Close ad

شهر رمضان وطلبات الاستدعاء

2-2-2025 | 15:23

في كل عام تجد الجميع يتعجل موعد حلول شهر رمضان، ظاهرة تتكرر وتزداد خاصة في هذه الأيام التي نستيقظ فيها على أخبار أغلبها يدعو للقلق والخوف مما هو آت، ربما استوقفك هذا الشيء وذهب بك إلى دروب من تعجب وحالات من استغراب، فلم يكن في الماضي أناس يفكرون في تعجل لمناسبات كشهور وأيام، ربما نتج هذا عن علمهم بأن مجيئه سوف يمنحهم الأمان، فهو كما نعلم أفضل شهور العام. 

ربما يكون أيضًا ذلك هو السبب الحقيقي في حياة تدور فيها الأحاديث عن توافه الأمور، وتعمد البعض لنقلك، على غير إرادة منك، لمنطقة تبتعد بك كل الابتعاد عن منطقة الطاعة الكاملة لله، أو ربما أنك تريد أن تنجو سريعًا من حروب نفس اتخذت من قلبك وعقلك ساحات للعراك والجدال، نفسك التي أصبحت لا تكف عن حديثها معك عن هواها، ولا تذكرك إلا بإتيان ما نهاك الله عنه. 

لعلك تخشى أن تظل هناك وحيدًا تصارع بمفردك كل تلك الأهوال، ولعل ذلك أيضًا هو ما أشعل حنينك لعودة شهر كريم مبارك يحثك على العبادة ويعدك بتوبة من الله، شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وأخره عتق من النار، شهر تتعلق فيه القلوب بأجمل الذكريات التي مرت بك، تنتظر نفحاته من العام إلى العام، تحلم بأنواره، تستبشر ببركاته، شهر تود قلوبنا فيه أن لو تمكنت من احتضان أيامه ولياليه. 

تحييها القلوب الرقيقة بذكر الله وبتلاوة القرآن الكريم، تُقدم فيه على صيام وإخراج زكاة، تستقبله بفرحة عارمة تشبه فرحة الأطفال بفانوس يضيء لهم الطرقات، فرحة تشبه فرحة إنسان شارف على الغرق، ثم عثر أخيرًا على شاطئ أمان، شهر رمضان الذي نذكر فيه اسم الله كثيرًا ونتقرب إليه بالطاعات، نهزم فيه أنفسنا التي عانت من فترات غربة وضياع، كلنا أصبحنا في حاجة ماسة للثلاثين يومًا نملؤها بعبادة تخلو من أي طيف لانشغال، وكفى ما مر بنا من وقت اختزل من ثواب الأعمال ما شاء وكيف شاء.

شهر نود فيه الاختباء من متاعب الحياة، من عذاب نفس ضعفت وأقبلت على الاستسلام -لولا- بعض من إيمان، نفس أصبحت رهينة لأجهزة لم تكن يومًا في الحسبان، فتنة بين يدينا تحتاج منا لتقنين فكم أكلت من أعمارنا من دقائق وساعات، فلا تواصل تم بها ولا بقي الحال كما كان، بعد أن تآكلت بفعلها بركات أيام وأعوام.

ربما كان هذا هو السبب الذي جعلنا نتوجه فيه إلى الله ندعوه أن يمن علينا بمجيء شهر رمضان، إنه شهر يملك صلاحيات تهذيب القلوب ومنعها من إتيان ما لا يرضى الله عنه، كلنا نود أن نمنح أنفسنا فرصة أخرى لعلها تصنع منا عبادًا صالحين لا ننصرف عن القيام بكل ما أمرنا به الله، نكون عبادًا لله لا تلهينا عن عبادته زخارف الحياة.

ندرك أننا ما خلقنا إلا لذلك، نعلم أن العودة لله هى سبيل النجاة، نتعلق بركوع وسجود، ونعرض عن انشغال بمتاع زائل وفتنة تجلبها الحياة.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة