Close ad

"50 عامًا على رحيل كوكب الشرق".. صفحات من الولع العربي والعالمي بأم كلثوم

3-2-2025 | 15:49
  عامًا على رحيل كوكب الشرق  صفحات من الولع العربي والعالمي بأم كلثوم أم كلثوم
مصطفى طاهر

بعد رحيلها بخمسين عاما، تبقى دُرة الفن محتفظة بموقعها الثابت كبطلة الغلاف، كيف استطاعت الفتاة الريفية البسيطة بنت الشيخ إبراهيم السيد البلتاجي، أن تحتل موقع الصدارة في القلوب والأذهان لنصف قرن خلال حياتها، ونصف قرن آخر بعد رحيلها عن دنيانا.

موضوعات مقترحة

هل نستطيع من الأصل أن نعتبر "أم كلثوم" قد رحلت بوفاتها؟ وهي التي ما زالت تحتل موقعا أصيلا في حياة وذكريات المصريين والعرب، حتى وسط الأجيال التي جاءت بعد وفاتها ولم تعاصرها. 

ثومة، الجامعة العربية، الست، سيدة الغناء العربي، شمس الأصيل التي حملت لنا كل الدفء، الطفلة المعجزة التي أشرقت على مصر يوم 31 ديسمبر 1898م، وأغرقتنا بعبقريتها منذ خطواتها الأولى.

الصوت القادم من قرية "طماي الزهايرة" تقدم إلى عرش الفن بثبات منذ اللحظة الأولى، وكأنه يذهب لمصيره المحتوم، والدها الشيخ "إبراهيم" إمام ومؤذن مسجد القرية، ووالدتها "فاطمة المليجي" ربة المنزل البسيطة كانوا شهود عيان على المعجزة في بداياتها، ثم جاء أبطال الملحمة الذين حملوها على أكتافهم، الشيخ أبو العلا محمد، ومن بعده الشيخ زكريا أحمد، والعبقري محمد القصبجي، وشاعر الشباب "أحمد رامي" الذي أفنى حياته تحت مظلة صوت كوكب الشرق، صنعوا البداية الرائقة التي كانت نتيجتها رحلة صعود ملحمية، أشعلت مسارح مصر والوطن العربي ووصل صيتها إلى كل أرجاء العالم عبر السنين، ثومة التي ما زلنا ننتظرها ليلة الخميس الأولى كل شهر، وكأنها لا تغيب أبدًا.

أجرها 3 جنيهات في أول حفلات القاهرة

كان عمل أم كلثوم في البداية مجرد مصدر دخل إضافي للأسرة، لكنها تجاوزت أحلام الأب بسرعة وتحولت إلى المصدر الرئيسي لدخل الأسرة الفقيرة، وبدأ صيت أم كلثوم ينتشر في أنحاء الدلتا، أدرك الأب اختلاف ابنته بعدما أصبح ابنه الشيخ خالد والأب ذاته في بطانة ابنته الصغيرة، وذات مرة أثناء إحدى رحلاتهما في القطار قابلا الشيخ "أبو العلا محمد" بالمصادفة، وسمعها الشيخ وهي تردد ألحانه دون أن تعرف أنه معها في القطار، لتبدأ مرحلة جديدة في حياة أم كلثوم، تلاها تعرف والدها على الشيخ زكريا أحمد الذي جاء إلى السنبلاوين لإحياء ليالي رمضان، وبدأت رحلة إقناع الأب بضرورة انتقال أم كلثوم إلى القاهرة، وجاءت الخطوة الأولى في مشوارها الفني بالقاهرة حينها أحيت ليلة الإسراء والمعراج بقصر عز الدين يكن باشا، وخطفت أنظار الحضور وأعطتها سيدة القصر خاتما ذهبيا، وحصلت أم كلثوم على 3 جنيهات أجرًا لها، وكان ذلك أول مكسب مادي تحققه من غنائها في ليالي القاهرة.

تحليل شخصية أم كلثوم يقدم نموذجا مثاليا أيضا للتجرد والمرونة، التي جعلتها قادرة على مجاراة التطور والمجتمع القاهري الجديد الذي انتقلت لتعيش فيه،  والمختلف تماما عن مجتمعها الصغير الذي نشأت فيه في قرية طماي الزهايرة، هذا التجرد هو ما جعل من الست حالة محلقة في سماء المجتمع، تحولت معه إلى أيقونة مقدسة، خرجت الجماهير لتودعها كشخصية مركزية في حياة الأسرة المصرية، وليست مجرد فنانة عشقتها قلوب السميعة، وهذا التحول هو ما جعل أم كلثوم تصنع ذلك التغيير الكبير في حياتنا، الباقي والمستمر حتى بعد رحيلها بسنوات طويلة، التغيير الذي وصفه الناقد الشهير "جودون جسكيل" في مجلة "لايف" الأمريكية بأنه يشمل حياة الناس في الشرق الأوسط على اختلاف طبقاتهم وأعمارهم وعقائدهم مرة في كل شهر، ودائما في العاشرة مساء، المرور يكاد يتوقف في القاهرة، وفي مقاهي الدار البيضاء تختفي الطاولة، وفي بغداد يترك الأغنياء تجارتهم والمثقفون كتبهم، وتفرغ الشوارع من المارة، وكلهم آذان تتركز على إذاعة القاهرة في انتظار أم كلثوم.


أم كلثومأم كلثوم

أم كلثومأم كلثوم

أم كلثومأم كلثوم

أم كلثومأم كلثوم
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة