معرض الكتاب يُعد من أبرز الأحداث الثقافية التي تُقام سنويًا، حيث يجتمع عشاق المعرفة والثقافة من مختلف الأطياف في مكان واحد للاحتفاء بالكتاب والقراءة.
يمثل المعرض مساحة حيوية تُتيح للزوار فرصة لاستكشاف عوالم جديدة من خلال الكتب التي تتنوع بين الأدب، والعلوم، والفنون، والتاريخ، والتكنولوجيا، مما يجعله واجهة مثالية لكل من يبحث عن الإلهام أو التعلم أو حتى مجرد الترفيه.
هذا الحدث الثقافي لا يُعتبر مجرد سوق لبيع الكتب، بل هو منصة متكاملة تجمع بين الناشرين، الكُتاب، القراء، والمفكرين، في تفاعل يُعزز من الحوار الثقافي ويُثري التجربة الإنسانية.
يتيح المعرض فرصة ذهبية للقاء المؤلفين والاستماع إلى تجاربهم، مما يُضفي طابعًا شخصيًا على عملية القراءة ويُقرب المسافة بين الكاتب والقارئ.
وتبرز مصر من خلال معرض الكتاب بدورها الريادي في نشر الثقافة والمعرفة في الوطن العربي.
فقد كانت مصر دائمًا منارة للعلم والثقافة، ومعرض الكتاب يُجسد هذا الدور بوضوح، حيث يُتيح الفرصة للكتاب والمبدعين العرب للظهور على الساحة العالمية. ومن خلال استضافة مصر لهذه الفعالية الكبرى، تؤكد الدولة التزامها بتعزيز التواصل الثقافي بين الشعوب العربية ودعم الإنتاج الفكري.
وقد أولى الرئيس عبدالفتاح السيسي اهتمامًا كبيرًا لدعم الثقافة والمعرفة باعتبارهما جزءًا أساسيًا من إستراتيجية التنمية المستدامة. ففي ظل قيادته، تم تقديم العديد من المبادرات التي تُعزز من مكانة الكتاب وتُسهم في توفيره لكافة فئات المجتمع. كما أن رعايته المباشرة للمعرض تعكس إيمان القيادة بأهمية بناء مجتمع مثقف وواعٍ وقادر على مواجهة تحديات العصر.
دور المعرض لا يقتصر على مجرد نشر الثقافة، بل يُسهم في تعزيز الوعي بالقضايا المجتمعية من خلال الفعاليات المصاحبة مثل الندوات والمحاضرات، وتُناقش هذه الفعاليات موضوعات ذات صلة بالواقع، بدءًا من قضايا البيئة والتنمية المستدامة وصولًا إلى الأدب الرقمي وتأثير التكنولوجيا على صناعة النشر.
وتجد صناعة النشر في معرض الكتاب منصة مثالية للنمو والازدهار؛ فهو يوفر للناشرين فرصة لعرض إصداراتهم والترويج لها أمام جمهور متنوع.
كما يُمثل المعرض نقطة انطلاق للكُتاب الجدد الذين يطمحون إلى شق طريقهم في عالم الأدب والكتابة، كما أن التفاعل بين دور النشر المحلية والدولية يفتح آفاقًا جديدة للتعاون الثقافي والإبداع المشترك.
يمتد تأثير معرض الكتاب إلى المجتمع بأكمله، حيث يُعزز من حب القراءة ويُساهم في بناء جيل واعٍ ومثقف، الأنشطة الموجهة للأطفال مثل ورش العمل وعروض الحكي تغرس فيهم قيمة القراءة وتُشجعهم على استكشاف العالم من خلال الكتب، أما الشباب والكبار، فيجدون في المعرض فرصة للتعرف على أحدث الإصدارات ومناقشة القضايا الأدبية والثقافية التي تهمهم.
معرض الكتاب أيضًا يُمثل عنصر جذب سياحي، حيث يتوافد عليه الزوار من مختلف أنحاء العالم، مما يعزز من مكانة المدن المستضيفة ويُبرز غناها الثقافي.
حضور هذا الحدث يترك أثرًا إيجابيًا عن الدولة المستضيفة، ويُظهر للعالم أهمية الاستثمار في الثقافة كقوة ناعمة.
ورغم ما يواجهه المعرض من تحديات في ظل التحول الرقمي وتزايد شعبية الكتب الإلكترونية، إلا أن الحدث يظل محافظًا على أهميته وجاذبيته من خلال المزج بين التقليدي والحديث؛ فالكتاب الورقي يظل رمزًا للمعرفة التي تربط بين الأجيال، ومعارض الكتاب تُعيد تأكيد دوره كجسر بين الماضي والمستقبل.
معرض الكتاب ليس مجرد حدث سنوي، بل هو احتفاء بالمعرفة والثقافة، وجسر يُقرب بين الشعوب، إنه تذكير دائم بأن الكتاب سيظل مصدر الإلهام والتغيير، وأن الثقافة هي المفتاح لبناء عالم أفضل وأكثر تنوعًا.
أستاذ علم الاجتماع الثقافي -كلية الآداب- جامعة طنطا
[email protected]