ربما كانت حياتى مختلفة عن الناس فقد أتيت إلى الدنيا بطبيعة خاصة جدًا أتوافق مع كل شيء فيها حتى ذلك العجز الذى ولدت به لم أشعر معه بإحساس بالنقص أو أن شيئًا ما يعيقنى عن التعايش بشكل طبيعى وقد أبدو أحيانا سعيدة بصمتى فماذا عساى أن أقول للناس أستطيع أن أشير لهم بما أريد وأسمع منهم ما يقولون ولست فى حاجة للرد عليهم أنطوى على عالمى الخاص أتحدث إلى نفسى كثيرًا وأسمعنى جيدًا وأرى فى صوتى حلاوة لا أجدها فى كل الأصوات التى أسمعها من المحيطين بى لعلى أحس ذلك لأن صوتى هذا مجرد صوت افتراضى لا وجود له إلا فى خيالى فأنا ما أتيت إلى الحياة به ولكنى عاجزة عن الكلام أسمع ولكن لسانى متجمد تقطعت أوتار حنجرتى معه واعتدت أن أعبر عن نفسى بتعبيرات وجهى ونظراتى وبعض الإشارات التى تعلمتها كلما كبرت شيئا فشيئا .
موضوعات مقترحة
كنت أعرف أن حياتى المختلفة لابد وأن تختلف معها احتياجاتى بطبيعة الحال فأنا لست كأى فتاة فى مثل سنى ليس من حقى أن أحلم مثلهم بالحب والزواج والأمومة والعيال فأى رجل هذا الذى يمكنه الاقتران بكيان ناقص صامت لا يعرف كيف يتواصل معه حتى من هم فى مثل ظروفى يريدون شريكة لحياتهم مكتملة ليستكملوا ما ينقصهم معها وحتى لا تنجب لهم أولادا بعيب خلقى أو صامتون أو لا يسمعون .
و لكنى لم أستطع أن أمنع نفسى من أن أحب، لم يكن لى سيطرة على قلبى الذى نبض بحب شاب يسكن معنا فى نفس الشارع ولم يكن يشعر بى فحبى له صامت كصوتى لا أطمع منه فى شيء إلا أن أراه ويشاركنى أحلامى فى خيالى أنا فقط .. ترى هل أنا مخطئة فى حق نفسى عندما تركتها تنساق وراء أحاسيس وهمية من طرف واحد ؟ هل من حقى هذا ؟ لا أدر ولكنى سعيدة بعاطفتى الصامتة هذه وإن كانت فردية.. هل أحرم حتى من الخيال وإن كنت أتنفس به كى أعيش ؟
م . ص
ما كل هذه الطاقة السلبية التى تسكن قلبك الصغير يا ابنتى تبدين وكأنك امرأة عجوز لا أمل لها فى الحياة رغم أنك فى مقتبل العمر وليس نقصا فيك أنك لا تستطيعين الكلام ولكنه عرض من أعراض الدنيا يتواءم معه صاحبه ويروضه كى تستمر الحياة وليس كل من فقد بصره أو الحركة فى أطرافه أو قدرته على السمع أو الكلام يموت وهو على قيد الحياة وإلا ما كنا رأينا وعرفنا بشرا هم ذوى همة استطاعو ترويض عجزهم وتطويعه وتحقيق إنجازات كبيرة ومتفردة فى الحياة وأنت لست أقل من هؤلاء فلا تنقصى من شأن نفسك واعلمى أن بداخلك قوة سحرية وإرادة قوية تستطيعين بهما تحقيق المعجزات وأن تكونى أفضل من فتيات كثيرات ممن هم فى مثل سنك، أما إحساسك أن أنوثتك منتقصة وليس من حقك الحب أو الزواج فهذا أمر لا منطق له ولعلك شديدة القسوة على نفسك وقلبك المفعم بالحب فترفقى بحالك يا ابنتى الحياة أيسر من هذا بكثير والتعايش فيها لابد وأن يكون وفق متطلباتها هى ولو كانت مرة ولك أن تعلمى أن المشاعر الحقيقية عندما تسكن قلبا لا تسكنه منفردا فليس هناك حب من طرف واحد وما تحسينه يا ابنتى تجاه جارك هذا الذى تقولين إنه لا يشعر بك ليس شعورا حقيقيا ولكنه وهم ناتج عن إحساسك بالحرمان العاطفى وقناعتك أنك غير مؤهلة للحب والزواج ولا يعنى هذا انك لن تحبى أو تجدى من يحبك فإعاقتك لن تمنعك من أن تعيشى حياة طبيعية واعلمى أن الله سبحانه وتعالى عندما يختبر عبدا من عباده فى أحد أعضائه يعوضه قوة وإرادة تغنيه عن هذا النقص ولكى عبرة فى نماذج كثيرة نجحت فى الحياة برغم إعاقتها منها على المستوى العالمى النموذج الأشهر هيلين كيلر والتى كانت تعانى عجزا كليا أيضا فى مصر الدكتور طه حسين وغيرهما كثير فلا تقنطى يا ابنتى من رحمة الله واتقيه فى نفسك يجعل لكى مخرجا .