11-2-2025 | 20:01

أصعب إحساس عندما تريد أن تبكي، أن تصرخ في وجه الجميع، أن تجري مبتعدًا عن كل شيء، لكنك لا تستطيع، أصعب لحظة عندما يخبرونك أن ذلك عيب لا يصح أن يصدر عنك، لست صغيرًا، وجدير بك أن تترفع عن لحظات الضعف! فأنت العاقل الذي لا يجب أن تكون له صلة بتلك الأمور.

للأسف يبدو أنها رفاهية لم تكتب للكبار، احتكرها الصغار وفازوا بها كما يبدو، هم فقط يمكنهم البكاء والعويل بكل سهولة دون أن يلومهم أحد، هكذا يرى الجميع، فلا تجادل أيها الأحمق، لا تحاول إقناعنا وتصديق نفسك أنهم جميعًا مخطئون، وأنك وحدك على صواب؟ أنت وحدك من يفهم! انتهى الأمر وصدر الحكم أنت العاقل الأكثر تحملًا! وكأنه كائن فضائي أجوف بلا إحساس أو مشاعر!

إذن فليفعل الجميع ما شاءوا، يغضبوك وقتما أحبوا، يغتصبون مشاعرك، يقتلون فرحتك بلا رحمة.. عادي.. أمر مباح! واحذر أن يبدو عليك الألم، فكما قلنا هي رفاهية لم تكتب لك.

ظننتك اعتدت الأمر، ألست أنت هذا الصغير الذي يقف وأمامه طفل صغير مثله، وربما أصغر منه، تقف مكتوف اللسان واليدين لا تستطيع أن ترد له ضرباته، ولا حتى شتائمه خوفًا من أن يلوموك ويعنفوك، مرة لأنك الكبير وأحيانًا أخرى لأنك العاقل، وأحيانًا ثالثة لا لشيء إلا لمراعاة شعور أناس آخرين! ألم تخبرني عن أبيك وكيف كان يخاف على مشاعر أخيه فيمسك بك ويمنعك عن الانتقام لنفسك من ابن عمك، الذى نال وجهك منه ما ناله، عفوًا ياصديقي أنت مُدرَب على ذلك كما يبدو، فلم الشكوى الآن؟! 

ألست أنت من وقف مرارًا ينصت إلى هذا وذاك، ولا يستطيع الرد، لا لشيء إلا لعلمك أن حديثك بالحقيقة سوف يجرحهم؟! فصبرت واستمعت إلى حكايات وأوهام وبطولات ينسبونها لأنفسهم، وكأنهم أبطال قصص خرافية، ولا تملك شيئًا إلا الصمت، لأن الحقيقة قد تصيبهم فى مقتل وربما تدمرهم أمام أنفسهم وأمام الآخرين، وأنت لا ترغب في جرح مشاعرهم.

اهدأ يا صديقي، تمالك نفسك فلم يحدث شيء جديد، صدقني أنت من عودت نفسك وعودتهم على ذلك، فلا تنتظر مني تعاطفًا معك، لا تحدثني عن المشاعر والأحاسيس، من لا يحترم مشاعرك لا احترام لمشاعره، أما إن كان الله قد وهبك طاقة للتحمل بشكل أكثر تفوقًا مما اعتدناه ونعرفه، فهنيئًا لك.. تحمل إذن كما شئت ولا حاجة بك للصراخ، لكن إن كانت طاقتك في التحمل تشبه طاقتنا فلم لا تخرج ما بداخلك أولًا بأول؟! لماذا تقتل الرد بداخلك تضحية من أجل الآخرين؟! أفرغ عليهم ما بجعبتك من لعنات قبل أن تصاب بالجنون.

لن تفعل.. أعلم ذلك.. فهذا هو أنت الذي أعرفه جيدًا، لن تحاسبهم، ولن تصارحهم بالحقائق والعيوب التي تشوبهم خوفًا على إحساسهم، ولا أجد ما أقوله إلا أنهم محظوظون بالفعل لوجود شخص مثلك في حياتهم لو كانوا يعلمون.

إهدأ إذن يا صديقي فما أسرع الأيام، هم بحاجة فقط إلى مزيد من الوقت لاسترجاع المواقف ليتذكروا ويتساءلوا:

هل أنت قصرت في شيء؟! أم أنك بذلت كل ما تستطيع لإرضائهم وإسعادهم؟! ولو على حساب نفسك راضيًا بذلك كل الرضا، قد يكون ما بذلته قليلًا من وجهة نظرهم، لكن لو علموا أن هذا كل ما بإمكانك وربما أكثر لفهموا وقدروا. 

لا تقلق غدًا سوف يعلمون!!

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: