الأوطان لا تباع ولا تشترى

6-2-2025 | 14:13

بين الوسائل السياسية المتعددة ومفردات القوة الرشيدة، تتعامل القيادة المصرية بشجاعة لمواجهة دعوة الرئيس ترامب بتهجير أبناء غزة إلى مصر والأردن لتصفية القضية الفلسطينية، استكمالًا لأهداف نكبة 1948. لا يساورني شك في إدراك مصر أبعاد هذا المخطط الشيطاني، ومن ثم لن أتطرق إلى أمور يدركها الجميع فيما يتعلق بخطورة دعوة الرئيس ترامب والرد الحاسم من الرئيس السيسي برفض ذلك، وتحرك الدولة على جميع المسارات لإفشالها.

الأمر الذي يجب أن ننتبه له هو ما بعد هذه الدعوة؛ لأنه من السذاجة الاعتقاد بأن الرئيس ترامب، حين أعلن خطته، كان يتوقع أن ينال موافقة مصر والأردن، هو يدرك تمامًا أن المواجهة سوف تكون طويلة وأن هناك سيناريو يحتمل أن يمارس فيه ضغوطًا على مصر؛ لقبول تهجير الفلسطينيين من غزة. 

هذه الضغوط يمكن أن تكون سياسية واقتصادية وعسكرية، والتأثير على دول الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالمنح والمساعدات والاستثمار بمصر، وكذلك التأثير على الشركات الأمريكية والأخرى متعددة الجنسية للحد من استثماراتها بمصر، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والتكنولوجيا، علاوة على توجيه الرأي العام العالمي، من خلال وسائل الإعلام الغربية، للتشكيك في سياسات مصر بالداخل والخارج. 

الضغوط السابقة، بغض النظر عن احتمالات وتوقيتات حدوثها، يحتاج التغلب عليها إلى عاملين أساسيين، أولهما تتولاه الدولة بأجهزتها المختلفة، واثق أنها تدركه وقادرة على إنجازه، سواء ما يتعلق باللقاءات المباشرة بين الرئيس السيسي والرئيس ترامب وغيره من الرؤساء، أو بوضع إستراتيجية متكاملة لمواجهة انعكاسات هذه الضغوط، حال حدوثها، على الاقتصاد والمجتمع المصري بدعم الصناعات المحلية، وتنشيط التعاون الاقتصادي مع دول خارج الاتحاد الأوروبي، وإدارة حملة إعلامية دولية؛ لتوضيح موقف مصر للرأي العام العالمي، والاستفادة من الجاليات المصرية والعربية في الخارج؛ لدعم الموقف المصري، بتنظيم فعاليات وأنشطة تضامنية لتوضيح مخاطر التهجير القسري على استقرار الشرق الأوسط. 

أما العامل الثاني، وهو الأخطر، فهو فرض عين على كل مواطن مصري باستمرار رفضه الصارخ لتهجير الفلسطينين، وتمسكه الصلد بلحمته الوطنية، والتفافه حول قيادته. قد يظن البعض أن الرئيس الأمريكي يتصرف وكأنه سيد العالم، يأمر فيطاع، ولكن حقيقة الأمر أن تحقيق أهداف ترامب يتوقف على قوة صمود من يواجهه، ومدى إيمانه بقيادته ودعمه لها.

بكل تأكيد يدرك أبناء الوطن ذلك، ويعرفون أن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يعني تخلي مصر عن جزء من أرضها، والأرض لنا عرض، ومن يدافع عن عرضه يحق له علينا دعمه وشد أزره، ليعلم ترامب وغيره أننا لا نبيع دماء شهدائنا على أرض الفيروز، أو أرض فلسطين؛ لأن الأوطان لا تباع ولا تشترى.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
د. أحمد مختار يكتب: رؤية مختلفة لمشروعات التنمية

بين الحين والآخر يتساءل البعض عن مشروعات الطرق والكباري، وكذلك مشروعات البنية الأساسية التي يجري تنفيذها بمصر باستثمارات ضخمة، مبعث السؤال غالبًا لا يرتبط

الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي

من يأخذ زمام المبادرة في نشر الأخبار سياسية كانت أم اجتماعية؟ هل المواقع الصحفية المرخص لها بذلك أم صفحات السوشيال ميديا التابعة لأفراد لا نعلم حقيقتهم

العودة للجذور

منذ أربع سنوات أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى مبادرةً العودة للجذور فى القمة الثلاثية بنيقوسيا فى نوفمبر 2017، وجاءت النسخة الأولى فى أبريل 2018 بمشاركة

قوة رشيدة

ساعات قليلة ويعقد مجلس الأمن اجتماعه المرتقب لبحث مشكلة السد الإثيوبي، الآمال المعلقة لدى البعض على اجتماع المجلس واعتباره المحطة الأخيرة فى مشوار السد

«30 يونيو» درع وسيف

تمثل الأحداث المهمة التى ترتبط ببقاء الأوطان قوية آمنة؛ علامات فارقة يتوقف التاريخ أمامها عندما يسطر مسيرة الإنسان والمكان، يطوى صفحات أوطان تمزقت، فهام

حتى يعود البريق

عندما امتلكت الدولٌ الكبرى القوة الاقتصادية والعسكرية سعت للهيمنة على العالم بنشر قيمها وثقافتها على أنها القيم الإنسانية المثلى، البداية كانت بنشر اللغة

ثقافة تنقذ حياة

عندما سقط كريستيان إريكسن لاعب الدنمارك، منذ أيام قليلة أثناء إحدى مباريات كرة القدم الأوروبية انخلعت قلوب المشاهدين والمتابعين، خاصة أن اللاعب سقط بدون