رفض أوروبى لخطة ترامب

15-2-2025 | 14:13
رفض أوروبى لخطة ترامبصورة أرشيفية
رشا عامر
الأهرام العربي نقلاً عن

 فرنسا وألمانيا وصفتا اقتراح الرئيس الأمريكى بأنه «غير مقبول» فى حين قالت إسبانيا إنه يجب على سكان غزة البقاء فيها

موضوعات مقترحة

لم يلق اقتراح الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، بتهجير الفلسطينيين فى غزة، إلى كل من مصر والأردن أى صدى فى العالم العربى، بل إنه صدم حلفاء الولايات المتحدة، مثل فرنسا وألمانيا بهذا الاقتراح.

وكان توقيت ومحتوى فكرة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بما سماه «تطهير»، غزة من خلال دفع الدول العربية إلى «أخذ الناس»، من الأراضى الفلسطينية، بمثابة مفاجأة غير سارة بالمرة حتى بالنسبة للعالم، الذى اعتاد على القنابل السياسية الأمريكية الصادرة من الرئيس الجديد للبيت الأبيض.

عندما قال ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، إن بعض الدول العربية، قد «تبنى مساكن فى موقع مختلف» لسكان غزة البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة، كان كثيرون يأملون فى أن تكون هذه هى المرة الأولى التى يسمعون فيها عن فكرة مختلفة لواحد من أكبر مشاريع الإعمار فى العالم فى المنطقة الأكثر اشتعالا، لكن بعد مرور 48 ساعة فقط تحطمت آمالهم، ففى أثناء رحلة أخرى مع الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية كان ترامب يقول ذلك مرة أخرى، لكنه هذه المرة استشهد بمصر والأردن كشركاء محتملين فى مخططه، استنادا إلى مساندة الولايات المتحدة لهما.

كانت صحيفة هآرتس، الإسرائيلية ذات التوجه اليسارى أكثر صراحة فى رفضها لهذا الأمر، حيث جاءت افتتاحيتها ساخرة وقالت إنه من المرجح أن يقترح ترامب إرسال سكان غزة طواعية، إلى الفضاء والاستيطان فى المريخ، ومن المحتمل أن شريكه إيلون ماسك يعمل على ذلك بالفعل.

يأتى تأييد ترامب للحلم الإسرائيلى اليمينى المتطرف بطرد الفلسطينيين من قطاع غزة المحتل، فى وقت حرج فى الحرب الدائرة، والتى استمرت 15 شهرًا، وأسفرت عن مقتل أكثر من 47 ألفًا من سكان غزة، ودمرت الجزء المحاصر فى أعنف صراع منذ 2003، بين إسرائيل والفلسطينيين، وبعد أكثر من عام من المفاوضات الشاقة دخل وقف إطلاق النار المكون من ثلاث مراحل حيز التنفيذ فى 19 يناير، عشية تنصيب ترامب، وبموجب الاتفاق بدأت المحادثات، بشأن المرحلة الثانية الأكثر صعوبة من وقف إطلاق النار، التى تهدف إلى إنهاء الحرب.

اقتراح ترامب بين الجد والهزل

وفى حين انتقدت وزارات الخارجية والافتتاحيات الصحفية، التراجع الواضح لترامب عن حل الدولتين للصراع الإسرائيلى - الفلسطينى، تساءل العديد من المحللين فى الشرق الأوسط، عما إذا كان ينبغى لهم أن يأخذوا الأمر على محمل الجد أم لا؟

هيو لوفات، المحلل السياسى البارز فى المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية، يرى أنه لا يجب أخذ الأمور على محمل الجد، فهو مجرد اقتراح لصرف الانتباه نهائيا عن العمل الجاد، المتمثل فى التوصل إلى وقف إطلاق النار، كما أنه يصرف الانتباه عن التخطيط للسيناريوهات، فيما يتعلق بما قد يحدث بالفعل فى غزة فى المستقبل، لكن من ناحية أخرى يطالب لوفات بأن على المرء أن يتفكر فى الأمر جيدا، خصوصا أنه صدر عن رئيس الولايات المتحدة.

فمن وجهة نظره، فإن دعوة ترامب لإخراج الفلسطينيين من غزة، تجعل فكرة الدولة الفلسطينية فى سلة المهملات، وتخاطر بالرأى العام العربى والإسلامى، فى وقت يفضل فيه جزء كبير من المنطقة حل الدولتين.

رفض أوروبى للمقترح

كما كتب دورسى فى عموده الشهير فى الصحف الفرنسية، أن أوروبا تسعى إلى جوار مستقر، وليس إلى المهاجرين، فلم تكن الدول العربية هى الوحيدة التى اعترضت على خطة ترامب للطرد، إذ وصفت فرنسا وألمانيا القرار بأنه غير مقبول، فى حين قال وزير الخارجية الإسبانى، إن موقف مدريد واضح حيث يجب على سكان غزة البقاء فيها.

وقال لوفات، إن الموقف العام للأوروبيين تجاه أى شىء يقوله ترامب هو تجاهله فى البداية، والأمل فى أن ينساه ترامب، وينتقل إلى شىء آخر، لكن إذا فكرت الحكومات الأوروبية فى هذا الأمر بشكل أكثر عمقا، سيكون هناك قلق قوى من أن يؤدى هذا إلى زعزعة الاستقرار، ليس فقط للشركاء الأوروبيين الأساسيين، بل من شأنه أيضا أن يقوض المصالح الأوروبية فأوروبا لديها مصلحة فى وجود جوار مستقر، كما أن لها مصلحة فى منع الهجرة غير النظامية من خلال تدفق اللاجئين.

وأضاف لوفات، أن الفلسطينيين لديهم القدرة على التصرف إلا أن ترامب لا يفهم مدى ارتباط الناس بمنازلهم وخصوصا الفلسطينيين، فحتى لو كان هذا العرض على الطاولة، فإن الفلسطينيين لن يتخلوا عن غزة وحتى لو هاجر بعض سكان غزة، فإن الغالبية العظمى منهم سوف تظل هناك لأسباب متنوعة، وكل هذا سيقلل بشكل كامل أو يتجاهل المشاعر المعقدة التى يشعر بها الفلسطينيون تجاه غزة، التى ستظل وطنهم إلى النهاية، لأنهم لو خرجوا منها فلن يتمكنوا أبداً من العودة إليها، ففى كل مرة يتم تهجيرهم بشكل جماعى تحت الضغط الإسرائيلى، لا يتمكنون قط من العودة إلى ديارهم.

توماس فيسكوفى، الباحث ومؤلف العديد من الأعمال عن الأراضى الفلسطينية المحتلة، يرى أن تصريح الرئيس الأمريكى يشكل  استعمارا جديدا لقطاع غزة، ويدفن حل الدولتين الذى يدعمه جزء من المجتمع الدولى لإنهاء الصراع الإسرائيلى - الفلسطيني.

ويوضح لوريك هينيتون، المحاضر فى جامعة فرساي، أنه لا يمكن لدولة أن توجد من دون أرض، وبالتالى فإذا تم إفراغ قطاع غزة من سكانه، فإنه لم يعد من الممكن إنشاء دولة فلسطينية. ولهذا السبب يتوجه مئات الآلاف من السكان إلى شمال قطاع غزة، فحتى لو تم تدمير 70% من المبانى، فإنهم يدركون أن الرحيل المطول يعنى خسارة أراضيهم، وبالتالى فهم من خلال العودة إلى الشمال، والبدء فى إعادة الإعمار بالوسائل المتاحة، فإنهم يريدون أن يظهروا أنهم قادرون على تحقيق أهدافهم، فهم حاضرون ومتجذرون ومشاركون فى إعادة إعمار غزة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: