مع تزايد الاعتماد على الإنترنت في المعاملات المالية، ظهرت جرائم احتيالية تستغل ثقة الأفراد ورغبتهم في تحقيق مكاسب سريعة، ومن أبرزها جريمة إيهام الأشخاص بمضاعفة الأموال عبر تحويلها إلى حسابات أو محافظ إلكترونية.
موضوعات مقترحة
وتعتمد هذه الجرائم على الخداع والتلاعب النفسي، مما يؤدي إلى خسارة الضحايا لأموالهم لصالح المحتالين، وتعتبر أيضًا جرائم الاحتيال المالي عبر الإنترنت من الجرائم الاقتصادية الحديثة التي تتطلب مواجهة قانونية حازمة.
قال الخبير القانوني محمد زكي أبو ليلة، إن القوانين المصرية تعالج هذه الجريمة من خلال قانون العقوبات، قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وقانون مكافحة غسل الأموال، حيث تفرض عقوبات تصل إلى السجن المشدد والغرامات المالية الكبيرة على الجناة.
وأضاف أبو ليلة، أنه يمكن تكييف هذه الجرائم في القانون المصري ضمن عدة نصوص قانونية، أبرزها:
1. جريمة النصب وفقًا للمادة 336 من قانون العقوبات المصري.
أوضح الخبير القانوني، أن المادة 336 من قانون العقوبات المصري تنص على أن: "يعاقب بالحبس كل من توصل إلى الاستيلاء على شيء مملوك للغير، وذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو بعضها، إما باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال".
وبتطبيق المادة سالفة الذكر، نجد أن المحتال يستغل ثقة الضحايا، ويستخدم وسائل احتيالية مثل الإعلانات الكاذبة، المواقع المزيفة، أو شهادات وهمية، مما يجعل هذه الجريمة تندرج تحت جريمة النصب المعاقب عليها بالحبس لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.
2. جريمة الاحتيال الإلكتروني وفقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018
وأشار أبو ليلة إلى أن الاحتيال عبر الإنترنت يعد جريمة متميزة عن النصب التقليدي، حيث يتم ارتكابها باستخدام وسائل إلكترونية، ولذا فقد خصص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 موادًا لمعاقبة المحتالين الذين يستخدمون الإنترنت في النصب والاحتيال المالي.
وقد حدد المشرع عقوبات لردع تلك الجرائم في القانون المصري وفقا للمادة 13: تعاقب كل من استخدم وسائل تقنية المعلومات للاستيلاء على أموال الغير أو الحصول على مزايا غير مستحقة بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، كما نصت المادة 27" تفرض عقوبة السجن والغرامة على كل من أنشأ أو أدار موقعًا إلكترونيًا بهدف ارتكاب جريمة احتيالية أو تسهيل ارتكابها".
وبالتالي، فإن المواقع الإلكترونية أو الحسابات المزيفة التي تروج لعروض مضاعفة الأموال تعتبر كيانات غير مشروعة تستوجب توقيع العقوبات على القائمين عليها.
3. جريمة غسل الأموال وفقًا لقانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002
ولفت إلى أنه في بعض الحالات، لا يقتصر الغرض من هذه الأنشطة الاحتيالية على سرقة الأموال فقط، بل قد تكون هذه العمليات جزءًا من جريمة غسل أموال، حيث يتم جمع الأموال بطرق غير مشروعة ثم تمريرها عبر الحسابات المصرفية والمحافظ الإلكترونية لإخفاء مصدرها غير القانونية، وفقًا للمادة 2 من قانون مكافحة غسل الأموال المصري، فإن أي شخص يقوم بجمع الأموال بطرق احتيالية ثم يحاول إضفاء الصفة المشروعة عليها يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، وغرامة تعادل قيمة الأموال المغسولة.
وبذلك، فإن الأشخاص الذين ينشئون أنظمة احتيالية تستهدف الاستيلاء على أموال الجمهور، ويقومون بتحويلها إلى حسابات مختلفة بهدف تمويه مصدرها، يواجهون عقوبات تصل إلى السجن المشدد.
ولذلك، يجب على الأفراد توخي الحذر وعدم الانجرار وراء العروض المالية الوهمية، مع الإبلاغ الفوري عن أي نشاط احتيالي لضمان حماية المجتمع من هذه الجرائم.
في الحالات العادية، لا يقع على الضحية أي مسؤولية قانونية إذا كان حسن النية، ومع ذلك، إذا كان الضحية متواطئًا مع الجاني أو كان على علم بأنه يشارك في نظام احتيالي، فقد يتم توجيه اتهام له بالمشاركة في جريمة غسل أموال.
وأكد أبو ليلة أنه في حالة وقوع الجريمة، يتعين على الضحية اتخاذ إجراءات قانونية سريعة لضمان الحفاظ على حقوقه وتعزيز فرص استرداد أمواله، وأول خطوة في هذا السياق هي تحرير محضر رسمي لدى الجهة المختصة، مع ضرورة اختيار الجهة المناسبة وفقًا لطبيعة الجريمة المرتكبة.
• إذا كان الاحتيال قد تم عبر الإنترنت أو من خلال منصات إلكترونية، يجب على الضحية التوجه إلى وحدة مكافحة جرائم الإنترنت التابعة لوزارة الداخلية لتحرير محضر رسمي، حيث تتمتع هذه الجهة بالاختصاص في تعقب الجرائم الإلكترونية، وجمع الأدلة الرقمية، والتنسيق مع الجهات المختصة لتعقب الجناة.
• أما إذا كان الاحتيال يشمل تحويلات مالية أو نصبا ماليا واسع النطاق، فيمكن تقديم بلاغ رسمي إلى النيابة العامة، حيث تتمتع النيابة بالسلطة القانونية لمباشرة التحقيقات، واستدعاء المتهمين، والتنسيق مع البنوك أو الجهات المالية المختصة لتجميد الأموال المشبوهة أو استرداد المبالغ المحولة.
• في الحالات التي يكون فيها الحساب المصرفي أو المحفظة الإلكترونية المتضررة تابعة لأحد البنوك المحلية، ينصح الضحية أيضًا بإبلاغ البنك المركزي المصري فورًا، حيث يمكنه إصدار تعليمات بتجميد الحسابات المتورطة ومنع أي تحويلات إضافية لحماية الضحية من مزيد من الخسائر.
ومن الضرورة أن يحتفظ الضحية بجميع المستندات والأدلة المتعلقة بالاحتيال، مثل الرسائل الإلكترونية، المحادثات، تفاصيل التحويلات المصرفية، والإعلانات المشبوهة، حيث تشكل هذه الأدلة عاملًا رئيسيًا في دعم البلاغ وتمكين السلطات من ملاحقة المحتالين بفعالية.