د.عمر البستنجي: الرئيس السيسي زعيم وضع مصالح وطنه وأمته العربية فوق كل اعتبار
موضوعات مقترحة
د.أيمن البراسنة: إصراره على رفض التهجير يحمي فلسطين ويصون الأمن القومي العربي
د.نزار نزال: شعب مصر يقف ضد تهجير أهل غزة والسيسي يؤكد ثبات المواقف التاريخية
في لحظة فارقة من تاريخ الأمة، تجسد الموقف الوطني المصري في أبهى صورة له، حين رفض الرئيس عبدالفتاح السيسي ضغوطات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التي سعت إلى تهجير أهل غزة إلى سيناء، لم يكن هذا الرفض مجرد قرار سياسي عابر، بل كان فعلًا يحمل في طياته قيمًا عظيمة من العزة والكرامة، ويعكس رؤية مصر الراسخة في الدفاع عن سيادتها وحفظ حقوق شعبها، كان قرار السيسي بمثابة الحصن المنيع في وجه محاولات التفريط، فمصر التي عُرفت على مر العصور بعراقتها وقوتها، لن تسمح بأي تدخل يمس أمنها القومي أو تهدد هويتها الوطنية، في هذه اللحظة، رافضًا أن تكون مصر جزءًا من أي خطة تهدد حقوق الفلسطينيين، ويُجسد بذلك مبدأ مصر الثابت في دعم القضية الفلسطينية، التي لطالما كانت في قلب سياسة مصر الخارجية.
هذا الموقف المشرف لم يكن فقط تأكيدًا على ثبات السياسة المصرية، بل كان تجسيدًا لثقة الشعب المصري بقيادته، فالشعب المصري، الذي يواجه مؤامرات متعددة على كافة الأصعدة، يثق في أن الرئيس السيسي هو الأقدر على قيادة مصر في ظل هذه الأوضاع الدقيقة، كان هذا الموقف بمثابة رسالة للعالم أجمع مفادها أن مصر لن تُفرط في حقوق شعبها أو في حقوق الشعب الفلسطيني، لم يكن الأمر مجرد رفض لتهجير قسري، بل كان إعلانا حازما أن مصر ترفض أن تكون أداة في تغيير معالم المنطقة أو تصفية القضايا الكبرى.
الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي أثبت في هذا الموقف وغيره من المواقف أنه قائد استثنائي، وقف على مبادئه التي لا تتزعزع، ليؤكد للعالم أن مصر ستظل دومًا حاميًا أمينًا للقضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وهو الذي اعتاد أن يضع مصلحة مصر وأمنها القومي فوق كل اعتبار، أظهر في هذه اللحظة شجاعة سياسية نادرة، كان لها الأثر الكبير في تعزيز مكانة مصر على الساحة الدولية، سعيه المستمر لتحقيق الاستقرار، ليس فقط داخل حدود مصر، بل في المنطقة بأسرها، يظهر بشكل جليّ التزامه بالمسؤولية التاريخية التي يحملها، حيث يسير بكل ثقة نحو المستقبل الذي طالما حلم به الشعب المصري، رغم كافة التحديات والمؤامرات التي تحيط به.
إن هذا التلاحم بين الرئيس السيسي والشعب المصري يثبت أن القيادة الحكيمة هي سر نجاح أي أمة، فمصر اليوم، بقيادته، ترفض أن تكون أداة في تنفيذ أي خطط تمس حقوقها أو تقوّض من مبادئها الثابتة، وتثبت للعالم أن الشعب المصري لن يتخلى عن مبادئه مهما كانت التحديات، بناءً على ما سبق، تستطلع "الأهرام العربي" آراء الخبراء والمحللين السياسيين حول كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي الرافضة لتهجير الفلسطينيين، والتي أكد فيها أن مصر لا يمكن أن تشارك في ظلم تاريخي جديد بحق الشعب الفلسطيني.
رفض التهجير
في البداية، قال الدكتور أيمن البراسنة، نائب عميد كلية الأمير الحسين للعلوم السياسية والدراسات الدولية في الجامعة الأردنية، إن إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رؤيته بشأن إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما تبعها من كارثة إنسانية بتهجير نحو 2.2 مليون فلسطيني إلى الأردن ومصر، بذريعة إنسانية لتأمين سبل العيش لهم، مؤكداً أن هذا الإعلان يخفي دافعًا سياسيًا واضحًا يتمثل في تنفيذ خطة تطهير عرقي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين.
وأوضح البراسنة أن هذه الخطوة تصب في مصلحة إسرائيل، التي تسعى للتخلص من العبء الديموغرافي الفلسطيني، حيث يُشكل الفلسطينيون نحو 7.5 مليون نسمة، وتعتبرهم إسرائيل "قنبلة موقوتة" تهدد حلمها في تحقيق يهودية الدولة عبر تفريغ قطاع غزة والضفة الغربية من سكانها.
وأشار البراسنة إلى أن موقف ترامب يتماهى مع رؤية اليمين الإسرائيلي المتطرف، وهو ما عبّر عنه وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير، مرحبًا بتصريحات ترامب، فيما وصف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش موقف ترامب بأنه "تفكير خارج الصندوق".
ولفت البراسنة الانتباه إلى أن دعوة ترامب لتهجير الفلسطينيين تنطوي على انعكاسات خطيرة على الأمن القومي لكل من الأردن ومصر، مشيرًا إلى أن التهجير يشكّل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي، حيث تسعى إسرائيل، وفق رؤيتها، إلى ترحيل الصراع من أرض فلسطين إلى الدول المجاورة.
وأكد البراسنة أن هذا التوجه الإسرائيلي يجد رفضًا قاطعًا من الأردن ومصر، موضحًا أن وزير الخارجية الأردني شدد على خطورة هذا الطرح، كما أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا رافضًا، فيما وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقترح ترامب بأنه "ظلم لا يمكن لمصر المشاركة فيه"، مؤكدًا أن تهجير الفلسطينيين "سيؤثر سلبًا على الأمن القومي المصري والعربي".
وتابع البراسنة قائلًا إن الموقف المصري الرافض للتهجير يمثل موقفًا متقدمًا في التعامل مع القضية الفلسطينية، مستطردًا أن الرئيس السيسي، حتى خلال ولاية ترامب الأولى، أصر على التصدي لسيناريو التهجير إلى مصر، ووقفت القاهرة سدًا منيعًا أمام أي محاولة للمساهمة في نكبة فلسطينية جديدة.
وأضاف البراسنة أن هذا الموقف المصري، بالتزامن مع الموقف الأردني، يعزز فرص إفشال مشروع التهجير، مشيرًا إلى أن هذا الرفض المتكرر قد يدفع ترامب للتراجع عن هذا المخطط الذي يعزز الاستيطان الإسرائيلي ويضر بمستقبل الدولة الفلسطينية.
واستطرد البراسنة موضحًا أن تهجير الفلسطينيين سيؤدي إلى استمرار مقاومتهم للاحتلال الإسرائيلي من خارج حدود فلسطين، وهو ما لا ترغب فيه القاهرة وعمّان نظرًا لاتفاقيات السلام التي تربطهما بإسرائيل.
وختم البراسنة مؤكدًا أن إصرار الرئيس السيسي على رفض التهجير يخدم المصلحة الفلسطينية من خلال تثبيت الفلسطينيين على أرضهم وحماية حقهم في إقامة دولتهم المستقلة، فضلًا عن تعزيز الأمن القومي المصري والأردني والعربي، وكبح طموحات إسرائيل التوسعية نحو لبنان وسوريا والأردن ومصر وفق رؤية اليمين الصهيوني المتطرف
الدبلوماسية المصرية
من جانبه، أكد الدكتور عمر أحمد البستنجي، الباحث الأردني في الاقتصاد السياسي الدولي، إن خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأخير الذي أعلن فيه رفض مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين أو المساس بحقوقهم المشروعة، لم يكن مجرد تصريح عابر في مشهد سياسي مضطرب، بل كان صدى لموقف تاريخي عميق الجذور، خطّته مصر عبر العصور بحروف من نور، موضحاً أن ما قاله الرئيس السيسي هو شهادة جديدة على ثبات مصر على مبادئها التي لم تتغير رغم تبدل الأزمنة والظروف.
وأكد البستنجي أن موقف الرئيس السيسي يُعد امتدادًا طبيعيًا لدور مصر التاريخي في الدفاع عن قضايا أمتها العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي كانت ولا تزال في قلب العقيدة السياسية المصرية. وأضاف أن مصر، منذ بدء الصراع العربي الإسرائيلي، كانت الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه في أي معادلة، حيث خاضت حروبًا، وقدمت شهداء، وسعت في كل مراحلها لحماية الحقوق العربية ليس فقط بالخطابات، بل بالمواقف الميدانية والتحركات الدبلوماسية الفاعلة.
وأشار البستنجي إلى أن تبني الرئيس السيسي لهذا الموقف الصلب ليس أمرًا مستغربًا، فهو زعيم يدرك تاريخ بلاده العريق ويفهم أبعاد الجغرافيا السياسية بوعي القائد الذي يعرف وزن مصر الحقيقي، مضيفاً أن السيسي لم يسعَ يومًا إلى إطلاق شعارات جوفاء، بل تحدث بلغة الواقع والتاريخ، مؤكدًا أن مصر لا تساوم على ثوابتها ولا تتخلى عن مسؤولياتها الأخلاقية تجاه أشقائها العرب.
ولفت البستنجي إلى أن مصر التي قدمت دماء أبنائها دفاعًا عن فلسطين، لن تكون يومًا شاهد زور على ظلم أو تهجير، ولن تسمح بتمرير مشاريع تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأمن القومي العربي. وتابع مؤكدًا أن موقف الرئيس السيسي ليس استثناءً في سجل قيادته، بل هو حلقة جديدة في سلسلة مواقف مشرفة جعلت اسمه محفورًا بحروف من ذهب في سجل عظماء مصر.
وأوضح البستنجي أن الرئيس السيسي أثبت من خلال مواقفه أنه زعيم حقيقي يضع مصالح وطنه وأمته فوق كل اعتبار، من إنقاذ الدولة المصرية في لحظة فارقة، إلى استعادة دورها الإقليمي، وصولًا إلى بناء نهضة اقتصادية غير مسبوقة.
وأشار البستنجي إلى أن مصر، عبر تاريخها الطويل، لم تكن دولة تتلاعب بالمبادئ أو تتلون وفق المصالح، بل ظلت وفية لعهودها وثابتة على قيمها. وأضاف أن مصر صاحبة أقدم اتفاقية سلام عرفها التاريخ، معاهدة قادش مع الحيثيين، التي أرست مفهوم الدبلوماسية منذ آلاف السنين. وأكد أن مصر لم تنكث عهدًا ولم تكن طرفًا في خيانة أو تآمر، بل كانت دومًا صانعة سلام وحامية للحق.
واستطرد البستنجي قائلًا إن مصر كانت الصخرة التي تحطمت عليها أطماع الغزاة عبر التاريخ، من جيوش الحملات الصليبية التي أسقطها صلاح الدين وبيبرس، إلى المغول الذين انكسروا تحت سيف قطز، وصولًا إلى المستعمرين الذين دُحروا على يد الأحرار. وأضاف أن مصر ظلت الدرع الواقي لأمتها والحصن الذي تلجأ إليه العروبة حين تشتد الأزمات.
واختتم البستنجي حديثه قائلًا إن خطاب الرئيس السيسي ليس مجرد موقف سياسي، بل شهادة أصالة تؤكد أن مصر ستظل وفية لمبادئها وحامية لشرفها الوطني ومتمسكة بدورها كركيزة لا غنى عنها في المنطقة.
وأكد البستنجي أن الموقف المصري الصلب لا يكتمل دون الإشادة بالموقف الأردني النبيل، الذي يقوده جلالة الملك عبد الله الثاني بثبات القادة العظام، متناغمًا مع موقف الرئيس السيسي، وأضاف أن الأردن، منذ احتضان القدس والمقدسات، ظل الدرع الحامي للحق الفلسطيني، رافضًا أي مساس بكرامة الفلسطينيين أو محاولة اقتلاعهم من أرضهم.
واختتم البستنجي مؤكدًا أن هذا الالتحام بين القاهرة وعمّان يجسد العروبة في أنقى صورها، حيث تجتمع العاصمتان على كلمة واحدة: "فلسطين ليست قضية نساوَم عليها، بل حق خالد لا يموت".
الثوابت التاريخية
قال الدكتور نزار نزال، المحلل السياسي والباحث في الشأن الإسرائيلي، إن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلق بتهجير الفلسطينيين كانت حادة وصارمة، معبّرة عن موقف قوي وصل صداه إلى مختلف أنحاء المنطقة، وأكد أن مصر العربية استشعرت الخطر الحقيقي الذي يهدد القضية الفلسطينية.
وأوضح نزال أن ترامب يسعى لنقل الصراع من غزة إلى مصر والأردن، دون تقديم أي حلول حقيقية لإنهاء النزاع، بل فقط تغيير ساحة المواجهة، وأشار إلى أن مصر تدرك تمامًا أن نقل آلاف أو حتى ملايين الفلسطينيين إلى أراضيها سيعرض الأمن القومي العربي للخطر، فضلًا عن التهديد بتغيير ديموغرافي كبير.
وأضاف نزال أن تصريحات الرئيس السيسي جاءت في توقيتها المناسب، وكانت متوقعة، حيث عبّر بوضوح وصراحة أمام شعبه وأمته عن موقف مصر الثابت، وأكد أن السيسي وضع القضية أمام الشعب المصري، وهو ما تجلّى في توجه جموع من المصريين إلى معبر رفح وتنظيم مظاهرات رافضة للطرح الأمريكي.
وأشار نزال إلى أنه، على الصعيد الشخصي، يشكك في جدية الرئيس الأمريكي بشأن هذا المقترح، معتبرًا أن جزءًا من حديثه يمثل محاولة لكسب ود الصهيونية الدينية لضمان بقائه في الحكومة وتجنب الاستقالات، خاصة في ظل الضغوط التي يواجهها مع لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمناقشة وقف العمليات العسكرية وإنهاء الحرب.
ولفت نزال إلى أهمية الاجتماع الذي عقد في القاهرة لوزراء الخارجية العرب، بمشاركة الإمارات والسعودية، معتبرًا أنه خطوة إيجابية تعكس سعي مصر لحشد كل مقدراتها واستخدام كافة أوراقها لمنع تصفية القضية الفلسطينية.
وأكد نزال أن الأجواء في القاهرة تعكس حالة من الغضب الشديد تجاه تصريحات ترامب، مشددًا على أن مصر ليست دولة بسيطة أو صغيرة، بل دولة ذات وزن وثقل إقليمي وجيش قوي، ما يجعلها مؤثرة في معادلات المنطقة.
واختتم قائلًا إن حديث الرئيس السيسي ينبع من قوة الدولة المصرية وثبات مواقفها، وليس من موقف ضعف، وهو أمر بالغ الأهمية في هذه المرحلة.