على ربوة الجبل الغربي المتوهج باللون الأصفر بغرب مدينة أسوان، احتضنت مقبرة أغاخان الشهيرة صباح اليوم الأحد، جثمان الأمير كريم الحسيني حفيد "الأغاخان" الثالث والملقب بالأغاخان الرابع زعيم الطائفة الإسماعيلية، لتضم هذه المقبرة في باطنها السلطان محمد شاه الحسيني "الأغاخان الثالث وزوجته البيجوم أم حبيبة وأخيرا الحفيد الأمير كريم الحسيني وهو الأغاخان الرابع الذي رحل عن عالمنا يوم الثلاثاء الماضي بالعاصمة البرتغالية لشبونة عن عمر يناهز 88 عاما ، والغريب أنه رحل في نفس الشهر الذي رحل فيه جده السلطان محمد شاه الحسيني.
موضوعات مقترحة
الأغاخان.. ملك بلا مملكة
فيما وصف بعض المؤرخين المعاصرين السلطان محمد شاه الحسيني الأغاخان الثالث بأخر أساطير ألف ليلة وليلة، نظرا لشعبيته وزعامته للطائفة الإسماعيلية التي يصل عدد معتنقيها حاليا لنحو 15 مليون شخص على مستوى العالم ، فإن الأغاخان الثالث الذي كان يدين له بالولاء هؤلاء الملايين من أتباع الطائفة بدا كالملك بلا مملكة، وهو زعيم وإمام قد جمع بين الدين والدنيا ، فكان للدين إماما وفي الدنيا سلطانا
، ولأن العشق ربط بينه وبين زوجته الراحلة البيجوم أم حبيبة فإنها وكما رافقته في الحياة ترافقه حاليا في العالم الأخر ، حيث يرقد جثمانها بجواره داخل الضريح الشهير.
حكاية الشيخ النوبي وشفاء السلطان
يقع ضريح أغاخان الذي كان واحدا من أهم المزارات السياحية بساحرة الجنوب ، قبل أن يصدر فرمانا عائليا بمنع الزيارة عنه علي ربوة عالية بالبر الغربي للنيل في مواجهة الجزء الجنوبي للحديقة النباتية ، واختار السلطان محمد شاه الحسيني هذا الموقع بنفسه بعدما جاء إلي أسوان في مطلع عام 1954وهو يعاني معاناة شديدة من آلام الروماتيزم والعظام ، ووقتها لم تشفع له ثروته في العلاج وفشل أعظم أطباء العالم حينها في علاجه ، حتي نصحه أحد الأصدقاء بالتوجه إلي أسوان في جنوب مصر ، فجاء بصحبة حاشيته وأتباعه وهو جالسا على مقعد متحرك ، وهنا قابله شيخا نوبيا فقيها بأمور الطب الطبيعي وقرر أن يعالجه من خلال دفن نصف جسده السفلي في الرمال الساخنة لمدة ثلاثة ساعات يوميا ، وبعد أسبوع من هذا العلاج الطبيعي اليومي عاد الأغاخان الرئيس 48 للطائفة الإسماعيلية إلى الفندق حيث محل إقامته سائرا على قدميه وسط فرحة عارمة من زوجته و أنصاره و مؤيديه.
من هذه اللحظة التي شهدت شفائه ، واظب الأغاخان على زيارة أسوان كل شتاء ، وعشقها كل العشق كما عشقتها زوجته ومعشوقته البيجوم "أم حبيبة" ، وعلي نيل أسوان أقام الأغاخان وزوجته فيلتهما الشهيرة بالبر الغربي ، كما أوصى ببناء مقبرته الشهيرة التي نفذها شيخ المعماريين العرب ورائد العمارة الإسلامية الدكتور مهندس فريد شافعي أستاذ العمارة في مصر على التراث المعماري الأسلامى الفاطمي ، ليتم دفنه بالمقبرة بعد وفاته في عام 1959 في جنازة مهيبة حضرها الآلاف من أتباع الفرقة الإسماعيلية وأهل أسوان، والضريح تم تشيده على ارتفاع 50 مترا ، وحول المحراب حفرت أيات قرأنية من سورتي النور والبقرة، وكل النقوش المحفورة منقولة من كتابات مسجد الجيوشى بالمقطم ومسجد السيدة رقية وسيدي يحيى
سر "الوردة الحمراء" علي قبر أغاخان
ربما يندهش البعض ويتساءل عن سر تلك الوردة الحمراء التي كانت البيجوم الراحلة أم حبيبة تحرص علي وضعها فوق مقبرة زوجها الراحل داخل كأسا فضيا كل يوم ، والحقيقة أن الأغاخان محمد شاه الحسيني كان من عشاق الورد الأحمر الذي دائما ما كان يملأ أركان الغرف التي يجلس فيها ، والطريف أن ولعه وشغفه بالزهور قد لعب دورا كبيرا في التعرف علي معشوقته وزوجته بائعة الورود الفرنسية " البيجوم " ،فمن كثرة عشقه للزهور أحبها وبادلته الحُب بالحُب وتوج هذا العشق بالزواج الذي غير تماما مسار حياتها من بائعة الورود السيطة إلى واحدة من أغني أغنياء العالم ،وكما جمعتهما وردة حمراء معا افترقا أيضا على حبها ، وظلت تلك الوردة الحمراء "رونرا بكران" التي كانت البيجوم أم حبيبة تحرص على أن يتم وضعها في كأس فضي فوق المقبرة كل يوم بمثابة رسالة حب ووفاء من زوجة إلي زوجها ، وعقب رحيلها لم يخلف الورد الأحمر موعده مع المقبرتين ، حيث يقوم أحد العمال بوضع وردتين في تمام التاسعة صباحا من كل يوم .
البيجوم أم حبيبة وعلاقتها بأهل النوبة
ارتبطت البيجوم أم حبيبة بعلاقات غير عادية مع أهل النوبة المقيمين حول فيلتها في جزيرة ألفنتين وغرب أسوان وجبل تاقوق ، وعند وصولها للمدينة كانت تستقل مركبا ذو شراع أصفر يتميز عن المراكب الأخرى ذات الأشرعة البيضاء ، حتي يعرف أهل أسوان أن" أم حبيبة" قد وصلت للمدينة وأنها لاتزال على العهد وفية لاتنسى زوجها الحبيب ، ففي هذا الوقت وقبل مطلع الألفية الثالثة لم يكن هناك وسائل للتواصل الاجتماعي ولا إعلام منتشر بهذا الشكل ، وحتى الأن لاتزال أيادي الخير تنهل من نهر الأغاخان والبيجوم في العديد من المساهمات الخيرية كبناء المستشفيات والوحدات الصحية والمدارس والعديد من المشروعات التي تتبناها مؤسستي الأغاخان وأم حبيبة.
مقبرة أغاخان في أسوان
مقبرة أغاخان في أسوان
مقبرة أغاخان في أسوان
مقبرة أغاخان في أسوان