من يقرأ روايتى «الذى لا يحب جمال عبد الناصر» يعرف مدى ارتباطى بمصر
موضوعات مقترحة
العمل الإعلامى أفادنى على مستوى توسيع الآفاق والمدارك
سليمان المعمرى، أحد الإعلاميين والمبدعين الحاضرين فى المشهد الإعلامى والثقافى العمانى بقوة، وقد قدم العديد من البرامج الثقافية فى إذاعة عمان، وتربطه علاقات وطيدة بالإعلاميين والمثقفين المصريين.
حصل على جائزة «يوسف إدريس» التى يقدمها المجلس الأعلى للثقافة، ويشارك فيها المبدعون العرب، بجانب المصريين، وبالمصادفة البحتة من خلال بورتريه كتب تلك الرواية التى أحدثت ضجة فى الأوساط الثقافية.
سليمان المعمرى أعرب عن سعادته بأن سلطنة عمان ضيف شرف معرض القاهرة الدولى للكتاب ملتقى المثقفين العرب والأجانب، وكان لنا معه هذا الحوار على هامش فعاليات المعرض.
< تأتى إلى مصر هذه المرة فى ظل مشاركة سلطنة عمان ضيف شرف معرض القاهرة للكتاب، كيف تثمن هذه المشاركة؟
سعيد بالمشاركة فى هذه التظاهرة الثقافية المهمة، واستضافة "سلطنة عمان" ضيف شرف، لأسباب كثيرة، لأن مصر وعمان توأمان منذ سنين طويلة، نحن فى النهضة الحديثة فى عمان تعلمنا على يد المعلمين المصريين، والإعلام العمانى فى بداياته قام على أيدى الخبراء المصريين، وكذلك الصحافة العمانية والثقافة وجامعة السلطان قابوس أيضا، هناك كثير من أساتذتنا الأجلاء المصريين، عندما تقام فاعلية مثل هذه فى بلد مثل مصر بها أكثر من مائة مليون قارئ، نفرح كثيرا لأن ثقافة عمان تحتاج إلى الوصول لمصر، وهذا يعطى الأجيال الجديدة فكرة عن العلاقة بين البلدين، ويعزز التبادل الثقافى بين المثقفين العمانيين والمصريين، كلنا وطن عربى واحد، وتبقى بيننا العلاقات الحميمة.
< كيف ترى المشهد الثقافى المصري؟
أول جائزة فزت بها خارج عمان هى جائزة "يوسف إدريس" فى دورتها الأولى عام 2007، ولاقت احتفاء كبيرا من الكتاب والأدباء المثقفين المصريين، وكانت لى صداقات مع هؤلاء الكتاب، وبحكم عملى فى إذاعة عمان لى الكثير من الصداقات فى الوسط الإعلامى فى إذاعة صوت العرب والإذاعة المصرية بشكل عام، ونتبادل القراءة أنا والمثقفون المصريون.
وسعدت بطباعة روايتى "الذى لا يحب جمال عبد الناصر" فى طبعة جديدة لدى دار الشروق، وهى دار مرموقة ومن أهم دور النشر العربية، وسعيد أنهم احتفوا بى هذه المرة وعملوا لى حفل توقيع ومناقشة للرواية، من يقرأ روايتى يعرف مدى ارتباطى بمصر، فبطل روايتى مصرى يقيم فى عمان ونصف شخصياتها من العرب .
< روايتك "الذى لا يحب جمال عبد الناصر" أحدثت ضجة كبيرة فى الوسط الثقافى، ما مدى تأثيرها على أعمالك الإبداعية؟
أنا مقل فى كتابة الرواية، ودائما أصرح بأننى دخلت مجال الرواية بالمصادفة، وكنت فى الأصل أكتب "بورتريه" عن شخصية البطل، ووجدت الكتابة حولتنى إلى رواية، ونشرت رواية بعدها مع صديقى عبد العزيز الفارسي، وهى رواية «شهادة لوفاة كلب».
< من خلال عملك الإعلامى استضفت عددا كبيرا من المثقفين العرب ماذا عن ذلك؟
العمل الإعلامى خصوصا الإعلام الثقافى مفيد، أنا أعمل حيث أحب، لإجراء هذه الحوارات لابد أن أقرأ أعمالهم سواء كانت قصصا أم أعمالا فكرية، وهذا يصب فى خانة التثقيف، كإنسان قبل أن أكون إعلاميا، هذا أفادنى على مدار توسيع الأفق والمدارك.
< ما الأسماء التى تأثرت بها على المستوى الثقافى والعمل الإعلامي؟
الأسماء التى أثرت فى ثقافيا كثيرة، فى القصة القصيرة يوسف إدريس، وفى مجال الرواية صاحب نوبل الروائى نجيب محفوظ، وأيضا الكاتب الكبير إبراهيم أصلان، وهو من أجمل الكتاب المصريين الذين قرأت لهم، وأنا أواصل قراءة جديد الشباب المصريين، وهناك كتاب عرب آخرون.
< كيف ترى العلاقات المصرية العمانية؟
هى علاقات وطيدة على المستويين - الرسمى والشعبى - بين القادة والمؤسسات الحكومة، علاقات وطيدة بين الشعبين، وهذا ما نلمسه عندما نزور مصر، ونتجول فى حواريها وضواحيها، وأيضا ما يلمسه الإخوة فى سلطنة عمان عندما نجد الترحيب الشديد من المصريين.
< لماذا جمال عبد الناصر؟
إن جاز لى أن أفسر عنوان روايتى كأى قارئ عادى سأقول: "إن العنوان دال على المحتوى، الشخصية المحورية فيها هى التى تدور حولها الأحداث، وهناك "بسيونى سلطان الفقي" الذى لا يحب جمال عبد الناصر، وجمال عبد الناصر حاضر بقوة فى الرواية حضورا شخصيا فيزيقيا فى الفصلين الأول والأخير، وحضورا رمزيا فى بقية الفصول، وطبيعى من وجهة نظرى أن تحضر هذه القامة العربية الكاريزمية فى رواية عن الربيع العربى والمطالبة بالتغيير.
< قلت إنها كانت عبارة عن بورتريه، إذن لم تخطط لها؟
عدم التخطيط للرواية شيء، وعدم التخطيط لشخوصها شيء آخر، فبمجرد أن بدأت ملامح الرواية تتشكل وتتضح، بات من غير الممكن التعامل مع شخصياتها، بلا مبالاة أو بدون تخطيط ، خصوصا فى رواية كهذه تعتمد على تقنية تعدد الأصوات، وما تتطلبه هذه التقنية من سرد الحكاية بشخصيات مختلفة لها، لغات سرد متعددة، ولعلك تقصدين بسؤالك ظهور شخصيات غير مخطط لها، وهذا صحيح، فهناك شخصيات فرضها على سياق الأحداث دون أن أكون مخططا لها أثناء الكتابة الأولى للرواية.
< تناولت فى روايتك المرأة العمانية، وارتباطها بالجديد كنوع من الأمان الفكري؟
بكل صراحة لم يكن جنس الشخصيات فى وعيى أثناء الكتابة، ولكن كمتأمل الآن أرى أننى قدمت نوعين من النساء العمانيات وهما نوعان موجودان فى كل مكان المرأة القوية، المشاركة بقوة فى هموم وطنها ومجتمعها والحالمة بالتغيير للأفضل، ومثلت هذا النوع زينب العجمى التى يمكن تشبيه عمان نفسها بها، فهى داعية للتسامح، قولا وفعلا من خلال زواجها ولا مانع لديها من أن يعتنق ولدها أى مذهب، بل تشجعه على أن يكون له دور فى تغيير بلده، إلى الأفضل، فى المقابل هناك زوينة زوجة رئيس التحرير، المرأة الخانعة المتشبثة بالشكليات المجتمعية، والقبلية، حتى إن كان ذلك على حساب سعادتها وسلامها الداخلي، وانخراطها فى الشأن العام لا يكون إلا بحثا عن الوجاهة والصيت.
< هناك من قال إن روايتك هذه تتشابه مع رواية «اسمى أحمر» لأورهان باموك؟
قرأت ذلك فى مقالة الصديقة "سعاد العنزي" وقت إصدار الطبعة الأولى للرواية، وهى كانت تقصد تقنية تعدد الأصوات فى هذه الرواية التى أشرت إليها قبل قليل، أى جعل الشخصيات نفسها هى التى تروى الحكاية، بدلا من الراوى العليم، بيد أن هذه التقنية ليست حكرا على "أورهان باموك" لم أقرأ روايته فهى "تقنية تعدد الأصوات" مستخدمة قبله وبعده، بل إن تأثرى الحقيقي، ربما كان برواية "كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك" للجزائرى عمارة لخوص، ليس فقط لاستخدامه هذه التقنية، لكن أيضا بالروح المرحة الساخرة، التى تهيمن على أجواء روايته الجميلة من الروايات الأخرى الجميلة التى استخدمت هذه التقنية "تبكى الأرض يضحك زحل" لعبد العزيز الفارسي، و"الأشياء ليست فى أماكنها" لهدى حمد وسيدات القمر لجوخة الحارثي.