قالت صحيفتا الوطن وعمان العمانيتان، إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيَّته (تملُّك) قِطاع غزَّة، بعد تهجير سكَّانه قسرًا إلى مصر والأردن، يُشير إلى أنَّنا أمام مشروع استعماري جديد، يُعِيد إلى الأذهان عصور الاحتلال العسكري المباشر، حيثُ تسعَى واشنطن إلى فرضِ سيطرتها على الأرض بالقوَّة، متجاهلةً الإرادة الفلسطينيَّة والعربيَّة والدّوليَّة، مشيرة إلى أن ما يقترحُه ترامب ليس مجرَّد حلٍّ سياسي، بل هو إعلانُ حربٍ مفتوحة على شَعبِ غزَّة، وعلى كُلِّ مَنْ يرفض الإملاءات الأمريكيَّة ـ الإسرائيلية في المنطقة.
موضوعات مقترحة
وأوضحت صحيفة الوطن العمانية في افتتاحيتها اليوم تحت عنوان "خطَّة سرقة غزة وإعلان الحرب على المنطقة" أنه لم يكُنْ مفاجئًا أنْ تواصلَ الإدارة الأميركيَّة، بقيادة دونالد ترامب، انحيازَها المُطْلَق للاحتلال الإسرائيلي، لكن ما كشفَه الرَّئيس الأمريكي مؤخرًا بشأن خطَّته لقِطاع غزَّة يتجاوز كُلَّ الحدود،وينقل الولايات المتحدة من موقع الرَّاعي غير المحايد، إلى عدوٍّ مباشرٍ ليس للفلسطينيِّين وَحْدَهم، بل للمنطقة بأكملِها ، والأخطر من ذلك أنَّ ترامب لم يكتفِ بإعلان خطَّته، بل أرفقَها بتهديدٍ واضح باستخدام العُنف إذا لم يتمَّ تنفيذها، وهو ما يعكسُ عقليَّةً إمبرياليَّة لا ترَى في المنطقة سِوَى ساحةٍ لتنفيذِ مشاريعها الاستراتيجيَّة دون أي اعتبار للحقوق الإنسانية أو الشرعيَّة الدّوليّة.
وأضافت الصحيفة، أن ما يجعلُ هذه الخطَّة أكثر خطورةً هو أنها تأتي في سياق دولي متوتر، حيث يبدو أنَّ ترامب لا يكتفي بإشعال الصراعات، بل يسعَى إلى خلْقِ معركةٍ كُبرى قد تجر العالم إلى مواجهة جديدة، فالتهديد باستخدامِ العنف واحتمالية نشرِ قوَّات أمريكية في غزة يعني أن الولايات المتحدة مستعدةٌ لتحويلِ القِطاع إلى ساحةِ حربٍ دائمة، وقوَّةٌ قائمةٌ بالاحتلال،ممَّا قد يدفعُ قوى إقليمية ودولية إلى التدخل، فتتحول القضية من شأنٍ فلسطيني إلى شرارة لصراعٍ أوسع.
وأشارت إلى أن ما يحدُث اليوم ليس مجرد خطوةٍ أخرى في مسلسل التآمر على القضيَّة الفلسطينيَّة، بل هو لحظةٌ فارقة تكشفُ بوضوحٍ أنَّ الولايات المتحدة لم تعد تحاول إخفاءَ نيَّاتها، بل تتصرَّف كقوَّةِ احتلالٍ مباشرة، مستعدَّة لاستخدامِ العُنف لتحقيقِ أهدافها، فهذه ليسَتْ مجرَّد خطَّة سياسيَّة، بل جريمةٌ مكتملةُ الأركانِ تستهدف شَعبًا بأكملِه، وتفتحُ البابَ أمامَ موجةٍ جديدة من عدم الاستقرار، قد تكُونُ مقدِّمةً لحربٍ عالَميَّةٍ ثالثة بنسخة جديدة. فالمطلوب اليوم ليس فقط رفْضَ هذه الخطَّة، بل مواجهتها بكُلِّ الوسائل المُمكنة؛ لأنَّ السَّماح بتمريرِها لن يعنيَ فقط ضياع غزَّة، بل سيكُونُ بدايةً لمشروعٍ أكبر يُهدِّد مستقبلَ المنطقةْ بأسرِها، فغزَّة ليسَتْ للبيع، وسكَّانها ليسوا مجرَّد أرقام يُمكِن ترحيلهم بأوامر من واشنطن وتل أبيب، والمواجهة القادمة ستكُونُ معركة وجوديَّة لكُلِّ شُعوبِ المنطقةِ في مواجهةِ مشروعٍ استعماريٍّ جديد.
ومن جهتها.. قالت صحيفة عمان اليوم في افتتاحيتها تحت عنوان .. "غزة في مواجهة فكر إمبريالي جديد"، إن الرئيس الأمريكي ترامب فجر مفاجأة من العيار الثقيل ضربت كل القيم والمبادئ السياسية الدولية حينما طرح فكرة «الاستيلاء» على قطاع غزة بعد تهجير وتشريد سكانها وتحويلها إلى «ريفييرا الشرق الأوسط».. لكن الاستيلاء هذه المرة ليس من قبل أو لصالح إسرائيل وإنما من أمريكا ولصالحها إلى حد جعلت رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه يشعر بالغرابة وإن قال إن الأمر سيكون «حدثا تاريخيا».
وظهر ترامب الذي بدا منفصلا عن الواقع وكأنه مطور عقاري يحمل فكرا إمبرياليا يعود إلى القرن التاسع عشر، مشيرة إلى أن هذا الطرح الإمبريالي، الغريب، يعزز أطروحات سابقة قالها ترامب في الأسابيع الماضية عندما تحدث عن شراء جرينلاند وضم كندا واستعادة قناة بنما وإعادة تسمية خليج المكسيك إضافة إلى توجهاته الإمبريالية المنطلقة من الفكر الاقتصادي.
وأوضحت الصحيفة، أن الغريب في الأمر أن ترامب كان يتحدث بكثير من الثقة، التي تؤكد انفصاله الحقيقي عن الواقع، حينما أصر أن كل من مصر والأردن ستوافقان على خطة تهجير الشعب الفلسطيني وهذا يؤكد أن الرجل ينظر من منظور المطور العقاري وليس من منظور رجل سياسة يرأس أقوى دولة في العالم، والراعية الأولى للنظام العالمي رغم أن الرجل لا يبدو أنه في وارد الحفاظ على هذا النظام الذي يعمل بالفعل على هدمه وإدارة العالم برؤية تقوم على معيار القوة الواحدة دون أي اعتبار للقوانين والتشريعات أو حتى فكرة الديمقراطية التي يمقتها الرجل بشكل كامل.
وأضافت الصحيفة أنه من الواضح أن ترامب لا يعنى بتبعات حديثة القانونية أو السياسية أو حتى اللوجستية.. فلا يمكن أن تحدث أي عملية تهجير للشعب الفلسطيني في قطاع غزة أو حتى في الضفة العربية بمعزل عن موافقة مصر والأردن بشكل أساسي. وبعيدا عن الرأي الشعبي في العالم العربي الرافض لهذا الطرح فإن حتى القيادات السياسية في كل من مصر والأردن لا يمكن لهما إقرارها هذا المشروع تحت أي ضغط أمريكي لأن لمثل هذه الموافقة تبعات قانونية وشعبية وربما يصل الأمر إلى وضع شرعية هذه القيادات على محك شعوبها.
وأشارت إلى أنه ليس أمام الرئيس الأمريكي إلا العودة إلى المؤسسات الأمريكية وبشكل خاص مؤسسة الخارجية وكذلك المؤسسة الأمنية فهي الأقدر على فهم تبعات تصريحات ترامب وأثرها على علاقة أمريكا بأصدقائها في منطقة الشرق الأوسط .. وهي التي تملك أيضا سجلا تاريخيا للقضية الفلسطينية ومساراتها منذ أكثر من 75 عاما وما هو الممكن وغير الممكن في كل الأطروحات التي طرحت على مدى هذا الخط الزمني.