إنسان العصر الحديث

8-2-2025 | 13:44

في عالم يتغير كل دقيقة، بل كل ثانية، حيث تتطور التكنولوجيا، وتتوسع المعرفة، ويتجدد الفكر، ويرتفع سقف الطموح، وكذلك الطمع، وتنتشر الفوضى الهدامة، يجد الإنسان نفسه أمام تحديات جديدة، لم يكن مستعدًا لها ولم يتوقعها، بل لم تكن تخطر له على بالٍ في يوم من الأيام، وإذا لم يطور الإنسان معارفه وثقافته ومهاراته سيدهسه قطار العصر دون رحمة أو شفقة؛ لأننا أصبحنا في عالم لا يعترف ولا يهتم ولا يحترم غير الأقوياء، بل ويعتبر الضعفاء عبئًا ثقيلًا على البشرية، يجب التخلص منهم بأبخس الأثمان وفي أسرع وقت ممكن!! 

وإذا كان الأمر كذلك، فاسمح لي سيدي القارئ أن نستعرض معًا في هذا المقال بعض الاستعدادات التي يجب علينا أن نبذلها؛ حتى يكون لنا مكان وحق مكتسب في هذا العالم، الذي لا يأسف ولا تذرف عيناه دمعة واحدة على الضعفاء.

أولى تلك الاستعدادات التي يجب علينا أن نضعها في الحسبان؛ هي تطوير مهاراتنا وقدراتنا، فلن تكفي بحال من الأحوال المهارات التي اكتسبناها في الماضي، بل يجب علينا أن نتعلم مهارات جديدة، وأن نطور من قدراتنا بكل نزاهة وأمانة وصدق، مع الحرص على التعامل مع الآخرين واحترامهم واحترام حقوقهم، بما يحفظ حقوقنا وحقوق الأجيال المقبلة، وذلك لمواكبة سيل التطورات الجديدة.

ثاني الاستعدادات التي يجب علينا أن نضعها في الحسبان هو استخدام التكنولوجيا، فالتكنولوجيا أداة قوية يمكن أن نستخدمها لتحسين حياتنا وزيادة إنتاجنا، كما يجب أن نتعلم كيفية استخدام التكنولوجيا بطريقة إيجابية فعالة؛ من أجل تحقيق أهدافنا، والاستفادة الإيجابية من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وزيادة الوعي الرقمي، وفهم قضايا الأمن السيبراني، والخصوصية، وحماية البيانات في ذلك العالم الرقمي السريع.

ثالث الاستعدادات هو التكيف مع التغيرات العالمية السريعة، فالتكيف مع التغيرات السريعة هو سمة رئيسية للأفراد والمؤسسات والدول في هذا العالم سريع التطور، وسواء كانت هذه التغيرات شخصية أو مهنية، كبيرة أو صغيرة، فإن القدرة على التكيف بفعالية يمكن أن تُحدِث فرقًا كبيرًا في تحقيق النجاح والسعادة، ولذا يجب علينا أن نكون قادرين على التكيف مع التغيرات الجديدة؛ وذلك بالتحلي بشيء من المرونة في التعامل مع المواقف الجديدة، والمحافظة على الصحة الجسدية والنفسية، وممارسة أي نوع من أنواع الرياضة، وأبسطها هي رياضة المشي، مع المحافظة على ثوابتنا الدينية والقيم الأخلاقية.

رابع الاستعدادات التي يجب علينا أن نبذلها هو التعلم والتدريب المستمرين؛ وأخذ دورات تدريبية وتأهيلية بشكل مستمر؛ لرفع قدراتنا ومهاراتنا في هذا العالم سريع التغير؛ من أجل مواكبة أي تطورات جديدة، واكتساب مهارات متنوعة، وتطوير قدراتنا والاستفادة الإيجابية من البرامج والتطبيقات التكنولوجية المتجددة؛ وذلك من أجل البقاء والازدهار في هذا العالم الجديد المتجدد.

خامس تلك الاستعدادات التي يجب علينا أن نحققها هو الاستفادة من الفرص، فمن حين إلى آخر تظهر أمامنا فرص جديدة، فيجب علينا ألا نضيّع تلك الفرص التي قد لا تتكرر مرة أخرى؛ وإن تكررت فقد لا تناسبنا، وذلك حتى نستطيع مواجهة تحديات العصر الحديث وأزماته، التي تتفاقم يومًا بعد يوم.

سادس تلك الاستعدادات هو الاستعداد للتحديات الجديدة التي تظهر أمامنا كل يوم، وذلك بالعمل الجاد والمثابرة والتواصل مع الآخرين، ومتابعة الأخبار والتطورات الحادثة من حولنا في العالم، والتعلم والتدريب المستمرين، لأنهما بحق مفتاح النجاح في مواجهة أي تحديات قد تواجهنا، حتى إذا لزم الأمر تغيير وظيفتنا أو مجال عملنا، ومحاولة ابتكار وإبداع وتوليد أفكار جديدة، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات.

أما سابع تلك الاستعدادات فهو الاستنتاج، ومن أجل تحقيقه يجب علينا أن نجتهد في الإكثار من القراءة في مختلف المجالات؛ حتى تتوسع مداركنا، كما يجب علينا أن نحرص على الاستفسار، وطرح الأسئلة عن الأشياء التي تثير فضولنا، والتدرب على تحليل المعلومات والبيانات، والاستماع الجيد للآخرين؛ حتى نستطيع فهم وجهات نظرهم، وتحليل أفكارهم بشكل أفضل، فذلك قد يساعدنا على التحليل الدقيق والاستنتاج الجيد. 

وختامًا، لابد أن نحرص على أن تكون كل هذه الاستعدادات بما يتوافق مع ديننا وقيمنا الأخلاقية، ونضع أمام أعيننا قول الله تعالى:  (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا)، والثقة بالله والإخلاص في عبادته، والإيمان بأن الله هو رب الخير، ورب الخير لا يأتي إلا بخير، ولكن علينا أن نبذل أقصى جهدنا وطاقتنا حتى نكون جديرين بخلافة الله في أرضه، وحتى يستعملنا ولا يستبدلنا.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: