أصبح إدمان الهواتف الذكية والإنترنت، خاصة بين الشباب والمراهقين، أحد أمراض العصر الحديث، حيث أظهرت أحدث الإحصائيات الصادرة عن موقع "We Are Social" في فبراير 2025 أن متوسط استخدام الفرد في مصر للإنترنت بلغ 7 ساعات و27 دقيقة يوميًا، مما يعكس التأثيرات السلبية المتزايدة لهذا السلوك.
موضوعات مقترحة
الدكتورة نيفين حسني، استشاري علم النفس الرقمي وعضو الهيئة الاستشارية العليا لتكنولوجيا المعلومات، أوضحت في تصريحات لـ"بوابة الأهرام" الأضرار الجسيمة التي يسببها الإفراط في استخدام الهواتف الذكية والإنترنت على الصحة العقلية والجسدية والنفسية والاجتماعية.
تأثيرات نفسية وعقلية خطيرة
تقول حسني إن الإفراط في استخدام الهواتف الذكية يؤدي إلى زيادة الإجهاد الذهني والعقلي نتيجة استنزاف الطاقة العقلية في أمور غير ذات قيمة فكرية حقيقية، كما يسبب اضطرابات النوم بسبب الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات، والذي يؤثر على إنتاج الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، مما يؤدي إلى الأرق واضطرابات النوم، وهو ما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمشاكل الصحة النفسية.
وأضافت أن الاستخدام المستمر للهواتف يزيد من التوتر والإجهاد النفسي نتيجة التعرض المستمر للمعلومات والإشعارات، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر)، وهو ما قد يؤثر سلبًا على الصحة النفسية ويؤدي إلى القلق والاكتئاب.
مشكلات جسدية وأمراض مزمنة
أما على الصعيد الجسدي، فأوضحت حسني أن إدمان الهواتف والإنترنت يسبب آلامًا مزمنة في الرقبة والعمود الفقري نتيجة الجلوس لفترات طويلة في وضعيات غير صحية، وهو ما يُعرف بـ"Text Neck"، إضافة إلى آلام اليد والمفاصل نتيجة الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية. كما يؤدي إلى إجهاد العين الرقمي وجفافها، ما يسبب الصداع والتعب البصري.
وأشارت إلى أن قلة النشاط البدني بسبب الجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات تساهم في زيادة الوزن والسمنة، مما قد يؤدي إلى أمراض القلب واضطرابات الأكل والخمول البدني.
العزلة الاجتماعية وتأثيرها على العلاقات
أكدت حسني أن الإدمان الإلكتروني يُضعف التفاعل الاجتماعي الواقعي مع الأسرة والأصدقاء، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالعزلة وضعف الروابط الاجتماعية. كما يؤثر سلبًا على الأداء الأكاديمي والمهني، حيث يقلل من التركيز والإنتاجية، مما يؤدي إلى تراجع الأداء في الدراسة والعمل.
هل يؤدي الإدمان إلى الاكتئاب؟
تؤكد الدراسات أن هناك علاقة وثيقة بين الإفراط في استخدام الهواتف الذكية والإنترنت وارتفاع معدلات القلق والاكتئاب، خاصة بسبب الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي، الذي يعزز الشعور بالمقارنة الاجتماعية المستمرة والعزلة الرقمية.
وتوضح حسني أن محاولات الظهور بمظهر مثالي على منصات التواصل الاجتماعي، والتي غالبًا ما تكون بعيدة عن الواقع، تسبب إحساسًا بالإحباط والتعاسة، مما يؤدي إلى مشاكل أسرية وشعور بالفشل. وأشارت إلى دراسات علمية أثبتت أن تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى 30 دقيقة يوميًا يقلل من أعراض القلق والاكتئاب بشكل ملحوظ، وأن من يقضون أكثر من 3 ساعات يوميًا على هذه المنصات معرضون أكثر للإصابة بالاكتئاب، خاصة في سن المراهقة، وفقًا لأبحاث نُشرت في Journal of Social & Clinical Psychology وJAMA Pediatrics.
كيف يمكن تجنب الآثار السلبية؟
للتغلب على أضرار إدمان الهواتف الذكية، توصي حسني بتقليل وقت استخدام الأجهزة الذكية، والاستعانة بتطبيقات تحد من مدة الاستخدام اليومي، إضافة إلى تجنب استخدام الهاتف قبل النوم بساعة على الأقل، وعدم استخدامه فور الاستيقاظ، لما لذلك من تأثير سلبي على الصحة النفسية.
كما شددت على أهمية زيادة التفاعل الاجتماعي الحقيقي، والانخراط في أنشطة رياضية وثقافية بدلاً من الاعتماد المفرط على الأجهزة الذكية، مع ضرورة متابعة المحتوى الإيجابي والابتعاد عن الأخبار السلبية والمحتوى المثير للقلق.
واختتمت حسني حديثها قائلة: "التكنولوجيا أداة رائعة سهلت حياتنا اليومية، لكن من الضروري أن نستخدمها بوعي وإدراك حتى نحصل على فوائدها دون الوقوع في مخاطرها".
نيڤين حسني