الدكتور عبد الرحمن عزام المدير الفني لبينالي الفنون الإسلامية يبرز أهمية مشاركة المؤسسات الدولية في النسخة الثانية للبينالي
موضوعات مقترحة
"البينالي يمثل فرصة ثمينة للتعرف على أعمال من ثقافات عديدة تحت سقف واحد".
"دور الفن المعاصر مهم جدا ليثبت أن الحضارة الإسلامية لا تزال مصدر إلهام حتي الآن".
"اخترنا الأرقام لنبيّن أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا".
مما لا شك فيه أن مدينة جدة – وتحديداً صالة الحجاج الغربية بمطار الملك عبدالعزيز الدولي – تمثل مكاناً مثالياً لاحتضان هذا الحوار العالمي بين المؤسسات الفنية والثقافية، وهي التي لطالما شكلت نقطة التقاء المسلمين من جميع أنحاء العالم، ليأتي البينالي اليوم لتسليط المزيد من الضوء على البعد الثقافي والفني للقاءات التي تجري هنا.
هذه المشاركة المؤسساتية يحتضنها منتدى المدار، بوصفه منصة مخصّصة للجمع بين هذه المؤسسات العالمية الرائدة وإبراز الثراء والتنوع الذي تحتضنه ثقافات العالم الإسلامي. اجتماع هذه المؤسسات الدولية تحت مظلة البينالي يحمل رسالة بالغة الأثر حول أهمية التعاون ومد جسور التواصل. وما يميّز منتدى المدار هذا العام هو احتضانه لأعمال فنية معاصرة تحاكي الكنوز الأثرية، حيث تمت دعوة فنانين من المملكة والشرق الأوسط ودول العالم لإنتاج أعمال فنية جديدة تتناول قضايا معاصرة، وتنسج حواراً بين الفن والمجتمع على خلفية القطع التاريخية المعروضة.
التقينا في جدة مع الدكتور عبدالرحمن عزام، المدير الفني في بينالي الفنون الإسلامية 2025، والمشرف تحديداً على منتدى المدار، حيث شرح لنا المزيد حول موضوع البينالي والمدار وآليات التعاون مع المؤسسات الدولية والفنانين المشاركين.
ماذا يميز معرض المدار هذا العام عن النسخة الأولى؟
المدار في 2023 كان أول مبادرة تتجسد من خلالها فكرة نسج التعاون والحوار بين مختلف المؤسسات الفنية العالمية. كنا من الأساس نشعر بأنه كي ينجح البينالي يجب أن نحرص على تحقيق هذه المشاركة الدولية لكي يقدم الإبداع الإسلامي والثقافة الإسلامية على اتساعها. طبعاً، المحاولة الأولى كانت مليئة بالتحديات، ولكن النتيجة كانت ممتازة - كان لدينا 11 مؤسسة كلها من العالم الإسلامي بخلاف البيناكي، المؤسسة الوحيدة المشاركة من اليونان. لقد وفقنا بالتعاون مع عدة مؤسسات من الكويت ومصر وتونس وأزربيجان و وأزبكستان. نجاح البينالي في عام 2023 أعطى للمؤسسات الثقة بأن السعودية قادرة أن تصنع بينالي. في هذا العام، قفزنا من 11 إلى 34 مؤسسة دولية، ليس فقط بسبب نجاح النسخة الأولى ولكن أيضاً، لأننا بدأنا بدراسة هذا الموضوع والتواصل مع مختلف المؤسسات مبكراً.
فكرة هذا العام تتمحور حول الأرقام، حيث تمثل القطع المعروضة موضوعات مثل الفلك، ورسم خرائط المحيطات والأنهار، والحسابات الرياضية، مما يظهر استخدام الثقافات الإسلامية للأرقام في سبيل فهم خلق الله، وإضفاء النظام والتناسق والجمال إلى الحياة اليومية. لقد أردنا من المؤسسات المشاركة من 21 بلداً، من خلال 280 قطعة أن يرووا قصصهم، كما أردنا أن نحترم تفسيراتهم وثقافتهم وتاريخهم. فعلى سبيل المثال، عندما قابلنا المؤسسات الإندونيسية في فبراير في الرياض اقترحوا قطع تاريخية تخص التجار العرب الذين كانوا يتاجرون مع اندونيسيا لكننا اقترحنا عليهم تزويدنا بقطع تعبر عن الإسلام في إندونيسيا لأننا ندرك أن الإسلام عندما ينتشر في أي مكان يمتزج مع الثقافات والعادات المحلية. وهذا شيء فعلناه مع كل المؤسسات، حيث طلبنا منهم أن يخبروننا روايتهم للإسلام، ومنهم مكتبة الفاتيكان التي تمتلك ترجمة للقرآن وخرائط ومخطوطات لنصير الدين الطوسي.
بينما نحن نتحدث في موضوع الفاتيكان، ما مدى أهمية مشاركة مؤسسات مثل الفاتيكان ومتحف اللوفر؟
الهدف من مشاركة الفاتيكان في بينالي الفنون الإسلامية هو إظهار أن المعرفة والثقافة والبحث عن العلم والحقيقة تتجاوز أي دين و أي زمان وأي قارة. مثال على ذلك هو كيفية اكتشاف الرقم صفر – لدينا كتاب الجبر للخوارزمي الذي جاء بالرقم صفر من الهند، وبجانبه مخطوطة لفيبوناتشي الأوروبي، الذي ذهب إلى تونس واكتشف أن التجار العرب يستعملون الصفر، ما يعنيه هذا أن الصفر لا ينتمي لأي أحد.
إن مشاركة الفاتيكان والمؤسسات الدولية من خارج العالم الإسلامي وما يعنيه ذلك، هو سبب من أسباب تركيزنا على فكرة الأرقام، لنبين أن ما يجمعنا معا هو أكثر مما يفرقنا. الأرقام هي ما أسميه اللغة غير المنطوقة للإنسان. فالكل يعلم ان 2 زائد 2 يساوي 4 سواء بالصيني أو بأي لغة أخرى. ومن المهم أيضاً ملاحظة أن الأرقام تتخطى المفهوم الديني، فهي تعني أيضا الأشكال الهندسية، الأهرامات مثلاً مبنية على أسس هندسة لا تتعلق بالدين.
كيف جعلتم المؤسسات تلتزم بفكرة الارقام؟
الحوار بيننا وبين المؤسسات أخذ حوالي السنة ونصف. وأحياناً تطلّب التوصل لاتفاق حول عرض ستة أو سبع قطع العديد من الاجتماعات والمحادثات، التي تضمنت تبادل وجهات النظر حول الطريقة الأمثل للتعبير عن الموضوع. والاقتراحات التي قدمتها العديد من المؤسسات أظهرت فهماً كبيراً لفكرة الأرقام، والمعنى الحرفي للرقم نفسه، لكننا كنا نرغب بعرض قطع تدل على المعنى الرمزي للأرقام. وكانت النتيجة قطعاً بديعة مثل سجاجيد المماليك وآلات موسيقية وغيرها.
ما هو الفرق بين البينالي والمعارض الفنية؟
البينالي يستمر لمدة أربعة أشهر، مما يعطي الزوار الفرصة لاختباره عدة مرات واختبار الحوار الذي يقدمه بين الفن المعاصر والقطع الأثرية، نحن لا نريد أن يخرج الزائر من قاعة المدار أو من البينالي ليقول أن الإسلام كان عنده حضارة جميلة. لا نريد أن ينظر للتاريخ والحضارة الإسلامية كماضي. الإسلام و الثقافة الاسلامية لكل الأزمنة وكل الأمكنة وهذا ما نؤمن به. فهذا يعني أنه هناك الآن ثقافة إسلامية مستمرة منذ آلاف السنين، ودور الفن المعاصر مهم جدا ليثبت أن الحضارة الإسلامية لا تزال مصدر إلهام حتى الآن.
الدكتور عبد الرحمن عزام المدير الفني لبينالي الفنون الإسلامية يبرز أهمية مشاركة المؤسسات الدولية 
الدكتور عبد الرحمن عزام المدير الفني لبينالي الفنون الإسلامية يبرز أهمية مشاركة المؤسسات الدولية 
الدكتور عبد الرحمن عزام المدير الفني لبينالي الفنون الإسلامية يبرز أهمية مشاركة المؤسسات الدولية 
الدكتور عبد الرحمن عزام المدير الفني لبينالي الفنون الإسلامية يبرز أهمية مشاركة المؤسسات الدولية