كلما سمعت هذه الكلمة، شعرت برهبة إجلالًا وتقديرًا لها، فالضمير هو كائن معنوي غير محسوس ملازم للإنسان، يرافقه بشكل دائم، يناقشه ويحاوره؛ ويلفت النظر أحيانا، وأخرى يعدل قراراته، وأحايين متفرقة يغيرها.
منا قبل نومه يعيد حساباته عل هناك من له مستحق، أو قد يجد أنه له حق، عملية بسيطة قد تستغرق دقائق، أو ساعات بحسب نتيجة المراجعة مع النفس، إلا أنه في الختام قد تغفو هانئًا أو قلقًا غير آمن.
هذا حوار عن شخص له ضمير وضميره حي، أما أصحاب الضمير الميت فحدث ولا حرج؛ يأكل ما ليس له ويستبيح ما لغيره دون وازع أو ضابط أو رابط.
في يوم ما قابلت شخصًا كان فظًا غليظ العقل والقلب؛ وبعدما تلاقينا أكثر من مرة وجدته ينظر للأمور بنظرة غريبة لم اعتدها على الإطلاق؛ فهو يعتبر ما كان يمكن أن يكسبه ولم يحقق ذلك؛ خسارة!
له منطق غريب وعجيب في أمور حياته؛ ما يمكن أن يأخذه في نظره مكسب دون النظر إلى مرجعيته؛ رويدًا رويدًا كبر وكبر وأمسى واعدًا؛ ولكنه لم يتزوج وأصيب بأمراض الوحدة والخوف منها؛ وأمسى يقضي ليله كئيبًا؛ متمنيًا أن تكون له زوجة وولد يملآن حياته؛ ولكنها فارغة؛ بعد أن حقق ما أراد؛ حرمه الله مما تمنى!
لو تخيلنا الحياة هكذا بشر يأكلون ويمرحون دون ضابط؛ لفسدت الأرض؛ لذلك هناك الأسوياء المعتدلون؛ أصحاب الضمير اليقظ؛ نفسه تخشي الوقوع في الخطأ؛ وإن حدث يسارع ضميره بمراجعته وتأنيبه بشدة وعنف حتى يعدل الخطأ ويصوبه.
وهناك معدومو الضمير؛ يعيثون في الأرض فسادًا وعبثا؛ يكذب ويأكل ويشرب حراما؛ ويلوك في سيرة الناس؛ ويتربح بأي شكل؛ المهم أن يربح.
هؤلاء قد يخدعونك فترة؛ ولكنهم لا يمكن أن يخدعوك دائمًا؛ لأنهم اختاروا الدنيا فعاشوها؛ وتركوا الآخرة فتركتهم؛ ونسيتهم؛ إلى أن يأتي وقت لا ينفع فيه الندم.
لا تغرنك المظاهر الخداعة لمحترفي الفساد أصحاب الضمائر المنعدمة؛ ترى مظهره براقًا خداعًا؛ وقد تجد نقيضه مظهره يبدو عليه بعض الشدة؛ الأخير يقبض على مبادئه كالقابض على الجمر.
الحياة ممر لدار البقاء؛ من يعلم ذلك ويتعامل معه؛ ويطبق تلك النظرية على حياته وحياة من في ولايته؛ قد يتعثر أحيانًا؛ ويٌرهق أحيانًا أخرى؛ لكنه في النهاية سيحصد الكثير من المكافآت التي لا حصر لها؛ قد يكون أكثرها وضوحًا لي؛ هو راحة البال وهي نعمة لا تقدر بثمن.
أما من يقطن في الجانب الآخر؛ ستراه قلقًا متوترًا؛ قد يقتله توتره.
السادة أصحاب الضمير الحي هنيئًا لكم.
[email protected]