوسطاء والذى بدأ تنفيذ مرحلته الأولى فى 19 يناير 2025، ومعنى ذلك أن إسرائيل لم تتمكن من تحقيق هدفها الرئيسى من الحرب على غزة وهو إطلاق سراح أسراها بالقوة العسكرية، وعلى الجانب الآخر، فقد استطاع الفلسطينيون فرض إرادتهم والوصول إلى إيقاف إطلاق النار وعدم الإفراج عن أى أسير إسرائيلى إلا من خلال العملية التفاوضية وبالطرق السلمية برغم كل ما تحملوه من هدم وتدمير غير مسبوق فى غزة

وتابع بدر الدين: أنه كما طرح اتفاق الهدنة آثاره السلبية على الداخل الإسرائيلى فى شكل خلافات داخل الحكومة وتهديد وحدتها وتماسكها نظرا لكون الحكومة الإسرائيلية حكومة مكونة من عدة أحزاب، ولذلك فقد وقف بعض أعضاء الحكومة ضد الاتفاق وقدم ايتمار بن غفير وزير الأمن القومى الإسرائيلى استقالته من الحكومة، احتجاجا على وقف الحرب فى غزة كما قدم أعضاء الحزب الذى يتزعمه وهو حزب القوة اليهودية استقالتهم من عضوية الكنيست الإسرائيلى والبالغ عددهم 6 أعضاء، مما يعكس حدة الانقسامات السياسية داخل إسرائيل، حيث أصبحت الحكومة بعد هذه الاستقالات تحظى بدعم 62 فقط من نواب الكنيست والبالغ عددهم 120 عضوا، ومعنى ذلك أن الحكومة لها الأغلبية بعدد محدود لا يتجاوز اثنين من النواب مما يجعلها فى وضع حرج إذا استقال أعضاء آخرين من الكنيست أو وزراء من الحكومة وهو ما هدد به سموتريتش وزير المالية، وهو من معارضى الاتفاق مع حماس حيث أعلن نيته فى الانسحاب من الحكومة فى حالة عدم استئناف الحرب على قطاع غزة بعد انتهاء مرحلة تبادل الأسرى، ويهدد ذلك تماسك واستمرارية الحكومة الإسرائيلية، وخلاصة ذلك أن إسرائيل قد تعرضت لخسارة سياسية ومالية وبشرية ملحوظة نتيجة للحرب على غزة.

وقالت أمل رمزى عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إنه فى ظل تعقيدات الصراع الفلسطينى-الإسرائيلى وتعدد الأطراف الفاعلة، واجهت مصر تحديات كبيرة فى جهودها لوقف الحرب فى فلسطين. ومع ذلك تمكنت من تحقيق إنجازات مهمة بفضل دبلوماسيتها الحكيمة وعلاقاتها المتشعبة فى المنطقة، الجهود المصرية التى أثمرت عن وقف إطلاق النار فى غزة تمثل امتداداً للمواقف النبيلة التى اتسمت بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى فى المحافل الإقليمية والدولية، والعمل الدؤوب على إنهاء العدوان وتخفيف المعاناة الإنسانية عن أبناء الشعب الفلسطيني.

واكدت رمزى أن آثار الحرب على إسرائيل هى قضية معقدة تتجاوز الدمار المادى المباشر لتشمل آثارًا سياسية ومعنوية عميقة. هذه الآثار تتشابك وتتفاعل فيما بينها، مما يجعل من الصعب تخيلها فعلى سبيل المثال.

الخسائر الاقتصادية: تتراكم فاتورة الحرب بشكل كبير، بدءًا من تكاليف العمليات العسكرية، مروراً بالإنفاق على إعادة الإعمار، ووصولاً إلى التكاليف غير المباشرة مثل تراجع السياحة والاستثمار.

دمار البنية التحتية: تضررت المدن والقرى، وتعطلت الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، مما يتطلب جهودًا كبيرة لإعادة تأهيلها مره أخرى، كما أدت إلى زيادة ديون الدولة، واضطرت الحكومة إلى تقليص الإنفاق على قطاعات أخرى مثل التعليم والصحة.

وأيضا أدت إلى بعض الآثار السياسية مثل: التقسيم المجتمعي: تتعمق الانقسامات السياسية والاجتماعية داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث تبرز الخلافات حول أهداف الحرب ومدتها ونتائجها.

تآكل الدعم الدولي: تتعرض إسرائيل لانتقادات دولية متزايدة، مما يؤثر على علاقاتها الدبلوماسية والتجارية.

تحديات أمنية متجددة: تزيد الحرب من حدة التهديدات الأمنية على إسرائيل، وتدفعها إلى اتخاذ إجراءات أمنية مكلفة.

تغيير المعادلات الإقليمية: تؤثر الحرب على توازن القوى فى المنطقة، وتدفع الدول الأخرى إلى إعادة تقييم سياساتها تجاه إسرائيل.

الآثار المعنوية: يعانى المواطنون الإسرائيليون من إرهاق نفسى نتيجة للصراع المستمر والخوف من المستقبل.

تراجع الثقة فى القيادة: تراجعت ثقة المواطنين فى القيادة السياسية، خصوصاً أنها لم تحقق الحرب الأهداف المرجوة.

كما تزيد الحرب من صعوبة تحقيق السلام، وتبعد الأطراف المتنازعة عن طاولة المفاوضات، وأدت إلى زيادة الحقد والكراهية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مما يعقد جهود المصالحة.

أهمية فهم هذه الآثار تكمن فى قدرتها على تشكيل مستقبل إسرائيل والعلاقات الإقليمية، وأشارت رمزى إلى أنه كلما طالت مدة الحرب، زادت الخسائر المادية والمعنوية، فالعمليات العسكرية واسعة النطاق تؤدى إلى دمار أكبر.

وقال د. أحمد فؤاد أنور، أستاذ العبرى الحديث بجامعة الإسكندرية وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن خسائر إسرائيل فادحة فى هذه الحرب، الردع الذى كانت تروج له إسرائيل سقط بامتياز فرغم أن الولايات المتحدة وبريطانيا هرعتا لنجدة إسرائيل برا وبحرا وجوا فإن أراضى الـ48 بقيت مستهدفة حتى صباح يوم 19 يناير، حيث تم دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ! وهذا أيضا نقيض فكرة أن إسرائيل جديرة بأن "تدير الشرق الأوسط" وتقرر من يعيش فى أى منطقة ومن لا يجب أن يعيش.. وهو نقيض "نهمها" لضم الضفة بالكامل واستيطان غزة، واحتلال أراض من لبنان وسوريا.

تضررت إسرائيل لأنها تقوم على فكرة الهجرة إلى أرض إسرائيل المزعومة، لكن خلال العدوان وفى أعقابه حدث نزوح عكسى، خصوصاً بين الخبرات فى مجال الطب والهاى تيك.

وأضاف: إسرائيل انهزمت لأن سرديتها سقطت حيث تقول: "الفلسطينيون باعوا أرضهم"، و"أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، ‏لكن خلال العدوان رأى العالم كله تجويعاً لمدة 15 شهرا وقصفا بالدبابات ومقاتلات F-35 ومع هذا أقام الفلسطينيون فى خيام على البحر لشتاءين متتاليين، ولم يحاولوا القفز بمراكب فى البحر لأوروبا أو اجتياز السور لمصر التى كان لها دور أساسى بإصرارها على تثبيت الشعب الفلسطينى على أرضه وإجهاض المخطط الأساسى من هذا العدوان وهو نقل السكان وتصفية القضية.

وأكد أن إسرائيل انهزمت لأنها كانت تقول على مقاومين "مجرمين سفاحين"، وتحاكمهم وتدينهم بـ 500 سنة سجن (الرقم صحيح 30 وأربعون سجن مدى الحياة) ‏ثم تخرّجُهم برغم أنفها. كانت تقول: نحارب الإرهاب، نحارب السنوار، لكنها فى النهاية اضطرت لإخراج 3 آلاف سنوار جديد!!.. انهزمت لأن سرديتها سقطت وباتت فى مواجهة مع إسبانيا وأيرلندا وجنوب إفريقيا والبرازيل والجنائية الدولية لأول مرة. وحاليا هناك تبادل اتهامات البعض يتساءل لماذا قبل نتنياهو ما رفضه فى 27 مايو الماضي؟، ولماذا سيتم الإفراج عن آلاف من المعتقلين الفلسطينيين؟ ولماذا سقط محتجزون وأسرى فى الفترة من مايو ليناير؟، ولماذا سقط جنود وضباط فى نفس الفترة فى غزة؟

وأشار أنور إلى أن بن غفير انسحب لأنه يعلم أنه لو أجريت الانتخابات الآن سيعود للكنيست، فى حين أن سموتريتش بقى لأنه يعلم أن استطلاعات الرأى تكشف عدم تمكن حزبه من العودة للكنيست وتجاوز نسبة الحسم المطلوبة.. وقد انطلق يهاجم بن غفير ويصفه بأنه "مقاول فوضى" كما سبق له أن وصف نتنياهو بأنه كذاب ابن كذاب

وأكدت د. سارة كيرة مدير المركز الأوروبي الشمال إفريقي، أن إسرائيل تكبدت خسائر لم يمكنها تخيلها بنظرتها الوحشية، الضيقة، والمتعطشة للدماء. وألحق أذى بإسرائيل لم تشهدها فى تاريخها، ودفعت ثمنا باهظاً على الرغم من كل الدمار الذى شهدته غزة، وأجبرت على الانسحاب ووقف إطلاق النار ومشاهدة حماس مُنظمة مرة أخرى على أرض القطاع المُدمر.

وأضافت كيرة أنه على الرغم من مشاهد استعراض القوة بوحشية دون أن تأبه إسرائيل لحياة المدنيين، فقد نجحت غزة فى قطع رقبة نتنياهو وحكومته سياسيا ومعنويا واقتصاديا. فمن دلائل ومظاهر إذلال نتنياهو وحكومته أنهم لم يتمكنوا من تحقيق أى من الأهداف التى ادعوها لخوض تلك الحرب على قطاع غزة. وذكرت حكومة نتنياهو صراحة أن الهدف من تلك الحرب هى تأمين الحدود مع غزة، والقضاء على حركة حماس، واستعادة الرهائن، ولم تستطع إسرائيل تحقيق أى من تلك الأهداف دون التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق للنار مع حماس بوساطة مصرية، قطرية، أمريكية. فعلى الرغم من استخدام إسرائيل لقوتها العسكرية الثقيلة ضد العزل والمدنيين ومقاتلي حماس فهى لم تستطع تدمير أنفاق حماس أو إلغاء وجودها كقوة سياسة وعسكرية فى القطاع.

وتابعت كيره أنه من الناحية الجيو - إستراتيجية، فقد صعبت إسرائيل على نفسها إتمام أى عملية تطبيع مع الخليج العربى نظرا لسوء سمعتها دوليا بعد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بإدانة إسرائيل متمثلة فى نتنياهو وبعض من رموز حكومته بالقيام بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ومما يفرضه ذلك من إحراج للدول العربية الرامية للتطبيع مع الجانب الإسرائيلي، كما تكبدت إسرائيل متمثلة فى شعبها خسائر معنوية كثيرة حيث تدمرت صورة إسرائيل كدولة محبة للسلام فى المنطقة وكشف مخططات نتنياهو لتطويل مدة الحرب والهروب من الملاحقات القضائية فى قضايا الفساد الملصقة به، وما كلفه هذا من حياة شعبه وأمنهم. ومن الناحية الاقتصادية، تكبّدت إسرائيل خسائر اقتصادية كبيرة، فوفقًا لوزارة المالية الإسرائيلية، بلغت هذه الخسائر حوالى 34.09 مليار دولار حتى يناير 2025، مع توقعات باستمرار آثار الحرب الاقتصادية لأعوام مقبلة.

وأضافت: كما أثبتت إسرائيل أنها غير قادرة على الانتصار فى حرب المُدن على الرغم من تقدم الأسلحة التى لدى الجيش الإسرائيلي، وأثبت أن قدرة الردع لديه ليست بالصورة التى كان يروج لها. وعلى الرغم من قدرتها على عمليات الاغتيالات، ولكنها لم تنجح فى كسر شوكة المقاومة الفلسطينية كما كانت ترغب.

وشددت كيرة على أن هناك خسائر كبيرة أخرى، لحقت بإسرائيل جراء هذه الحرب وفقا لاعترافات ضباط بارزين فى الجيش الإسرائيلي، هذه الخسائر، التى تتطلب سنوات أو ربما عقوداً لتعويضها، كشفت عن ضعف واضح على عدة أصعدة، أبرزها الاستخباراتية، العسكرية، النفسية، والتقنية. وتعكس هذه التحديات واقعاً جديداً يشير إلى تراجع مكانة إسرائيل العسكرية على المستويين الدولى والإقليمي، فالاحتلال فقد جزءاً رئيسياً من سمعته المبنية على الردع.

وكانت إسرائيل تتفاخر بتطور أسلحتها، لكن حرب غزة كشفت عيوبها، خصوصاً فى دبابات «ميركافاه- 4»، ما قد يؤدى إلى تراجع رغبة الدول فى شراء الأسلحة الإسرائيلية، وسيضطر الاحتلال لصرف مئات الملايين لمعالجة هذه العيوب.

بالإضافة إلى انهيار معنويات جنود الاحتلال، وتفكك وحدات النخبة التى كانت تعتبر ركيزة أساسية للجيش، فقد تم قتل قادة بارزين فى هذه الوحدات، مما أدى إلى إضعافها، وباتت تحتاج إلى سنوات لإعادة البناء.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة