«أفراح الشياطين وقصر خميسة والساحرة العمياء».. قصص غامضة تثير الخوف حول عجائب سيوة| صور

10-2-2025 | 07:11
;أفراح الشياطين وقصر خميسة والساحرة العمياء; قصص غامضة تثير الخوف حول عجائب سيوة| صور صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

لأهل واحة سيوة معتقداتهم وعاداتهم الموروثة منذ مئات السنين، البعض من تلك العادات توارثتها الأجيال بدافع الدين والأعراف والبعض منها يدخل في مصاف القصص والأساطير، البعض من تلك القصص والحكايات مخيف وغامض، ربما لا تصدقه لكنك حين تستمع إلى حكايات الأهالي والسكان الأصليين ربما صدقته مع وقوع شئ من الرهبة والشك بداخلك، وفي هذا التقرير نتنال طرفًا من تلك العادات والمعتقدات، اعتمادًا على ما ذكره المستشرق فريدريك هورنمان عند توقفه في سيوة عام 1788م، و مذكرات الحاكم الإداري للواحة تشارلز بليجريف عام 1920م.

موضوعات مقترحة


صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

الغولة وأفراح الشياطين

من عجائب أهل سيوة، التشاؤم والخوف دائما من الشياطين، فالأعاصير الترابية عندهم تًسمى (أفراح الشياطين)، والأرملة الصغيرة السن عندهم نذير شؤم وتسمى (الغولة)، والمعاق خاصة المعاقين ذهنيا يعتبرونه نوعا من الغضب على الأسرة، كما أنهم يكرهون السفر خارج واحتهم، ويتشائمون من السفر فى أيام معينة وأوقات معينة.


صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

 كرامات سيدى سليمان 

يحرص أهل المولود في سيوة علي إطعام الأم النفساء السمك؛ رغم أن السمك لم يكن متوفرًا بالواحة وإنما كان يؤتى به من مطروح وذلك اعتقادا منهم بأن فى ذلك بركة، حيث أنه تتداول رواية تقول أن الولى الصالح سيدى سليمان، والذى يقع ضريحه بالقرب من المسجد الكبير بسيوة لما حملت به أمه أشتهت السمك ولم يكن بالواحة أى سمك، فإذا بطائر يحمل فى فمه سمكة ويلقيها لها، ومنذ ذلك التاريخ ويحرص أهل الواحة على إطعام الحوامل السمك تبركًا بقصة سيدى سليمان. 

وقديما حينما كانت تنجب المرأة قبل زمن المستشفيات على يد الداية (القابلة)، التي تساعدها في عملية الولادة، كان يؤخذ الطفل بمجرد الولادة ويًحنك فمه بالعجوة، ويؤذن في أذنيه ثم يقومون بلفه في لفائف القماش، حيث تقطع الأقمشه إلى شرائح طولية عديدة، ثم يبدأون في عملية اللف ويلف جسم وأطراف الطفل كله حتى الرأس ولا يترك منه سوى وجهه، وكانت مجموعة من البنات يأخذن الطفل المولود عند إتمامه الشهر ويذهبن به إلى ضريح أحد الأولياء ويأكلن الوليمة هناك ثم يعدن به لوالدته؛ اعقادا منهم بحفظ الطفل وتصنع له بعض الأحجبة عبارةع ن اكياس من الكمون والبخور، وتُعلق ملابسه، فغذا كان المولود  ذكرا تُجرى له عملية الختان في طفولتة، وأما البنات فلا توجد لهن أي عملية ختان لهن، فلم تكن تلك العمليات معروفة عند أهل الواحة. 


صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

قدوم بونابرت وحدوث المعجزات 

وذكر المستشرق فريدريك هورنمان عند توقفه في سيوة عام 1788م هذه الفقرة: "عندما توقّفت القافلة على مسافة غير بعيدة، ترك أهل القرية مساكنهم واستقبلونا بالترحاب وساعدونا في سقي الجمال 
هم مجتمع صغير يعيش في عزلة، لم يواجهوا أى غزاة طوال تاريخهم إلا مرة واحدة، يقول احد الشيوخ: حينها تركنا مزارعنا بعد أن علمنا بقدومهم (غزّاية من الغرب) واحتمينا بالجبل عند أحد الشيوخ المشهور بكراماتهـ والذي أعمى أبصار الغزاة فلم يستطيعوا الوصول إلى المكان، رغم طوافهم حوله ومبيتهم جوار القرية". 

ويُكمل هورنمان، في أثناء وجودي بالإسكندرية جاء خبر قدوم حملة بونابرت، وكان كثيرًا من الأهالي يتوقع حدوث مثل هذه الكرامات، إن فكرة حدوث المعجزات شيء مألوف في بلاد الشرق.


صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

عين الحسود 

تنتشر في الواحة عدة مقابر بعضها للشرقيين، والبعض الآخر للغربيين، وجميع الطرق المؤدية إلى البلدة تتقاطع مع أراضي الدفن، حتى سنوات قليلة مضت كان من المعتاد تغطية القبر بقطعتين من سعف النخيل مع طبقة بسيطة من التربة، والتي عادة ما تنحسر ولا يبقى منها شيئًا سوى الخشب في الأعلى.

وتتميز قبور المشايخ ببناء بسيط غير منتظم توضع به بعض المجامر المصنوعة من الفخار، والتي تتركها النساء اللائي يأتين إلى المقبرة لحرق البخور.

وعندما يموت أحد رجال الواحة، تحافظ أسرته على حراسة القبر لمدة أربعين ليلة بعد وفاته، والتي يقولون إنها ضرورية لمنع بعض السحرة من نبش القبر وتدنيسه والعبث بالجثة (سرقة أجزاء من الجثة).


صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

أما الخوف من عين الشر فهو متجذر في الواحة أكثر منه في أي مكان آخر، لقد شاهدت بعض التمائم والتعاويذ المصنوعة من جلد الحيوانات وأطراف الطيور في بعض خيام عرب الساحل، لكن الأمر مختلف عند أهل الواحة.

يعتقد الناس أن الغيرة التي يضمرها الأشخاص السيئين يمكن أن تحمل طاقة شريرة لها تأثيرًا خبيثًا على الآخرين، وكذلك على الحيوانات والأشياء غير الحية، مثل المزارع والمساكن وحتى عيون الماء.

وقد أجاز النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ التحصين ضد عين الشر،على الرغم من أنه نهى عن استخدامها لأي اغراض أخرى.. لهذا يتم ارتداء تعاويذ لا حصر لها للحماية من لعنة الحسد، وهناك ايضاً تعاويذ خاصة للحيوانات يقوم بصنعها الفقيه"Fiki" وتتكون هذه التعاويذ من بعض رماد العنكبوت وقليل من الملح وقطعة من الورق منقوش عليها آية من القرآن، ثم تلف التعويذة جيدًا وتُعلق حول عنق الحيوان.


صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

لكن على الرغم من كل هذه الاحتياطات والتي لا حصر لها، فإن الناس دائمًا ما يقولون أنهم قد أصابتهم عين الشر، ومن ثم يجب أداء طقوس معقدة من أجل طرد هذه اللعنة،  إذا ما عُرِف الشرير -المعيان- فإن ضحيته تتبعه دون أن يُرى، ليجمع القليل من الرمال من آثار أقدامه، والتي يأخذها إلى الفقيه ليتلو عليها مقابل أجر بسيط آيات محددة، مما يزيل هذه اللعنة.

هناك نظام آخر هو أن تذهب الضحية يوم الجمعة دون التحدث إلى أي شخص في الطريق، حتى تصل إلى شجرة نخل لتسحب بعضًا من الألياف من النخلة وتقديمها إلى الفقيه، والذي يقوم بعقدها ولفها بإحكام حول رأس الضحية؛ ليحتفظ المريض بهذا على رأسه أثناء النهار، وفي المساء يقوم بزيارة أخرى للفقيه والذي يعاين الرباط ويقرأ بعض المقاطع المناسبة من القرآن.

طريقة أخرى يتم استخدامها بشكل متكرر في الحالات الأكثر خطورة، حيث يأخذ الفقيه بيضة دجاجة يفترض أن تكون طازجة وينقش عليها بعض العلامات والرموز، ثم يحرق كمية كبيرة من البخور ويتمتم إلى أن يشعر المريض بالتوتر الشديد؛ ليأخذ الفقيه البيضة بعد ذلك ويحرّكها سبع مرات حول رأس الضحية، ثم يكسرها في حوض ويحدق بها بشكل ثابت، ليكشف عن العين الشريرة ويدمر قوتها عن طريق نثرها على الأرض.


صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

قصر خميسة

حرص الرحالة الأجانب على تدوين مشاهداتهم لواحة سيوة، ومن هؤلاء الرحالة "فون مينوتلي - زاره - هرتز فیلد " الذين زاروا سيوة ق 18 وق 19، حيث أكدوا أنه كان يوجد بقايا لقصر بالملاحة الغربية بسيوة يرجح أنه كان يخص إحدي الملكات المحليات بسيوة وتدعى "موميسا" وحُرِّف الاسم مع الزمن إلي "خميسة"، وبها حاليًا موقع تابع للاثار به بقايا جدران من الطوب اللبن، وإلي الجنوب منها موقع "تماصرین"، وبه بقايا معبد من الطوب اللبن، ولكني لم أشاهد بقايا القصر الذي تحدث عنه الرحاله خلال عملي الأثري بسيوة، ربما أصبح هذا القصر تحت مستوي البحيرة، ولكن الأسطورة لها أساس من الشواهد الاثرية بالمنطقة. 


صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

الساحرة العمياء

الحديث عن عجائب واحة سيوة لا ينتهي؛ إذ يأخذ السير تشارلز بليجريف الحاكم الإداري الإنجليزي لواحة سيوة عام 192م، طرف الحديث من مشاهدات هورنمان، فيقول في مذكراته التي طُبعت تحت عنوان(في ظلال واحة آمون):"هناك امرأة عجوز من أهل الواحة يجدر بي ذكرها، فقد كانت مخيفة وتملك غموضًا استثنائي في هذا المجال، كانت عجوزًا مجنونة ومميزة إلى حد ما.. يقال إنها تمتلك أسرار السحر القديمة، تعيش هذه الساحرة مع رفيقتيها بين بعض المنازل المهجورة في الجزء الأعلى من البلدة القديمة، وهي امرأة عمياء قصيرة يقال إنها تبلغ من العمر 100عام.. إنها تبدو تمامًا مثل واحدة من المومياوات الموجودة في بعض المقابر الفرعونية، لكن خصلات شعرها الهزيلة المصبوغة باللون الأحمر وعصاتها الغليظة تعطي تأثيرًا شريرًا يشبه الساحرة في حكايات "جرام الخيالية".  

وعلى الرغم من أنها عمياء تمامًا، إلا أن الأهالي يقولون إنها تستطيع العبور فوق أسوار المدينة المرتفعة،  وعند رغبة أحد العملاء في التشاور معها، يأتي العميل إليها بعد حلول الظلام في مكان محدد بين الأنقاض أعلى المدينة، إنها تحير زوارها في كل مرة من خلال الظهور فجأة بالقرب منهم بدون ضوضاء كأنها تخرج من العدم. 


صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

سيوة .. عبقرية المكان وسحر التفاصيل

ويكمل بليجريف حديثه عن واحة سيوة، فيقول:"بنيت البلدة على صخرة ضخمة في وسط الواحة، وهي تشبه قلعة قديمة عند رؤيتها من بعيد فوق غابات النخيل، ومشابهة إلى حد ما لجبل (سانت مايكل)، لكن داخل المدينة يذكرني بتلال النمل الضخمة التي شاهدتها في وسط إفريقيا، ويرجع تاريخ هذا البناء إلى عام 1203م حسب كتاب الواحة القديم، منازل البلدة شُيدت من الطين المختلط بالملح، مع كتل حجرية جلبت من المعابد ووضعت داخل الجدران، والقليل من الجدران مستقيمة وأكثر سمكًا في القاعدة منها في الجزء العلوي، فتصبح معظم المنازل خاصة مآذن المساجد أضيق باتجاه القمة. 


صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

ويحدد بيليجريف الموقع الجغرافي للواحة بدقة، قائلاً:"الموقع الأصلي للبلدة هو قمة وجوانب صخرتين من الحجر الجيري ترتفعان فجأة عن مستوى السهل.. لكن مع زيادة عدد السكان تم بناء المزيد من المنازل حتى أصبحت أشبه لخلية نحل.. وأصبح الطين الذي شُيِّدت منه الجدران قاسياً تدريجياً ومتناسقاً مع الصخر الأصلي، المنازل المتصلة بأنفاق شديدة الانحدار ومتعرجة تشبه إلى حد بعيد ممرات مناجم الفحم، حيث يحتاج المرء إلى حمل الضوء حتى في النهار، وبالكاد يستطيع شخصان المشي جنبا إلى جنب في هذه المتاهة من الممرات المظلمة والضيقة، لقد استغرق الأمر ما يقرب من عامين حتى اتعرف على طريقي في هذه المدينة". 

ويواصل بيليجريف حديثه عن الواحة:"الملاحظ أن هذا المكان نظيف بشكل مدهش، وخالٍ من الروائح التي يتوقعها المرء في مكان يوجد فيه مثل هذا الغياب للضوء والتهوية، من أكثر الأشياء المثيرة للفضول التي يلاحظها المرء عند وصوله إلى منتصف المدينة، هو هذا الطنين الخافت للأصوات البشرية من الأشخاص غير المرئيين،  والصوت الدائم لطواحين الحجارة في الأعلى والأسفل وفي كل مكان، لقد اعتدت على اصطحاب بعض الأصدقاء الغرباء إلي المدينة لرؤية المشهد الساحر من الأعلى، وكنت اصطحب معي عدد قليل أيضا من رجال الهجانة للمساعدة في سحب ودفع الضيوف، لكن كان بعضهم خاصةً ذاك العقيد المسن الذي أرهق فلم يعطي أي تقدير أو إعجاب عندما وصل إلى القمة؛ لذلك احتفظت في النهاية بهذا "المشهد" للزوار الأكثر نشاطًا". 

الأثري عبد الله إبراهيم موسى 

مدير منطقة مرسى مطروح للآثار الإسلامية والقبطية 


صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

صور قديمة عن سيوة وسكانها خلال القرنين التاسع عشر والعشرين

الأثري عبد الله إبراهيم موسي مدير منطقة آثار مطروح للآثار الإسلامية والقبطية
#  

كلمات البحث
الأكثر قراءة