شباب على طريق الاستدامة

10-2-2025 | 14:45

أحب الجلوس إلى الشباب.. أحب ألا تنقطع صلتي بهم طول حياتي.. ينقلون إليك كل جديد بحماس كبير وكأنهم يفتحون الدنيا، كأنهم يقتحمون الحارات الضيقة في القرى القديمة بدبابات قوية عريضة.. لا يهمهم ما قد يخلف ذلك من ركام في الشوارع وهدم في الجدران، والحقيقة أنني أحاول أن أكون تلك الجدران، وأرغب أن تتحطم أي أفكار بالية علقت بي؛ بل كل أفكار هشة قديمة، وافتح الباب لأفكار الشباب الجديدة.

جلست مؤخرًا على هامش "أسبوع أبوظبي للاستدامة" مع اثنين من قادة "شباب من أجل الاستدامة" آمنة الحمادي وخالد عبدالله.. اثنان من الشباب الواعدين الذين لهم مستقبل في عصر التكنولوجيا، وعصر التخلص من الوقود الأحفوري إلى الطاقة البديلة.

أفكارهما تتدفق بقوة وتنهمر كأنهما يسابقان الزمن للحاق بركب التطور.. كصاروخ ينطلق نحو هدفه.

آمنة تعمل على فكرة مشروع اسمه "تناغم الحياة"، فنالت اختيار المسئولين عن البرنامج، ثم حصلت بعدها على دعوة للسفر إلى اليابان (بلاد الشمس المشرقة) والتي نسميها جميعًا "كوكب اليابان".. ذهبت لتتعلم وتعود لتعليم أخوتها وأقاربها وأصدقائها، تنقل إليهم خبرات حياتية وتجارب وتدريب، ورغم كل ما تتميز به الإمارات من تقدم، إلا أنها أرادت إطلاع شبابها على كل ما هو جديد عند واحدة من أهم دول قارة آسيا تقدمًا.

شاركت "آمنة" هناك في دورات تدريبية حول الحياد الكربوني والقيادة، فكانت تجربة تعليمية غنية وفريدة، وساهمت بدور محوري في تشكيل معرفتها حول الاستدامة وتعزيز مهارات القيادة من منظور عالمي.

كذلك الحال مع "خالد"، أحد قادة شباب من أجل الاستدامة.. أفكاره متدفقة، وعنده حماس رهيب، بمعنى آخر عنده حماس كبير.. مندفع ليعلم ويتعلم ويفيد مجتمعه ومنطقته العربية.. يشيح بيديه كل ثانية عند الحديث؛ ليشير إلى أنه مستعد، ويعلي من صوته؛ بمعنى أنه جاهز.. جميلة هذه الروح بداخله، وهذه الثقة المفرطة.

الأجمل أن الالتحاق بالبرنامج ليس مقصورًا على مواطني دولة الإمارات فقط.. ولكن التقديم مفتوح لكل الشباب من كل دول العالم.. ليقدموا أفكارهم ومشاريعهم من أجل مجتمع أكثر استدامة، وعندما يتأهلون يجدون يد العون تقف معهم وتساندهم وتنمي من قدرتهم على التفاعل والخطابة وتقديم الأفكار بسلاسة، وحتى ترسلهم في بعثات متفرقة ليتعلموا أكثر وأكثر.

بل ترسلهم للمشاريع الكبرى في البلاد ليتعلموا عن قرب كيفية تقديم الطاقة النظيفة والبديلة.. مثل مشروعات "مصدر" كمحطة الظفرة للطاقة الشمسية، والتي كانت أكبر محطة في العالم لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية ضمن موقع واحد، حيث تستخدم ما يقارب 4 ملايين لوح شمسي ثنائي الوجه؛ لتوليد طاقة كهربائية كافية لما يقارب 200 ألف منزل، كما تسهم في تفادي إطلاق 2.4 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويًا.. وتأخذهم في زيارات أخرى لبرنامج الإمارات لطاقة الرياح، ليشاهدوا ويتعلموا عن كثب.

 ونلاحظ من كل هذه المشاريع فكرة الطاقة المستدامة.. وتقليل انبعاث الكربون.. وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.

للحقيقة تجربة "شباب من أجل الاستدامة" يمكن نقلها إلى أكثر من بلد عربي وخاصة في مصر.. لاسيما أنه يمكن رعايتها من قبل الحكومة أو الشركات  والمؤسسات الخاصة؛ لتدريب الشباب على الأفكار الجديدة في هذا العالم..

قامت الفعالية بالتأثير في  535,277 شاب حتى الآن.. وخلال "أسبوع أبوظبي للاستدامة" من كل عام يتم تدريب نحو ١٥٠٠ شاب وشابة.
 
الأرقام كثيرة وإيجابية أما الأفكار فكبيرة وحماسية ومتدفقة.. نتمنى رؤيتها في القريب العاجل في معظم دولنا العربية.

[email protected]

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة